Erbil 22°C الخميس 24 تشرين الأول 15:15

هل توجد بكتيريا مفيدة؟

الكاتب: الدكتور مروان حسين

 

عندما تسمع للوهلة الأولى كلمة البكتيريا Bacteria، ترد إلى مخيلتك كثير من الصور السيئة المرتبطة بالأمراض التي تسببها للإنسان، أو تتزاحم في ذهنك الأمثلة الكثيرة عما سببته البكتيريا والفيروسات من كوارث صحية لأشكال الحياة على وجه الأرض.

ولكن يبقى السؤال حاضراً: هل هناك ميكروبات مفيدة؟  هل توجد بكتيريا نافعة للإنسان أو الحيوان أو للبيئة التي نعيش فيها؟

في هذا المقال سنأخذك أيها القارئ الكريم في جولة سريعة حول بعض البكتيريا النافعة ولا سيما لحياة الإنسان.

بدراسة فاحصة للبكتيريا سنجد أن القليل من البكتيريا هي التي تسبب الأمراض ولكنها رغم قلتها تشكل تحديات كبيرة للأطباء والعلماء والباحثين في المجال الصحي وتزيد كل عام أعباءً مالية إضافية ومتطلبات باهظة للوزارات والحكومات حول العالم.

إذاً معظم البكتيريا التي تعيش معنا هي نافعة ومفيدة لحياة الإنسان، لا بل يمكن القول إنه لا حياة على وجه الأرض دون بكتيريا!!

يؤكد العلماء أن البكتيريا كانت الأشكال الأولى للحياة على الأرض، وأن معظم هذه البكتيريا التي تعيش من حولنا أو معنا تقدم منافع جليلة لنا نحن البشر.

أولى هذه المنافع أن عدداً وفيراً من البكتيريا مثل العصويات اللبنية Lactobacillus، وبعض الأنواع الأخرى مثل العنقوديات Staphylococcus، والعقديات Streptococcus، والعصويات المعوية E. coli، تشكل جزءاً أساسياً من البكتيريا التي تعيش معنا وتسمى المايكروفلورا أو المايكروبايوتا() على جلودنا وفي أجهزتنا الحيوية والقسم الأكبر منها تعيش في جهازنا الهضمي وتؤدي أدواراً مهمة في حياتنا منها إنتاج بعض المضادات الحيوية Antibiotics في أجسامنا، وتعزيز ودعم الجهاز المناعي، وكذلك إنتاج بعض الفيتامينات المفيدة للجسم.

ثاني هذه الفوائد أن معظم البكتيريا تخلصنا من الفضلات العضوية والمخلفات التي تنتج من النشاطات البشرية حيث تقوم بتفكيك هذه الفضلات أو المخلفات إلى جزيئاتها البسيطة وعناصرها الكيميائية غير المعقدة وتعيدها إلى التربة والبيئة، وعلى هذا تشكل البكتيريا مكونات أساسية في السلاسل الغذائية في شبكة العلاقات الحيوية بين الكائنات الحية والإنسان والبيئة من جهة وبين مجموعات البكتيريا ذاتها من جهة أخرى، كما تساعدنا بذلك في التخلص من أطنان النفايات وجثث الكائنات الحية على الأرض؛ وانطلاقاً من هذه العملية بحث العلماء في إمكانية قدرة البكتيريا على تفكيك حتى النفايات الضارة والخطرة التي تنتجها المصانع والمعامل، وقاموا بإجراء العديد من الدراسات والأبحاث حول ذلك وتوصلوا إلى نتائج رائعة في استخدام بعض أنواع البكتيريا في تفكيك نفايات مثل التخلص من المعادن الثقيلة وسميتها كالرصاص والكادميوم، وكذلك تفكيك المخلفات النفطية وتحويلها إلى مركبات غير سامة أو ذات سمية أقل لصحة الإنسان والكائنات الحية الأخرى، وما زالت الأبحاث جارية ومستمرة لدراسة قدرة البكتيريا على تفكيك المخلفات البلاستيكية أو مخلفات الزيوت المستخدمة في المطاعم وغيرها لتبين لنا قدرة البكتيريا على التكيف في جميع البيئات وقدرة بعض أنواعها على تفكيك الكثير من المخلفات الصناعية والخطرة التي تشكل خطراً كبيراً على البيئة وتسبب السرطان وأمراضاً أخرى للإنسان.

ومن تلك الفوائد، البكتيريا المستخدمة في التطبيقات الصناعية إذ تستخدم كثير من البكتيريا في إنتاج المضادات الحيوية المستخدمة في قتل البكتيريا المسببة للإنتانات والالتهابات مثل الستربتومايسين Streptomycin، الكلورامفينيكول Chloramphenicol والباسيتراسين Bacitracin، والبوليمكسين Polymyxin، والبنسلين Penicillins، والريفامبسيين Revampicin وغيرها كثير...

ومن المنافع أيضاً، استخدام البكتيريا في إنتاج الإنزيمات Enzymes المهمة في الأغراض الصناعية والأغراض الطبية والصيدلانية مثل إنزيم الأميلاز والبروتياز Protease، إذ تدخل هذه المنتجات في صناعة الأدوية وبعض المطهرات وبعض المنظفات...

ومن أهم تلك المنافع الجليلة للبكتيريا استخدامها في الإنتاج الصناعي والحيوي والذي يتم وفق عملية حيوية تدعى بعملية التخمير أو التخمر Fermentation حيث تتم معظم عمليات إنتاج الأدوية والمواد الصيدلانية والمواد الغذائية، وقد تطورت الصناعات التخمرية بشكل كبير ولا سيما في مجال الصناعة الغذائية مثل الأجبان والمخللات والزبدة وغيرها...

وخلاصة القول إن القسم الأكبر من البكتيريا نافعة ومفيدة في المجالات الصحية والغذائية والصيدلانية والصناعية ذات العائدات الاقتصادية العالية.

     

. مجتمع كبير من مجموعات البكتيريا التي تعيش معنا ولها منافع كثيرة وأضرار قليلة، قد نخصص لها مقالاً في المستقبل 

"عن محاضر في جامعة جيهان في دهوك"

 

 

 

 

 

 

 

نمط الحياة الصحة

التعليقات (0)

لا توجد تعليقات حتى الآن

الرد كضيف

هل ترغب في تلقي إشعارات؟
ابق على اطلاع بآخر أخبارنا وأحداثنا.