زاكروس - أربيل
في خطوة لاقت ترحيباً واسعاً من السوريين، أعلن الاتحاد الأوروبي، الإثنين، تعليق مجموعة من العقوبات المفروضة على سوريا، وذلك بعد التغيرات السياسية الكبيرة التي شهدتها البلاد عقب الإطاحة بنظام بشار الأسد في ديسمبر 2024 على يد قوات المعارضة بقيادة "هيئة تحرير الشام".
يشمل القرار تعليق العقوبات على قطاعات رئيسية مثل الطاقة والنقل والبنوك، في محاولة لدعم التعافي الاقتصادي وإعادة الإعمار في سوريا بعد سنوات من الحرب والعزلة الدولية.
تفاصيل القرار الأوروبي
تضمن قرار الاتحاد الأوروبي تعليق التدابير القطاعية التي كانت تطال صناعات الطاقة، بما في ذلك النفط والغاز والكهرباء، إلى جانب قطاع النقل الذي يشمل البنية التحتية وشركات الطيران مثل "الخطوط الجوية العربية السورية". كما شمل القرار رفع الحظر عن خمسة كيانات سورية، منها البنك الصناعي، بنك التسليف الشعبي، بنك الادخار، المصرف التعاوني الزراعي، والخطوط الجوية السورية.
كما أوضحت المفوضية الأوروبية أن هذه الخطوة تهدف إلى "تسهيل التعامل مع الشعب السوري والشركات في القطاعات الحيوية"، مع الإبقاء على عقوبات تستهدف أفراداً وكيانات مرتبطة بنظام الأسد السابق.
وأكدت كايا كالاس، مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، أن التعليق يأتي كجزء من نهج تدريجي وعكسي، مشيرة إلى أن الاتحاد سيواصل مراقبة الوضع في سوريا لضمان أن تظل هذه التعليقات ملائمة. وأضافت: "إذا لم تسر الأمور على النحو الصحيح، فنحن مستعدون لإعادة فرض العقوبات".
خلفية العقوبات
فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات شاملة على سوريا منذ عام 2011، رداً على القمع العنيف للاحتجاجات الشعبية من قبل نظام الأسد. شملت هذه العقوبات حظراً على تصدير النفط السوري، وقيوداً على التعاملات المالية، وتجميد أصول العديد من الأفراد والكيانات. أدت هذه التدابير إلى انهيار العلاقات الاقتصادية بين الاتحاد الأوروبي وسوريا، حيث تقلصت التجارة بينهما إلى 396 مليون يورو في عام 2023. ورغم أن العقوبات كانت تستهدف النظام، إلا أنها أثرت بشكل كبير على السوريين العاديين، مما زاد من معاناتهم الاقتصادية خلال الحرب.
أسباب التعليق
جاء قرار التعليق بعد أسابيع من المناقشات بين وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، الذين اتفقوا في 27 يناير 2025 على خارطة طريق لتخفيف العقوبات تدريجياً.
يعكس هذا التحول رغبة الاتحاد في دعم الانتقال السياسي في سوريا تحت قيادة الإدارة المؤقتة بقيادة أحمد الشرع. كما يأتي القرار في ظل ضغوط دولية لتسهيل عودة اللاجئين وإعادة إعمار البلاد، مع التزام الحكومة الجديدة بتشكيل حكومة شاملة بحلول الأول من مارس/آذار 2025، وفقاً لتصريحات المبعوث الأممي لسوريا غير بيدرسون.
ردود الفعل
رحبت الحكومة السورية بالقرار، واصفة إياه بـ"الخطوة الإيجابية" التي ستمهد الطريق للتعافي الاقتصادي وتحسين الخدمات. وأعرب وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني عن أمله في أن يتبع ذلك إلغاء كامل للعقوبات في المستقبل القريب. في الشارع السوري،
كذلك عبّر مواطنون عن تفاؤلهم، حيث قال أحد سكان دمشق: "نأمل أن يعني هذا عودة الكهرباء والوقود وفرص العمل". من جانبها، اعتبرت منظمات إنسانية أن التعليق سيسهل تدفق المساعدات ويدعم جهود إعادة الإعمار.
لكن بعض المحللين حذروا من أن الخطوة قد تكون سابقة لأوانها، مشيرين إلى أن "هيئة تحرير الشام" لا تزال مصنفة كجماعة إرهابية في نظر العديد من الدول التي شددت على ضرورة ربط أي تخفيف إضافي بالتقدم السياسي والأمني.
التداعيات المستقبلية
يمثل تعليق العقوبات فرصة لإنعاش الاقتصاد السوري المنهار، حيث يتيح للشركات الأوروبية والعربية الاستثمار في البلاد، ويسهل عودة الرحلات الجوية التجارية والحوالات المالية.
كما قد يشجع هذا القرار دولاً أخرى، مثل الولايات المتحدة، على إعادة النظر في عقوباتها، خاصة بعد دعوات مماثلة من شخصيات مثل "قيصر"، الضابط المنشق الذي كشف عن انتهاكات النظام السابق.
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات حتى الآن