زاكروس - ا ف ب
أعلن مصدر مقرّب من حزب الله اللبناني مقتل إبراهيم عقيل، قائد وحدة النخبة في الحزب المعروفة باسم "قوة الرضوان"، في غارة إسرائيلية استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت الجمعة، في خضم تصعيد ملحوظ بين الطرفين.
وأعلن الجيش الإسرائيلي في بيان متقضب أنه شنّ "غارة دقيقة في منطقة بيروت". وبعيد الضربة، أفاد مسؤول في الدولة العبرية أن رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو أرجأ موعد مغادرته الى الولايات المتحدة يوما واحدا إلى 25 أيلول/سبتمبر، بسبب الوضع الأمني على الجبهة الشمالية مع لبنان.
وأتت الضربة في أسبوع يشهد زيادة ملحوظة في منسوب التصعيد المتواصل منذ أكثر من 11 شهرا بين إسرائيل وحزب الله، لا سيّما بعد تفجير أجهزة اتصال عائدة لعناصر الحزب الثلاثاء والأربعاء في عملية منسوبة لإسرائيل، ما أسفر عن مقتل قرابة 40 شخصا وإصابة نحو ثلاثة آلاف بجروح.
وأوضحت وزارة الصحة اللبنانية أن غارة الجمعة أدت الى مقتل ثمانية أشخاص على الأقل وإصابة 59 بجروح "ثمانية منهم في حالة حرجة".
وقال المصدر المقرّب من الحزب إن "الغارة الإسرائيلية استهدفت قائد قوة الرضوان ابراهيم عقيل" وأدت لمقتله.
وأوضح المصدر أن عقيل المطلوب من الولايات المتحدة، كان "الرجل العسكري الثاني في حزب الله بعد فؤاد شكر" الذي قتل بغارة اسرائيلية في الضاحية الجنوبية في 30 تموز.
وبحسب موقع برنامج "جوائز من أجل العدالة" الأميركي، خصصت الولايات المتحدة سبعة ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عن عقيل الذي تصفه بأنه من القادة "الأساسيين" في الحزب، وأحد أعضاء "مجلسه الجهادي". وأشارت الى ضلوعه في تفجيرين في بيروت استهدفا مقر السفارة الأميركية والمارينز عام 1983 وأسفرا عن مقتل مئات الأميركيين.
وقال مصدر أمني لبناني لفرانس برس إن غارة الجمعة وقعت "قرب مسجد القائم". وذكرت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية أنها "استهدفت شقة في أحد المباني السكنية في ساعة الذروة".
وبثّت قناة المنار التابعة لحزب الله مشاهد مباشرة من الموقع المستهدف، تظهر سيارات اسعاف تنقل جرحى ودمارا واسعا وسيارات متضررة.
من جهته، قال الجيش الإسرائيلي إنه "شنّ غارة دقيقة في منطقة بيروت"، وأنّ "تفاصيل إضافية ستنشر لاحقًا".
- توتر متصاعد -
وهذه الضربة الثالثة المنسوبة لاسرائيل تستهدف الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل حزب الله، منذ بدء التصعيد بين الطرفين في الثامن من تشرين الأول/اكتوبر، غداة اندلاع الحرب بين الدولة العبرية وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة.
وأودت ضربة جوية منسوبة لإسرائيل في كانون الثاني/يناير، بنائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري مع ستة آخرين.
وفي 30 تموز، استهدفت اسرائيل القائد العسكري البارز في حزب الله فؤاد شكر بغارة في الضاحية الجنوبية.
وشهد الأسبوع الجاري زيادة في التصعيد بين إسرائيل وحزب الله.
وأعلن الجيش الإسرائيلي الجمعة أنه قصف نحو مئة هدف للحزب في جنوب لبنان.
من جهته، قال حزب الله الجمعة إنه قصف في شمال اسرائيل مقرا للاستخبارات العسكرية المسؤولة عن "الاغتيالات"، في أول عملية يتبناها بعيد الغارة الاسرائيلية على الضاحية الجنوبية.
وتوعّد الأمين العام للحزب حسن نصرالله إسرائيل الخميس "بحساب عسير" بعد تفجير آلاف من أجهزة الاتصال التي يستخدمها عناصره ما خلف 37 قتيلا ونحو ثلاثة آلاف جريح.
وقال نصرالله إن "العدو تجاوز بهذه العملية كل الضوابط والقوانين والخطوط الحمراء"، متحدثا عن "جريمة كبرى" وعن ارتكاب إسرائيل "مجزرة".
وحذرت الأمم المتحدة وواشنطن من "التصعيد" بعد هذه الهجمات غير المسبوقة التي أحيت المخاوف من اندلاع حرب في منطقة الشرق الأوسط، بعد نحو عام من بدء الحرب في غزة.
وأعلنت إسرائيل استهداف منصات إطلاق صواريخ تابعة لحزب الله "جاهزة" لقصف مناطق في الشمال. وقالت إنها ضربت الخميس "نحو 100 منصة إطلاق" ومنشآت أخرى تشمل نحو ألف مدفع.
وأفادت الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية بأن طائرات إسرائيلية شنت 52 غارة على الأقل على جنوب لبنان هي من بين الأعنف منذ بدء بدء التصعيد في تشرين الأول/أكتوبر 2023.
وقال ايلي رميح (45 عاما) وهو صاحب محل ألبسة في بلدة مرجعيون الحدودية "كنا في المنزل والاولاد ناموا (عندما) بدأت الغارات ليلا. أحصيت أكثر من خمسين غارة وكدت أفقد صوابي".
وتابع "حملت أطفالي وتوجهنا إلى منزل أحد أصدقائنا داخل البلدة لأن منزلنا يقع على تلة مشرفة على المناطق التي جرى استهدافها... كان المشهد مرعبا ولا يشبه ما عشناه منذ بدء التصعيد".
- "مبرمجة" لتنفجر -
حدثت الموجة الأولى من تفجيرات أجهزة الاتصال (بايجرز) الثلاثاء غداة إعلان إسرائيل توسيع أهدافها الحربية إلى الجبهة الشمالية على الحدود مع لبنان، للسماح بعودة عشرات الآلاف من سكان المنطقة التي نزحوا منها بسبب تبادل القصف اليومي.
ورد حسن نصر الله على قادة إسرائيل بقوله إن "جبهة لبنان لن تتوقف قبل وقف العدوان على غزة (رغم) كل هذه الجراح وكل هذه الدماء... لن تستطيعوا أن تعيدوا سكان الشمال الى الشمال.. وافعلوا ما شئتم... لا تصعيد عسكري ولا قتل ولا اغتيالات ولا حرب شاملة تستطيع أن تعيد السكان الى الحدود".
كانت الأهداف الرئيسية المعلنة لإسرائيل من الحرب حتى الآن هي تدمير حماس التي سيطرت عام 2007 على قطاع غزة وإعادة الرهائن المحتجزين فيه.
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت في معرض حديثه عن انتقال ثقل الحرب نحو الشمال "إننا نقوم بمهامنا في وقت واحد"، مؤكدا أن العمليات العسكرية ضد حزب الله "ستستمر".
وذكر مسؤول أمني لبناني أن أجهزة الإرسال التي يستخدمها أعضاء حزب الله "تمت برمجتها مسبقا لتنفجر".
وأظهر تحقيق أولي أجرته السلطات اللبنانية أن الأجهزة "تم تفخيخها قبل وصولها إلى لبنان"، حسبما ذكرت بعثة لبنان الدائمة لدى الأمم المتحدة في رسالة إلى مجلس الأمن الخميس.
وأعلن وزير الخارجية عبد الله بو حبيب رفع شكوى إلى مجلس الأمن الدولي على خلفية "العدوان الإلكتروني الإرهابي الإسرائيلي الذي يشكل جريمة حرب". ومن المقرر أن يعقد مجلس الأمن جلسة طارئة الجمعة بهذا الصدد.
- "رد ساحق" -
من جانبه، توعد الحرس الثوري الإيراني "برد ساحق من جبهة المقاومة" التي تضم فصائل مسلحة مناهضة لإسرائيل.
وأكدت الناطقة باسم البيت الأبيض كارين جان-بيار أن الرئيس الأميركي جو بايدن ما زال يعتقد بإمكان التوصل الى حل دبلوماسي لوقف التصعيد ووصفه بأنه "الخيار الأفضل".
في هذه الأثناء، تتواصل الضربات في قطاع غزة المحاصر والغارق في أزمة إنسانية كبيرة.
وأفاد الدفاع المدني في القطاع عن مقتل ما لا يقل عن 14 شخصا صباح الجمعة في غارتين إسرائيليتين. استهدفت إحدى الغارتين منزلا في مخيم النصيرات، وسط القطاع موقعة ثمانية قتلى، فيما قُتل ستة بينهم أطفال في قصف استهدف مبنى في مدينة غزة.
اندلعت الحرب في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، مع شن حماس هجوما تسبّب بمقتل 1205 أشخاص في الجانب الإسرائيلي، معظمهم مدنيون، بحسب تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى بيانات رسمية إسرائيلية. ويشمل هذا العدد رهائن قضوا خلال احتجازهم في قطاع غزة.
وخُطف خلال الهجوم 251 شخصا، لا يزال 97 منهم محتجزين، بينهم 33 يقول الجيش إنهم لقوا حتفهم.
وردّت إسرائيل بحملة قصف مدمرة وهجوم بري على غزة، ما أسفر عن سقوط 41272 قتيلا على الأقل، وفق وزارة الصحة التابعة لحماس. وتؤكد الأمم المتحدة أنّ غالبية القتلى من النساء والأطفال.
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات حتى الآن