Erbil 28°C الجمعة 05 كانون الأول 21:51

مسرور بارزاني: علاقاتنا مع الولايات المتحدة أو إيران ليست على حساب التضحية بالعلاقة مع البلد الآخر

Zagros TV

زاكروس - أربيل

أكد رئيس حكومة إقليم كوردستان مسرور بارزاني أنه علاقاتهم جيدة مع الولايات المتحدة، كما أشار إلى أن كوردستان تتقاسم حدودا طويلة جدا مع إيران، التي هي "بلد جار".

وبين، في لقاء مطوّل مع قناة العربية اليوم الجمعة، أن كوردستان تؤمن بأن توفر الإرادة الحسنة كفيلة بإيجاد التسويات، مبيناً أن العلاقات سواء كانت مع الولايات المتحدة أو مع إيران ليست على حساب التضحية بالعلاقة مع البلد الآخر.

وأشار مسرور بارزاني إلى أن الدستور يحدد العلاقة بين بغداد وأربيل، وفيما نوّه إلى أن أغلب المشاكل الاقتصادية ومشاكل الميزانية كانت قرارات سياسية لا صلة له بالجوانب الفنية أو القانونية، قال "استطعنا مؤخرا التوصل إلى اتفاق حول دفع رواتب الموظفين على الأقل. لكن الصراحة أننا لم نُعامل أبدا بطريقة متساوية أو عادلة".

وفيما يلي نص المقابلة الكاملة لمسرور بارزاني:

 شكرا على الاستضافة واسمح لي أن أبدأ معك بهذه التطورات التي تحدثنا عنها منذ قليل. تطورات كبيرة تشهدها المنطقة وقد يكون العنوان الرئيسي تصريحات الرئيس الأميركي ترامب في هذه المرحلة. مبدئيا كيف يمكن توصيف علاقة الإقليم مع الإدارة الحالية الأميركية؟

مسرور بارزاني: توجد لدينا علاقات جيدة مع الولايات المتحدة التي كانت داعما كبيرا للعراق عموما وكوردستان على وجه الخصوص لا سيما خلال مرحلة القتال ضد داعش ومكافحة الإرهاب. وقدمت الولايات المتحدة المساعدات إلى العراق منذ الإطاحة بالنظام السابق وقد طورنا بطبيعة الحال علاقات جيدة مع كافة الجهات الفاعلة داخل الولايات المتحدة.

 نحن نثمن الدعم الذي حظينا به من قبلها، حيث كنا حليفين في الحرب ضد الإرهاب وكذلك في عملية التنمية المشتركة التي شهدها الإقليم فيما يخص الإرهاب ومحاربة الإرهاب.

 هل سيستمر التعامل مع الولايات المتحدة كما كان عليه الوضع منذ حكومة بايدن؟ لأنه يقال قد تشهد علاقة التعاون العسكري بعض التغييرات أو بعض الاختلافات. هل هذا وارد؟

مسرور بارزاني: بالنسبة لنا في كوردستان، موقفنا هو ذات الموقف الذي لم يتغير. نحن نظل ملتزمين حيال مكافحة الإرهاب والبقاء ضمن التحالف الذي يحارب الإرهاب. إذا كانت لدى الولايات المتحدة الرغبة في مواصلة مكافحة الإرهاب والبقاء في المنطقة، فإن موقفنا يبقى كما هو. وسوف نكون مستعدين للإبقاء على هذا التحالف بيننا والتصدي لجميع التحديات معا. طبعا، العراق طلب قبل التغيرات التي حصلت مؤخرا إنهاء التحالف، غير أن ذلك لا يعني رغبة العراق في وضع حد للعلاقة مع الولايات المتحدة. ما قالته بغداد وما قيل لنا هو أنهم يرغبون في تغيير طبيعة العلاقة لتصبح علاقة ثنائية بين العراق وكل دولة على حدة في التحالف.

لكننا في إقليم كوردستان لدينا أفكار تختلف بعض الشيء عن هذا الموقف، حيث نرى أن الحاجة لا تزال قائمة للإبقاء على قوات التحالف في العراق من أجل مواجهة التحديات الأمنية الإقليمية. وأعتقد أن التطورات الأخيرة التي شهدتها المنطقة أفضت إلى تغيير كذلك في موقف بغداد. لذا، ثمّة باعتقادي توافق للآراء بشأن الحاجة للإبقاء على وجود قوات التحالف في المنطقة بهدف مواجهة التحديات الأمنية التي نرى جميعا أنها تمثل مصدر قلق بالغ.

 إذا خفف التحالف الدولي قواته داخل العراق عموما، ما هي نوعية القوات أو نوعية الحضور الذي ستبقي عليه قوات التحالف داخل الإقليم؟

مسرور بارزاني: هذا قرار يعود للولايات المتحدة اتخاذه بشأن نوع وعدد القوات التي ترغب في إبقائها في كوردستان. كانت الخطة الأولية تقضي بمغادرة قوات التحالف العراق بحلول نهاية عام 2025 على أن تظل موجودة في إقليم كوردستان حتى نهاية عام 2026 لتغادر الإقليم بعد ذلك. إلا أن التغييرات التي شهدناها خلال الشهور القليلة الماضية أدت، باعتقادي، إلى بعض التغيير في موقف بغداد أيضا. لذلك لا أعتقد أن هذه الخطة لا تزال صالحة كما كان عليه الحال في السابق. قد تكون هناك تطورات جديدة أو اتفاقات جديدة، وربما تحليلاً جديدًا للوضع سيحدد الفترة الزمنية التي ستبقى فيها القوات في المنطقة وعددها. لكن في نهاية المطاف، هذا أيضا قرار تتخذه حكومة الولايات المتحدة بشأن مستقبل القوات.

هل تتفاعلون مع الحكومة الاتحادية في بغداد؟ بمعنى، تتواصلون بخصوص هذا الموضوع. ما هو رأي الحكومة التي بلغكم فيما يخص هذه القوات والإبقاء عليها في محاربة الإرهاب؟

مسرور بارزاني: بالتأكيد. نحن على تواصل دائم مع الحكومة الاتحادية وقد عبرنا عن آرائنا. كما أننا نشارك أيضًا في الحوار مع قوات التحالف، حيث يوجد لإقليم كوردستان ممثل في التحالف. لكن في نهاية الأمر، ما يهم أكثر من أي شيء آخر هو أنه قرار اتحادي. قد عبرنا عن رغبة كوردستان في استضافة قوات التحالف الموجودة في المنطقة، إدراكًا منا للتحديات والمخاطر والمشكلات الأمنية التي تواجهنا جميعًا. لكن وكما أسلفت، فإن بغداد، تعيد النظر في موقفها المتعلق بالفترة الزمنية التي ستكون هناك حاجة خلالها لبقاء قوات التحالف في البلاد.

عن أي نوع من الإرهاب نتحدث؟ كل ما يرهب الناس هو إرهاب. لا يهم نوع المنظمة التي تقوم به، كل شخص أو إرهابي يرهب الناس هو إرهابي. هل نتحدث عن داعش فقط، أو إلى أي مدى داعش لا يزال موجودا؟

مسرور بارزاني: كلا، ليس داعش فقط. داعش كان شكلا مختلفا، وعلى مر السنين شهدنا تحولا للمنظمات المتطرفة والإرهابية. على سبيل المثال، كان هناك تنظيم جند الإسلام الذي تحول إلى أنصار الإسلام، ثم أنصار السنة، ثم تنظيم القاعدة، وبعدها جاء تنظيم داعش. هذه الجماعات المتطرفة لا تزال موجودة، غير أن بعضها تم إضعاف نفوذه بشكل كبير كما خسر أراضٍ كان يسيطر عليها. لكن ذلك لا يعني أنه تم القضاء على هذه التنظيمات بشكل كامل. لا يزال هناك خلايا نائمة ولا تزال هذه التنظيمات قادرة على التجنيد وتهديد استقرار المنطقة. من الصعوبة تحديد منظمة بعينها، فكل منظمة ترهب الناس ينبغي أن تصنف منظمة إرهابية.

 إقليم كوردستان يوصف بأنه الحليف الموثوق فيه للولايات المتحدة الأميركية، والعكس كذلك صحيح. هل تتواصلون مع الرئيس ترامب بطريقة مباشرة في هذه الأثناء؟

مسرور بارزاني: لم نتمكن حتى الآن من التواصل مباشرة مع الرئيس ترامب، غير أنه لدينا علاقات مع الكثير ممن تم تعيينهم في حكومته. بعضهم أصدقاء لنا منذ فترة طويلة، ولديهم فهم جيد للوضع الإقليمي. نحن نحتفظ بالاتصالات فيما بيننا ومع الإدارة الأميركية الحالية، ونأمل أن توفر المعرفة والفهم للوضع في المنطقة إدراكًا بأن ذلك سيكون في مصلحة المنطقة.

 ولكن هذه العلاقة الوثيقة مع الولايات المتحدة، ألا يمكن أن تجعل من إقليم كوردستان مطمعًا لاستهدافه عسكريًا؟ تعلم بأنه في الفترة الأخيرة شهدنا توترًا كبيرًا في المنطقة وحتى تصعيد، وإمكانية مواجهات بين إيران وبين الولايات المتحدة الأميركية. وحتى اليوم يقول البعض بأنه قادر أن يتطور. هل هناك محاذير من بعض الاستهدافات التي قد تطال الداخل داخل الإقليم؟

مسرور بارزاني: هذا صحيح. بسبب علاقتنا بالولايات المتحدة أصبح إقليم كوردستان مستهدفًا. لم نكن هدفًا محتملا، بل تعرضنا للاستهداف بواسطة المسيرات والصواريخ. يعود أحد أسباب هذا الاستهداف إلى موقفنا الذي هو غاية في الوضوح. نحن نفتخر بتحالف مع الولايات المتحدة في هذه المنطقة من أجل محاربة الإرهاب معًا، كما يوجد الكثير من القيم والمبادئ التي نتشاركها مع الولايات المتحدة. لكن علاقتنا والتحالف الموجود بيننا لا يقوم على قتال أي قوة إقليمية أو مناهضة أي فكر إقليمي. بل هذه العلاقة مؤسسة على الدفاع عن المنطقة، والتطلع إلى المستقبل، والبناء، وتحقيق الازدهار. المؤسف هو وجود سوء الفهم والتأويل لدى خصومنا الذين ينظرون إلى علاقتنا بالولايات المتحدة باعتبارها تحديًا ومشكلة بالنسبة لهم.

 تعلم بأنه ليست المرة الأولى التي يقال فيها بإنه قد يستهدف داخل الإقليم ليس فقط لعلاقته الوثيقة بالولايات المتحدة ولكن لوجود بعض المراكز الإسرائيلية داخله. أنتم تنفون دائماً هذا الموضوع بأنه لا توجد مراكز إسرائيلية داخل الإقليم. لماذا في كل مرة يعاد طرح هذا الموضوع؟ هل لك تفسير؟

مسرور بارزاني: هذا اتهام لا أساس له من الصحة ومزاعم لم يتم إثباتها على الإطلاق. ببساطة، هذا غير صحيح، لا وجود للإسرائيليين في إقليم كوردستان. المؤسف أن أغلب هذه الاتهامات تصدر عن أولئك الذين لم يكن لديهم أي مبرر لمهاجمة إقليم كوردستان لذلك عملوا على اختلاق هذه الاتهامات لتبرير سوء تصرفهم أو هجماتهم غير المبررة ضد الإقليم.

 البعض كذلك ليس مستغرب ولكن يضع نقاط استفهام حول مدى قدرة إقليم كوردستان ونجاحه في توثيق علاقته مع الولايات المتحدة من جهة ومع إيران من جهة أخرى، وهي كذلك شريك كبير وجار قوي كذلك للإقليم. وبالتالي كيف نجحتم في هذه المعادلة في فرض موازنة بين الولايات المتحدة وإيران؟

مسرور بارزاني: نحن من يتحكم في مصيرنا ونحن الذين نتخذ قراراتنا، لسنا وكيل أي طرف كان. توجد لدينا علاقات جيدة مع الولايات المتحدة وهي علاقات نفتخر بها. كما نتقاسم حدودا طويلة جدا مع إيران، التي هي بلد جار، وعلاقاتنا جيدة جدا مع إيران في الوقت الراهن. مرت أوقات شهدت فيها هذه العلاقات تقلبات، وما يبعث على الأسف أنهم وبسبب سوء الفهم أقدموا على تبني نهج معين وشهدنا ما حدث في السابق، غير أننا تجاوزنا تلك المرحلة. نحن نؤمن بأن توفر الإرادة الحسنة كفيل بإيجاد تسوية. علاقتنا سواء كانت مع الولايات المتحدة أو مع إيران ليست على حساب التضحية بالعلاقة مع البلد الآخر. نحن نكن الاحترام لكلا البلدين وعلاقتنا تقوم على الاحترام المتبادل، هم يحترموننا ونحن نحترمهم.

 كيف يمكن تقييم العلاقة الاقتصادية؟ لأن علاقتكم الاقتصادية كذلك وثيقة جدا مع الولايات المتحدة. لا نتحدث فقط عن تعاون أو شراكة عسكرية، نتحدث كذلك عن علاقة وثيقة اقتصادية. إيران كذلك يقول البعض بأنها تدخل هذا المجال، أو كذلك حاضرة داخل الإقليم في هذا المجال. أي ما مدى صحة وثاقة العلاقة الاقتصادية مع إيران داخل الإقليم؟

مسرور بارزاني: تعلمين أن إقليم كوردستان أرض حبيسة تحيط بها بلدان مختلفة. طبعا نحن جزء من العراق ولدينا بقية الأراضي العراقية في الجنوب، كما تحدنا سوريا في الغرب، وتركيا في الشمال، وإيران في الشرق. من الطبيعي وجود علاقات اقتصادية مع جميع جيراننا. الواقع أنه لولا الأوضاع الداخلية في بعض هذه البلدان، لكان محبذ لدينا توسيع علاقاتنا الاقتصادية مع جميع هذه الدول، لأن وجود سوق أكبر يفيد كثيرا قطاع الأعمال، وهذا ما تبحث عنه شركات إقليم كوردستان. طبعا يوجد لدينا علاقات جيدة مع الولايات المتحدة لوجود الكثير من الشركات الأميركية التي استثمرت في الإقليم ، خاصة في قطاع الطاقة. ولأنها بلد جار، تتمتع إيران كذلك بعلاقات اقتصادية جيدة مع إقليم كوردستان.

 ما هي المجالات التي تتعاملون بها مع إيران؟

مسرور بارزاني: بالأساس، تجارة المواد الغذائية والسلع التي لا تخضع للعقوبات. لأنك تعلمين أن العقوبات فرضت قيودا على هذه التجارة وزادت من صعوبتها، ونحن نرحب بالأساس بالتجارة في كل ما هو مقبول.

: الآن مع ترامب، وترامب رجل أعمال ومعروف بخططه الاقتصادية وبأن تفكيره ومنطقه اقتصادي بالأساس كرجل أعمال. هل بدأتم في الحديث عن توثيق هذه العلاقات من الناحية الاقتصادية خاصة؟

مسرور بارزاني: لم نعقد أي اجتماعات رسمية مع الرئيس ترامب حتى الآن، ونتمنى أن يحدث ذلك قريبا.

بأسرع ما يكونون مستعدين لذلك ونحن جاهزون. عندما تكون الولايات المتحدة جاهزة، سنكون مستعدين لمناقشة إمكانات توسيع وتطوير العلاقات الاقتصادية بيننا.

تعتقدون بأنه يمكن أن يضاف شيء لهذه العلاقات الاقتصادية؟

مسرور بارزاني: لا أستطيع أن أتحدث نيابة عن الرئيس دونالد ترامب، لكن يمكنني أن أقول إن إقليم كوردستان يتوفر به إمكانات هائلة، ليس في قطاع النفط والغاز فحسب، وإنما لديه إمكانات هائلة.

لهذا السبب طرحت هذا السؤال لأنه بعض المعلومات تشير إلى أن إقليم كوردستان لم يعد فقط يعول على النفط، بل أصبح يفتح مجالات للعديد من الاستثمارات الأخرى. ما هي الدول التي ربما يكون التعاون معها أوثق وأفضل؟ العين على من فيما يخص أي مجالات غير مجال النفط؟

مسرور بارزاني: لقد بدأنا بتنفيذ أجندة تقدمية جدا، وقمنا باستثمارات كبيرة لتنويع اقتصادنا. استثمرنا في الزراعة التي أضحت قطاعا كبيرا يساهم في زيادة الإيرادات. كما نعمل على جذب المستثمرين الأجانب لتنفيذ مشاريع مشتركة أو التعاون فيما بيننا. لا سيما هنا في منطقة الخليج التي يوجد فيها بلدان كثيرة. نفتخر بأننا لأول مرة استطعنا تصدير منتجات كوردستان الزراعية إلى الدول الخليجية، وكذلك إلى بلدان بعيدة أخرى مثل البلدان الأوروبية والولايات المتحدة. نركز أيضا على السياحة التي نعمل على تطويرها لتصبح قطاعا مربحا قادرا على جذب المستثمرين والسياح أيضا لزيارة كوردستان. كما نعمل على تطوير القطاع الصناعي، حيث يوجد لدينا الكثير من المعادن التي لم يتم استغلالها. نحن ننظر في كل الجوانب التي تمكننا من الحد من اعتمادنا على الطاقة. هذه في الواقع سياسة ناجعة لزيادة الإيرادات من خلال توفير المزيد من الوظائف. هذه بالأساس الأجندة والسياسة التي نعمل على تنفيذها بحماس كبير.

لماذا ركزت على موضوع فتح المجالات الاستثمارية الأخرى إلى جانب النفط، لأن بعض السياسيين داخل الإقليم يقولون بأن تحسين جودة بعض المجالات قد يخرج الإقليم من بعض الفترات الصعبة التي واجهها مع عدم استقرار عائدات النفط، وهذا قد يكون مشكلة أساسية مع حكومة بغداد. هل هذه المشكلة فيما يخص توزيع الثروات لا تزال قائمة؟

مسرور بارزاني: أولا، ما كان لهذا الأمر أن يسبب مشكلة بين بغداد وإقليم كوردستان لأن لدينا دستورا يحدد العلاقة بين بغداد وأربيل أو إقليم كوردستان ككل. المؤسف أن أغلب المشاكل الاقتصادية ومشاكل الميزانية التي قامت بغداد بخفضها في فترات مختلفة كان قرارا سياسيا لا صلة له بالجوانب الفنية أو القانونية، بل كان قرارا سياسيا اتخذه الزعماء السياسيون في بغداد. حاولنا التواصل مع بغداد لتسوية هذه المشكلات، واستطعنا مؤخرا التوصل إلى اتفاق حول دفع رواتب الموظفين على الأقل. لكن الصراحة أننا لم نُعامل أبدا بطريقة متساوية أو عادلة.

أعطيك مثالا واحدا على ذلك. إقليم كوردستان بموجب بعض الاتفاقات التي أبرمت في السابق كان يفترض أن يحصل على نسبة من ميزانية العراق. وفجأة تم وبشكل أحادي خفض هذه النسبة لتصبح 14% في مراحل مختلفة، ثم خفضت مجددا إلى 12.6%. لكن إقليم كوردستان لم يحصل أبدا على هذه النسبة بسبب تخصيص جزء كبير من الميزانية للنفقات السيادية التي لم يُنفق أي قسط منها في كوردستان. وقد بلغت نسبة هذه النفقات السيادية 40 أو 45% وكان الإقليم ينال حصته مما تبقى من الميزانية. وفي أحسن الأحوال، لم يحصل على أكثر من 6 أو 7% من إجمالي ميزانية العراق.

إن إقليم كوردستان لم يحصل إطلاقا على حصته العادلة من الميزانية. غير أنني أعتقد أننا وبفضل الإدارة الجيدة لإقليم كوردستان استطعنا أن نحسن استخدام ما نحصل عليه بالنسبة لتنفيذ مشاريع البنية التحتية مثل بناء الطرق والمؤسسات التعليمية والمستشفيات.

هذه قصتنا وقد أدركنا أننا لا نستطيع أن نعتمد فقط على دفع الرواتب بما نحصل عليه من بغداد من الأموال أو الإيرادات النفطية، حيث أن الصادرات النفطية من الإقليم توقفت في فترات مختلفة. كان علينا البحث عن خيارات أخرى والنظر إلى القطاع الخاص والبحث عن السبل التي تمكننا من مساعدة المزارعين على العودة إلى النشاط الزراعي من أجل خفض الأعباء عن كاهل الحكومة وجعل الناس يتكفلون بأمورهم.

 هل يمكن لتشكيل الحكومة الجديدة في كوردستان أن يحسن من بعض الأمور؟

مسرور بارزاني: آمل أن نتوصل إلى اتفاق حول تشكيل الحكومة قريبا جدا لأنني أعتقد حقا أن ذلك في مصلحة شعب كوردستان، وقد وجهنا الدعوة لكل فائز في الانتخابات للمشاركة في المفاوضات، لكن الأمر يتوقف على طبيعة المفاوضات ومن سيكون في نهاية المطاف شريكا في الحكومة.

لكن دعيني أوضح أمراً، قلت إن الحزب الديمقراطي الكوردستاني حصل على 39 مقعدا وهذا صحيح، غير أن تغييرا حصل في قانون الانتخابات لأن إقليم كوردستان بكامله كان يعامل كدائرة واحدة في الانتخابات السابقة. وفي هذه الانتخابات تم تقسيم الإقليم حيث أصبحت كل محافظة دائرة انتخابية منفصلة، وهو ما أدى إلى تغيير في مقاعد البرلمان. ولو نظرت إلى التصويت الشعبي فإن الحزب الديمقراطي الكوردستاني حصل فيها على 46% من الأصوات، إلا أنه فاز بـ 39 مقعدا فقط لأن المقاعد المخصصة للدوائر والمحافظات كان الهدف منها خفض عدد المقاعد التي يتم الحصول عليها على أساس التصويت الشعبي.

لا أعتقد أن هذا الإجراء هو الأفضل من الناحية الديمقراطية، لكن هذا قرار اتخذته اللجنة العليا للانتخابات.

يجب أن أقول إن الانتخابات التي جرت في الإقليم كانت ناجحة جدا وبغض النظر عن النتائج. أعتقد أن الشعب الكوردي أو شعب كوردستان قد فاز فيها بصرف النظر عن عدد المقاعد والحزب الذي فاز، لكننا نحتاج جميعا في نهاية الأمر إلى هذه الحكومة.

 فيما يخص تشكيل الحكومة. البعض يقول قد يتم ترحيل تشكيل الحكومة إلى ما بعد الانتخابات الفيدرالية العراقية في أواخر 2025. هل هذا وارد؟

مسرور بارزاني: لا، هذا غير مقبول ولا نعتقد أن الظروف ملائمة لذلك. ولا نعتقد أننا بحاجة لانتظار الانتخابات على المستوى الاتحادي المتوقع إجراؤها في وقت لاحق من هذا العام، وفي شهر تشرين الأول على ما أعتقد. لماذا علينا الانتظار حتى ذلك الموعد في ظل وجود النتائج لدينا؟ أنا متفائل بقدرتنا على تشكيل الحكومة قريبا إن شاء الله.

فيما يتعلق بالموازنة التي يقدمها الإقليم بين إيران والولايات المتحدة الأميركية، أو مدى قدرة إقليم كوردستان على تحقيق توافق في تعامل مستمر مع تركيا من جهة، وعلاقة ممتازة مع كورد شمال شرق سوريا من جهة أخرى. كيف يستقيم الموضوع، وكيف تتحقق هذه الموازنة؟

مسرور بارزاني: لا شيء يدعو للخوف. نحن نطالب بالسلام، العيش المشترك، الاستقرار، والحلول المستدامة.

أعتقد أن هذا يصب في المصلحة الفضلى لتركيا، الكورد، سوريا، العراق، إيران، وللجميع. لذا، ما من سبب يجب أن يدفع للاعتقاد أننا في أفضل موقف لتعزيز السلام والعيش المشترك بين الجنسيات المختلفة في المنطقة.

كيف هي الأمور مع دول الخليج؟ نعلم بأن إقليم كوردستان لديه علاقات ممتازة مع دول الخليج، مع المملكة العربية السعودية بالتحديد. ما هي أبرز المجالات أو مجالات التعاون والاستثمارات بين الطرفين؟

مسرور بارزاني: لدينا علاقات طيبة مع دول مجلس التعاون الخليجي، بما في ذلك المملكة العربية السعودية. بالتأكيد، نحن نتوق لتحسين علاقاتنا لمستويات أعلى، إذ نود أن نرى المزيد من الشركات في دول الخليج والشركات السعودية تأتي إلى كوردستان للاستثمار والوقوف على الفرص فيها.

الفرص الموجودة في كوردستان يمكن أن تعود بالنفع على كلا الطرفين، سواء للدولة المستضيفة أو للمستثمرين الأجانب.

نعتقد أن كوردستان مناسبة من حيث الثقافة، والجغرافيا، والمناظر الطبيعية الموجودة لدينا، فهي وجهة رائعة لكي يأتي الناس لزيارة كوردستان. نحن سعداء بالعلاقة التي تجمعنا ولدينا الطموح بأن نوسع هذه العلاقة ونعمل على تطويرها أكثر.

هناك تشابه بين إقليم كوردستان ورؤية 2030 في السعودية، حيث تعول الرؤية على عدم التعويل فقط على الموارد الأولية كالنفط، ولكن فتح مجالات أخرى للاستثمار والسياحة. وأنتم كذلك تتجهون بنفس هذا الاتجاه لمحاولة تخطي المشاكل الداخلية

مسرور بارزاني: بكل تأكيد، هناك أشياء كثيرة يمكن أن نقوم بها معا. هناك فرص واعدة كثيرة قد لا تكون متوفرة في مناطق أخرى. فمثلا، إذا كنا نتحدث عن المعادن وعن السياحة والطقس، بكل تأكيد كوردستان تتمتع بطقس مختلف عن بقية الدول العربية ودول الخليج، إذ لدينا بيئة مختلفة كليا.

أمور كثيرة يمكن أن تحدث بيننا مثل عقد اجتماعات بين الشركات إذا ما قامت الحكومات والجهات المشرعة بتسهيل الروابط والعلاقات بين الشركات التجارية وغرف التجارة، بحيث يتم عقد اجتماعات والتوصل بطرقهم الخاصة إلى طريقة لتطوير الأعمال التجارية فيما بينهم. أعتقد أن هناك فرصا كبيرة للأطراف كافة.

هل لازال حلم الدولة الكوردية قائم، تعتقد؟

مسرور بارزاني: أعتقد أن الأمر يتوقف على الطريقة التي يتم من خلالها معاملة الكورد. لننظر إلى الاتحاد الأوروبي الذي حارب لسنوات بل عقود طويلة من أجل إقامة دولهم الخاصة. الآن بات لديهم الاتحاد الأوروبي، فهم تخطوا تلك المرحلة ويسعون للاندماج والوحدة ككيان واحد. الأمر برمته يتوقف على الدول التي يعيش فيها الكورد وكيف يعاملونهم.

للأسف، تاريخنا حافل بالظلم وعدم المساواة. إذا استمر الأمر على هذا المنوال، فإن ردود أفعال الكورد ستكون متشابهة. لكن لو طرحت مقاربة جديدة تقوم على القبول والاحترام والمساواة والعدل، يمكن للشعوب أن تتقدم وتنعم بمستقبل آمن وسلمي معا. أعتقد أن الأمر يعتمد على الطريقة التي تتم معاملتنا بها.

 وبالنسبة للاستقلال، هل هناك بعد إخفاق استفتاء 2017، هل لازال موضوع إحياء الاستقلال قائم؟

مسرور بارزاني: دعيني أخبرك، الاستفتاء كان يرمي لسؤال الناس بالأشياء التي يريدونها ولم يكن ذلك جريمة أو خطأ. يسمح بإجراء الاستفتاءات، جرى استفتاء في اسكتلندا وجرى استفتاء في كيبيك وبكل تأكيد جرى استفتاء في كوردستان.

الطريقة التي تعاملت كندا بها مع كيبيك والمملكة المتحدة مع اسكتلندا كانت مختلفة تماما عن طريقة معاملة بغداد مع أربيل. قمنا بإجراء الاستفتاء لأن بغداد رفضت أن تحترم دستور العراق كبلد فيدرالي. كان يجب على العراق كبلد فيدرالي أن يحترم حق الشعب الكوردي ضمن العراق الفيدرالي. لقد تم انتهاك حقوق الكورد بصورة ممنهجة رغم الإنذارات المتعددة بأن هذا غير مقبول. لأن لدينا دولة فيدرالية ونعيش في دولة فيدرالية، لدينا دستور يشكل حزمة من الحلول التوفيقية، لا يمكنك أن تركزي على متطلباتك الذاتية فقط وتجاهل متطلبات الآخرين. لابد لنا أن نتفق على احترام الدستور مجتمعين.

لكن بغداد دأبت على تجاهل مطالبات ومخاوف كوردستان، وظنت أن كوردستان ليست لديها تلك المخاوف وأن الأمر برمته مسيس من قبل حزب سياسي واحد أو أكثر. من أجل معرفة ما الذي يريده الشعب الكوردي قمنا بإجراء الاستفتاء لمعرفة مطالب الشعب الكوردي. الكورد صوتوا بأغلبية ساحقة لنيل الاستقلال بنسبة 92.7%، لا يمكن تجاهل الأمر. لابد من وجود سبب وراء تصويت الكورد بتلك الطريقة لأنه تم التعامل معهم بطريقة سيئة ولم ينالوا الاحترام. لكن ذلك كان مجرد استفتاء والناس أدلوا بأصواتهم، لم يكن هناك أي إعلان للاستقلال بما يثير حفيظة بغداد لمهاجمة كوردستان باستخدام القوات العسكرية، وهو أمر محظور بموجب الدستور العراقي.

الدستور العراقي يحظر استخدام القوات العسكرية من أجل قمع النزاعات السياسية داخل البلاد، وهذا ما حدث تماما. أولئك الذين ينحون باللائمة على الكورد لم يفعلوا أي شيء خطأ في إجراء تلك الاستفتاءات.

 أختم معك ببعض الرسائل لو سمحت لي. بعض الأسماء، أقدم لك بعض أسماء السياسيين، توجه لهم رسالة باختصار. إن طلبت من حضرتك رسالة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ما الذي تقول له؟

مسرور بارزاني: نحن حلفاء لأميركا ونود من الولايات المتحدة أن تتذكر أننا كنا معا في الأوقات العصيبة. لدينا توقعات الآن أن تقوم الولايات المتحدة بحمايتنا ودعمنا، وبمقدورها فعل الكثير.

رسالة لأحمد الشرع؟

مسرور بارزاني: كونه رئيسا لكافة السوريين، عليه أن يحترم كافة أطياف الشعب السوري من أجل الاستمرار وتحقيق النجاح.

رسالة لمحمد شياع السوداني؟

مسرور بارزاني: هو الآخر عليه أن يكون رئيس الوزراء للعراق قاطبة وليس لطائفة واحدة، وأن يستمر في علاقاته الطيبة مع الكورد والسنة وبقية الشيعة في البلاد.

رسالة لمظلوم عبدي؟

مسرور بارزاني: يجب عليهم العمل على توحيد بقية الكورد من أجل ضمان حق الكورد ومستقبل سوريا.

 

الأخبار كوردستان

التعليقات (0)

لا توجد تعليقات حتى الآن

الرد كضيف

هل ترغب في تلقي إشعارات؟
ابق على اطلاع بآخر أخبارنا وأحداثنا.