زاكروس - أربيل
يتعرّض الجيش اللبناني الذي كلّفته الحكومة نزع سلاح حزب الله، لضغوط إسرائيلية وأميركية متزايدة، أطاحت بزيارة كانت مقررة لقائده إلى واشنطن هذا الأسبوع، وفق ما أفاد مصدر عسكري لوكالة فرانس برس.
ومنذ سريان وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه بوساطة أميركية، وأنهى في 25 تشرين الثاني حربا استمرت لعام بين حزب الله وإسرائيل، عزز الجيش انتشاره في الجنوب حيث بات عديده حاليا يتجاوز تسعة آلاف عنصر.
وشرع منذ أيلول في تفكيك بنى الحزب العسكرية من منطقة جنوب نهر الليطاني، الواقعة على مسافة حوالى 30 كيلومترا من الحدود مع إسرائيل، تطبيقا لخطة أقرتها الحكومة. ونصت المرحلة الأولى من الخطة على نزع السلاح من المنطقة الحدودية بغضون ثلاثة أشهر تنتهي مع نهاية العام الحالي.
وقال المصدر العسكري الذي تحفّظ عن ذكر اسمه "نحن ملتزمون بالخطة ضمن الجدول الزمني المصدق عليه في مجلس الوزراء والذي يعرفه الأميركيون والأطراف المعنية كافة".
وأضاف "ما يطلبونه اليوم هو نزع سلاح حزب الله من كل لبنان قبل نهاية العام، وهذا أمر مستحيل"، مبديا خشيته من أن تمهّد "الضغوط الأميركية والإسرائيلية الممنهجة لحصول تصعيد في الضربات".
وتتهم إسرائيل، التي تواصل شنّ ضربات دامية، السلطات اللبنانية بـ"المماطلة" في سحب سلاح الحزب، الذي يرفض بالمطلق تجريده من سلاحه.
ورغم جمعه السلاح وتفكيكه بنى تحتية للحزب وأنفاق، يجد الجيش اللبناني نفسه عاجزا عن تلبية مطالب من بينها تفتيش المنازل في كل قرية، وسط نقص في العتيد والعتاد وخشية من مواجهات مع المجتمعات المحلية.
وشهد هذا الأسبوع التوتر الأبرز بين الجيش اللبناني والولايات المتحدة، التي تعدّ أبرز داعميه، بعد تبلّغ قائد الجيش رودولف هيكل إلغاء مواعيد لقاءات مع مسؤولين سياسيين وعسكريين كانت مبرمجة ضمن زيارة مقررة إلى واشنطن الثلاثاء.
ودفع ذلك هيكل إلى إلغاء زيارته، قبل ساعات من موعد سفره، وفق المصدر.
وجاء ذلك إثر اعتراض أعضاء في مجلس الشيوخ، بينهم السناتور الجمهوري ليندسي غراهام، على مضمون بيان أصدره الجيش الأحد، وصف فيه إسرائيل "بالعدو"، في معرض تنديده بإطلاق قوات إسرائيلية النار على عناصر من قوة الأمم المتحدة العاملة في جنوب لبنان (يونيفيل).
وفي منشور على إكس الثلاثاء، كتب غراهام الذي كان مقررا أن يلتقي هيكل، "من الواضح أن قائد الجيش اللبناني، بسبب إشارة إلى إسرائيل على أنها العدو، وبسبب جهوده الضعيفة أو شبه المعدومة لنزع سلاح حزب الله، يشكل انتكاسة كبيرة للجهود الرامية إلى دفع لبنان إلى الأمام".
وأضاف "هذا المزيج يجعل من الجيش اللبناني استثمارا غير مُجد للولايات المتحدة".
وفي موازاة ضغط واشنطن لتجريد حزب الله من سلاحه، تحض السلطات اللبنانية كذلك على تجفيف مصادر تمويله من داعمته إيران.
والولايات المتحدة هي الداعم الأبرز والأكبر للجيش اللبناني الذي يضم ثمانين ألف عنصر، عبر مساعدات تتضمن تدريب كوادر وإمداده بآليات عسكرية وأنظمة مراقبة وصيانة معدات عسكرية.
ورغم وعود بعقد مؤتمرات دولية لدعم الجيش من أجل تنفيذ مهمته في المنطقة الحدودية، إلا أنه لم يحصل بعد على المساعدات المطلوبة.
وبموجب اتفاق وقف إطلاق النار الذي يُتم عامه الأول الأسبوع المقبل، تعمل لجنة على مراقبة آليات تطبيقه، تضمم ممثلين عن الولايات المتحدة وفرنسا والجيشين اللبناني والإسرائيلي وقوة يونيفيل.
ويعمل الجيش بالتنسيق مع رئاسة اللجنة التي تبلغه بإحداثيات مواقع ومستودعات لحزب الله، بناء على معطيات تزودها بها إسرائيل. ويتجه عناصر الجيش الى تلك المواقع بالتنسيق مع قوة يونيفيل لتفكيك السلاح. وبين الحين والآخر، يعلن الجيش عن مواعيد تفجير ذخائر في بلدات جنوبية عدة.
ومنذ وقف إطلاق النار، نعى الجيش 12 عنصرا قتلوا خلال قيامهم بأعمال عسكرية داخل أنفاق أو جراء انفجار ألغام أو أسلحة عند تفكيكها ونقلها.
وقال المصدر العسكري اللبناني إن اللجنة "تطلب من الجيش اللبناني القيام بتفتيش القرى والبلدات منزلا منزلا" بحثا عن السلاح. ولا تتوفر لدى الجيش القدرات التقنية ولا العديد الكافي لتمشيط مساحات واسعة بينها وديان وعرة، عدا عن خشيته من إشكالات مع المجتمعات المحلية الحاضنة لحزب الله.
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات حتى الآن