زاكروس – أربيل
أكد رئيس حكومة إقليم كوردستان، مسرور بارزاني، اليوم الأربعاء (25 حزيران 2025)، بأن وفداً رفيع المستوى من بغداد سيزور الإقليم خلال اليومين المقبلين بنية معالجة ملف رواتب موظفي الإقليم المتأخرة، معرباً عن تفاؤله بإمكانية التوصل إلى نتائج إيجابية تصب في مصلحة شعب كوردستان قريباً.
وقال مسرور بارزاني في مؤتمر صحفي: "خلال الأسبوعين الماضيين رأينا جميعاً حدوث حرب مدمرة ودامية بين إسرائيل وإيران، وكانت هنالك مخاطر من امتدادها إلى المنطقة ككل، لكن بمبادرة أمريكية من الرئيس ترامب تم إعلان وقف إطلاق النار، وهذا يصب في مصلحة المنطقة وآمل أن يؤدي إلى استعادة السلام والاستقرار فيها"، مضيفاً: "لقد بذلنا كل ما بوسعنا لتجنيب إقليم كوردستان هذه الحرب والتوترات، ويجدر هنا أن أشكر دولة رئيس الوزراء السوداني الذي عمل على النأي بالعراق عن هذه الحرب، كما أشكر وزير الخارجية العراقي الذي كان له دور مؤثر في المحافل الدبلوماسية".
وتابع: "آمل انتهاء الحرب، وأن يكون الحوار بديلاً عن الصراعات، وأن تتجه منطقتنا نحو السلام والتنمية الاقتصادية".
وشدد على أن "سياستنا ثابتة برفض العنف والحروب، واستخدام الإقليم لمصلحة أي طرف أو ضرب آخر، نحن نحترم جيراننا، ولا نقبل أن يكون الإقليم مصدر خطر على أي من دول الجوار، كما نؤكد حماية مصالحنا مع جميع الدول الصديقة".
وأضاف: "الصراع الإيراني الإسرائيلي وما تخلله من إسقاط طائرات مسيرة وبقايا صواريخ لم يتسبب بأي خسائر بشرية في الإقليم، لكن كانت هنالك أضرار مادية ومنها تعليق حركة الملاحة الجوية وإغلاق المطارات".
العلاقات مع بغداد وملف الرواتب والنفط
وذكر مسرور بارزاني: "فيما يتعلق بالعلاقات بين إقليم كوردستان والحكومة الاتحادية وملف الرواتب وهي مسألة مهمة، أود من هنا أن أشكر مواطني إقليم كوردستان والموظفين بشكل خاص على صبرهم وتحملهم إزاء عدم صرف رواتبهم لمدة شهرين بشكل غير قانوني وغير دستوري، ونرى أنه كان يجب عدم زج موظفي الإقليم منذ البداية في الخلافات بين حكومتي الإقليم والعراق، ولكن بفضل الله ودعم إقليم كوردستان واثق من انتهاء هذه الأزمة، قوتنا تنبع من ثقة شعب كوردستان والتي تدفعنا للتمسك بحقوقهم، ونحن لن نساوم على أي حق دستوري لشعب كوردستان، وسنواصل جهودنا المستمرة بشكل يومي، واتصالاتنا مع بغداد، وقد تحدثت يوم أمس مع السيد رئيس مجلس القضاء الأعلى والسيد رئيس مجلس الوزراء بهذا الغرض، وقد أعلن كلاهما الاستعداد لإرسال وفد خلال اليومين المقبلين إلى الإقليم وإجراء مناقشات جادة وحقيقية لمعالجة مشكلة رواتب موظفي الإقليم".
وطمأن شعب كوردستان بأن "حكومة الإقليم تبذل كل ما بوسعها من جهود للحفاظ على حقوق المواطنين، وآمل التوصل لنتيجة إيجابية خلال وقت قصير وفي غضون الأيام القليلة المقبلة من أجل معالجة مسألة الرواتب وتأمينها".
وشدد على أن "حكومة الإقليم أدت كل التزاماتها، وبطبعي أود أن أكون متفائلاً دائماً، لكنني لا أستطيع أن أتعهد نيابة عن بغداد بحل مشكلة الرواتب، لكن ما سمعته بأن الوفد يزور الإقليم بنية حل هذه المسألة وآمل أن تلتزم بغداد بوعودها السابقة لأن هذا يعود بالنفع على العراق ككل".
وأوضح: "نتيجة شكوى من الحكومة الاتحادية أمام محكمة باريس تم إيقاف تصدير نفط إقليم كوردستان في 2023، وهذا كبد خسائر تقدر بـ25 مليار دولار، والحكومة الاتحادية لم تعوض الإقليم عن هذه الأضرار، كما أدى القرار إلى عدم تمكين الشركات النفطية من مواصلة الإنتاج بالشكل المطلوب ما أدى إلى انخفاض معدلات الإنتاج بشكل كبير، وهناك مشاكل فنية وقد كانت هناك محادثات متواصلة بين النفط الاتحادية ووزارة الثروات الطبيعية".
ولفت إلى أنه "بصراحة المشكلة ليست مع الإقليم بل مع الشركات المنتجة وهي جزء من المعادلة، ولا بد من الاتفاق معها لضمان مستحقاتها، لذا فأن انخفاض معدل الإنتاج سببه قيام الحكومة الاتحادية بعرقلة التصدير، وما يتم إنتاجه يعود جزء منه للشركات ذاتها لتكون قادرة على مواصلة إنتاج النفط فضلاً عن سد حاجة الاستهلاك المحلي واستخدامه في تشغيل محطات توليد الكهرباء".
وأردف قائلاً: "الاتفاقات التي أبرمناها في أمريكا هي حق دستوري وقانوني للإقليم، لأنه كانت هناك اتفاقيات سابقة مع شركتين أخريين لكن بسبب الإخلال بتنفيذ العقد، كان من حق حكومة الإقليم إحالة العقد لشركات أخرى وقد عقدنا اتفاقيتين في واشنطن مع شركتين أمريكيتين واللتين تعملان في الإقليم منذ أكثر من 15 عاماً، أي أنه ليس هناك أي مخالفة قانونية تتذرع به الحكومة الاتحادية لقطع الرواتب. الإقليم ككيان دستوري يجب أن يكون له ميزانية، في حين لم يتم إرسال ثلاثة رواتب للإقليم في 2023، وراتبين في 2024. كنا ننتظر قراراً من المحكمة الاتحادية لكن بسبب استقالة أعضائها لم يحدث ذلك، لذا نحن نأمل من مجلس القضاء الأعلى تبني معالجة لمسألة الرواتب".
وأشار إلى أنه "لن نغلق باب الحوار مع بغداد من أجل الوصول إلى حلول، الوفد الذي سيزور الإقليم سيكون رفيع المستوى وقادراً على إصدار القرار لا وفداً فنياً فقط، ولقد تحدثت شخصياً مع رئيس الوزراء، وكما تلقينا وعوداً، فأن الوفد يهدف لتقرير التوصل إلى نتائج إيجابية تصب في مصلحة شعب كوردستان"، مبيناً أن "بغداد ليست حكراً على أحد، يجب أن نكون جميعاً متساوين في هذا البلد، ونعد أنفسنا جزءاً من أصحاب القرار، وسنبذل كل ما يمكن للتوصل لاتفاق عادل، وإذا لم يتحقق ذلك فهذا يعني أن هناك خللاً جاداً في تطبيق الدستور".
وأشار إلى أن "الشركات النفطية تطالب بكلف الإنتاج، وهذا يختلف بين الإقليم والعراق، فقد خصصت الحكومة الاتحادية لنفسها 18 مليار دولار من أجل الصيانة وإدامة الإنتاج، في حين أن كلف الاستخراج والإنتاج والنقل ومستحقات الشركات تكون في حزمة واحدة في الإقليم"، مؤكداً أن "الضغوط الاقتصادية على الإقليم من توقف تصدير النفط والرسوم الجمركية وغيرها أدت إلى عرقلة الوصول إلى ما نطمح إليه من إمكانيات اقتصادية والإيفاء بالالتزامات المالية. وما زلنا لم نفقد الأمل بالتوصل إلى حلول مع بغداد، ونحن نأمل التمكن من التوصل إلى نتيجة إيجابية خلال اليومين المقبلين بما يصب في مصلحة المواطنين، يجب أن تكون حكومة بغداد مسؤولة تجاه جميع المواطنين بشكل متساوٍ، وفي حال لم يحصل ذلك، فسيكون لدينا خياراتنا في ذلك الحين، لكن الآن علينا أن نركز على جهود التوصل لتسوية".
ومضى بالقول: "بغداد كسبت دعوى واحدة وخسرت أربع بشأن نفط كوردستان، لكن سبق أن أبدينا عدم ممانعتنا من بيع نفط كوردستان عبر شركة سومو، بعد تعيين نائب كوردي لرئيس الشركة".
وتابع: "بدأنا منذ أمد طويل بما يسمى في بغداد بتوطين الرواتب وفي كوردستان بمشروع حسابي ليكون لدى كل الموظفين حسابات مصرفية، ويختلف عن التوطين في بقية مناطق العراق بأنه يضمن كل الخدمات البنكية لا فقط تحويل الرواتب، وعملية التسجيل في مشروع حسابي يسير بشكل منظم، وقد اكتملت في أربيل ودهوك، وهي تسير بوتيرة متسارعة في السليمانية، ولدينا الآن 800 ألف موظف يتقاضون رواتبهم عن طريق حسابي الذي يساهم في تأسيس بنية اقتصادية قوية ورقمنة الخدمات المصرفية، ونأمل أن يحذو العراق حذو الإقليم في هذا السياق، كما أن جميع المصارف المشاركة في حسابي هي مجازة من قبل البنك المركزي العراقي".
ولفت إلى أن "الإقليم جزء من العراق الاتحادي، ونحن لدينا حقوق متعلقة بالموازنة، وإذا كانت الإيرادات المحلية كافية لصرف الرواتب لسخرناها لصرفها، لكن للأسف بسبب الضغط على اقتصاد الإقليم، ليست لدينا الإمكانيات الكافية لدفع الرواتب، والحكومة الاتحادية ملزمة بدفع الرواتب أسوة ببقية المواطنين العراقيين.".
وحول تشكيل الحكومة، قال مسرور بارزاني: "نريد تشكيل حكومة مؤسسة على مبدأ الشراكة لا الأغلبية رغم قدرتنا على ذلك، وهناك اختلافات بشأن المناصب في حين أنه ثمة اتفاق بشأن أجندة الحكومة المقبلة وكيفية إدارتها وخاصة مع شركائنا في الاتحاد الوطني الكوردستاني، ومع ذلك لم يحدث أي فراغ تشريعي فنحن نواصل أداء مهامنا وخدمة مواطنينا".
وبشأن عملية السلام في تركيا، قال: "كنا طرفاً مساعداً في تحقيق عملية السلام في تركيا ولسنا جزءاً منها، فهي بين تركيا وحزب العمال الكوردستاني، والرئيس بارزاني لطالما سعى من أجل إنهاء التوترات ومعالجة الصراعات عبر الحوار".
ورداً على سؤال لمراسل زاكروس، يوسف المندلاوي بشأن مساعي البرلمان العراقي لتعطيل برلمان كوردستان، قال مسرور بارزاني: "برلمان كوردستان انعقد، ولكن بأي حق يمكن للبرلمان العراقي تعطيل برلمان كوردستان الذي تشكل نتيجة عملية ديمقراطية، بعدما انتخب المواطنون ممثليهم وعقد البرلمان جلسته لذا لا يوجد أي طريقة وليس من حق أحد تعطيل برلمان كوردستان".
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات حتى الآن