Erbil 28°C الخميس 19 حزيران 16:35

الأردني جلال برجس: العامل المشترك بين كل أشكال العزلة هو القدرة على التواصل الصافي مع الذات

Zagros TV

زاكروس – أربيل 

جلال برجس كاتب وشاعر وروائي أردني حائز على عدد من الجوائز والأوسمة منها جائزة كتارا للرواية العربية 2015 عن رواية "أفاعي النار" وجائزة رفقة دودين للإبداع السردي عن رواية "مقصلة الحالم" بالإضافة إلى وسام الملك عبد الله الثاني للتميز، كما وصلت أعماله إلى القائمة الطويلة لجائزة بأنيبال للأدب العربي المترجم عن ترجمة رواية دفاتر الوراق والقائمة القصيرة لجائزة الشيخ زايد للكتاب 2024 عن السيرة الروائية نشيج الدودك.

يقدم جلال برجس في أعماله الروائية مادة بعيدة عن كل ما هو عادي ومستهلك فهو لا يتعامل بالأفكار السائدة والمطروحة مسبقاً، تمتاز كتاباته ببساطة الطرح وعمق المعنى ما يجعل القارئ مشدودا إلى ما يقدمه من مادة إبداعية. فهو يرى ان "الكتابة ردة فعل وجودية وتمرد ذاتي وصرخة دفينة بوجه لك اليد التي افتعلت ذلك الجرح في وجداننا الادمي، وعادة ما تُقدح شرارتها لتقصي تلك الظلمة التي تحيط بمن اختطفته الكتابة نحو فضاءها الإشكالي". 

في هذا الإطار نناقش الكاتب والشاعر والروائي الاردني جلال برجس في حوار أجريته معه مؤخراً حول عدد من القضايا منها مفهوم العزلة والتقارب ما بين الرواية والسينما وواقع الرواية العربية...  

يؤكد الكاتب جلال برجس ان "الكتابة هي الجهة الوحيدة التي لا تنفع معها القصدية في خوض غمارها، إن الأمر-برأي-سيكولوجي، يكمن في المخابئ السرية للإنسان".  

وفي عالم كثرت فيه الضوضاء يرى ان للعزلة دورها المهم في حياة الكاتب والمبدع وحولها يقول ان "العزلة باتت ضرورية جداً. حين يعكف الكاتب على الاشتغال على نصه فإنه يمضي عبر تلك الطرق التي اختطت نحو ذاته، فالكتابة مسعى ذاتي، قبل أن تكون ذات مساعٍ عامة"، مؤكدا ان "الضوضاء تبتر هذه العلاقة مع الذات، حينها لن يولد النص سلميًا كما يفترض، إلا من حالات نادرة، وخاصة عند أولئك الذين يكتبون في المقاهي الشعبية".

اما عن مفهوم العزلة بالنسبة له ككاتب واديب وهل هي شرط المكان، أم الزمان يقول "العزلة هي القدرة على أن يحدث ذلك التواصل الصافي مع الذات. ومن هنا يمكننا الحديث عن الشرطين المكاني والزماني في تحقيق هذه العزلة، فهل يمكن لنا العزلة في المدينة؟ أو في الجبال الأكثر قدرة على توفير الصفاء الروحي، أم إنها تتحقق بشكل مطلق في الصحراء؟". 

ويضيف: "حين حدث واعتزلت للكتابة فإني فعلت ذلك في أكثر من مكان وزمان، اعتزلت في الصحراء حيث لا هواتف نقالة، ولا ضجيج، ولا ذلك الشكل المؤذي من الصراعات البشرية اليومية. اعتزلت في رؤوس الجبال، فوجدت أن "سكان الجبال حقًّا أقرب إلى الله"، إنها مسألة سيكولوجية توفرها أبعاد المكان. واعتزلت في منزلي، لكن العامل المشترك بين كل أشكال العزلات هذه، هو القدرة على التواصل الصافي مع الذات".  

وحول اقتحام السينما لعالم الرواية، تحديداً في السنوات الاخيرة يرى ان "السنوات الاخيرة شهدت تقرب السينما من عالم الرواية بدرجة كبيرة وهنالك تجارب عديدة منها ما كتب له النجاح ومنها من أخفق".

ويعزو اسباب الاقتحام الى "جودة النص الروائي، وقدرته على مقاربة الذات الإنسانية، وبالتالي حين تحول الكلمة إلى صورة، تحصد متابعة لافتة، لأن الانطلاقة كانت من نص جيد".  

مؤكداً أن "الرواية لا يمكن أن تحول-بالكامل-إلى صورة كما كتبها صاحبها كما هو متعارف عليه، هناك رؤية للسيناريست، وهذه الرؤية في أحيان كثيرة تشوه العمل الروائي، إلا إذا كان كاتب السيناريو مثقف روائيًّا. وفي هذا الشأن نجح الكثير من الأفلام، منها فيلم (العطر) المأخوذ عن رواية (باتريك زوسكيند) التي لها العنوان ذاته". 

وحول ايهما بات يؤثر في الاخر يؤكد أن " التأثير متبادل، فقد غزت تقنيات السينما الكثير من الأعمال الروائية، واستلهمت كثير من الأعمال السينمائية أدوات الرواية في المقابل. ومثال على ذلك الجزء الأول من مسلسل (مئة عام من العزلة) الذي جسد رواية (ماركيز) وهذا المسلسل بني على تقنيات ورؤى سينمائية مهمة".

احيانا تكون الهزيمة قراراً مسبقاً قد لا نعترف به وقل ممن يعترفوا بهزائمهم في الحياة، وحسب رأيه "أن كل إنسان مهزوم -في الأصل-أمام حقيقة وجوده الذي لا قرار له فيه، لكنه يمضي حياته يحاول أن يمحو آثار تلك الهزيمة، ويستبدلها بانتصارات مؤقتة، فهو أمام أسئلة كثيرة لا إجابات لها، وأمام أحلام شتى لا يمكن أن تتحقق، وأمام مناطق غامضة ينتظر أن يفهم سر غموضها الذي يعطل تجاوزه لمفهوميّ الهزيمة، والحيرة الإنسانيين".  

وكان قد صدرت للكاتب مؤخرا رواية "معزوفة اليوم السابع"، التي حققت نجاحاً ورواجاً كبيراً بين القراء وفي ذلك يرى الاديب جلال برجس أن " القارئ العربي مثله مثل الكاتب يعيش الأزمة، أزمة وجوده، والأزمات العامة، ويعيش الحيرة، والرواية-أي رواية-هي في الأصل مقترح إنساني، لهذا أجد أن "معزوفة اليوم السابع" قد أضاءت الطريق لكثير من القراء نحو الأزمة، وتحديدًا إلى أصل أوجاعنا الإنسانية، وبطبيعة الحال الرواية لا تقدم حلولًا إنما تدفع القارئ إلى تبني مزيد من الأسئلة. الرواية الناجحة برأيي هي التي يرى القارئُ أن الروائي قال ما كان في باله نيابة عنه، وهنا تتضح الصورة، تتضح في هذا الزمان المعتم للأسف".

وحول واقع الرواية العربية، يقول إن "الرواية العربية هذه الأيام في حال جيد، فقد أخذت تخرج من عباءة الرواية الغربية، وتخط لها طريقًا عربيًا متفردًا، وقد برزت في الآونة الأخيرة أسماء مهمة، وأخذ منسوب الترجمة، يزداد أكثر من ذي قبل، وهذا من شأنه أن يلقي الضوء ليس فقط، على المجتمعات العربية التي ولدت فيها تلك الروايات، أنما أيضًا على هذه الروايات ذات الأساليب واللغة والرؤى الجديدة". 

وفيما اذا كانت هناك مدارس روائية عربية وخصائصها يرى ان "الرواية على الصعيد العالمي ما تزال تدور في فلكين :الاول الوقاعية السحرية، والثاني نهج ما بعد الحداثة"، مشيراً أنه "على الصعيد العربي فهناك بوادر لتوجه روائي ربما يصبح مع مرور الزمن يترسخ كمدرسة روائية جديدة تستفيد من روح ألف ليلة وليلة، وفي الآن نفسه تأخذ من روايات ما بعد الحداثة". 

وعن تراجع القصة في ظل الانفجار الروائي يؤكد برجس أن "القصة أصبحت أقل كتابة وقراءة اليوم"، مستدركاً بالقول: "لكننا لا ندري، ربما في المرحلة القادمة تعود إلى سابق عهدها خاصة أن هناك جوائز للقصة القصيرة ظهرت مؤخرًا أهمها جائزة الملتقى التي يشرف عليها الأديب الكويتي طالب الرفاعي". 

الثقافة والفن

التعليقات (0)

لا توجد تعليقات حتى الآن

الرد كضيف

هل ترغب في تلقي إشعارات؟
ابق على اطلاع بآخر أخبارنا وأحداثنا.