كشفت دراسة مصرية غموض مومياء امرأة بتعابير وجه صارخة عاشت منذ ٣٥٠٠ عام، وجدت في موقع دفن عائلة سنموت "مهندس الملكة حتشبسوت" في الدير البحري، حيث قامت الأستاذة الدكتورة سحر سليم، أستاذ لأشعة بكلية الطب بجامعة القاهرة ، عضو اللجنة العلمية للعرض المتحفي بوزارة السياحة و الآثار المصرية، بالتعاون مع دكتورة سامية الميرغني المدير الأسبق لمركز بحوث وصيانة الآثار بوزارة السياحة والآثار المصرية؛ وذلك باستخدام أحدث تقنيات الاشعة والفحوصات العلمية التي كشفت أن السيدة كانت محنطة بشكل جيد باستخدام مواد ثمينة ومستوردة، وتفترض أن فم المومياء المفتوح ربما يكون بسبب التقلص المصاحب بموت مؤلم وتحت مشاعر قوية، وذلك في البحث الذي تم نشره في ٢ آب ٢٠٢٤ بالمجلة العلمية المرموقة "فرونتيرز ان مديسن".
تاريخ اكتشاف المومياء
في عام 1935م، وأثناء تنقيب بعثة متحف متروبوليتان-نيويورك بالدير البحري بالأقصر بالقرب من مقبرة سنموت المهندس المعماري، والمشرف على الأعمال الملكية للملكة الشهيرة حتشبسوت (1479-1458 قبل الميلاد)، عُثر على مدفن عائلة سنموت الذي يضم أبويه مع أقارب آخرين.
ومن بينهم تابوت خشبي بداخله مومياء سيدة ترتدي باروكة شعر سوداء اللون، وتتحلى بخاتمين من الفضة والذهب، وما أدهش علماء الآثار حقاً هو تعبير وجه السيدة المٌحنطة، ففمها مفتوح كما لو كانت تصرخ، ومنذ ذلك الوقت أطلق عليها اسم "المرأة الصارخة".
تم الاحتفاظ بمومياء المرأة الصارخة في كلية طب قصر العيني في القاهرة حتى عام ١٩٩٨م، حيث نُقلت بعدها إلى المتحف المصري بالقاهرة.
فحص المومياء الصارخة
والآن، بعد ما يقرُب من ٨٩ عاما من اكتشاف المومياء، استخدمت البرفيسورة سحر سليم أستاذ الأشعة بكلية الطب بجامعة القاهرة عضو اللجنة العلمية للعرض المتحفي بوزارة السياحة والآثار المصرية، بالتعاون مع دكتورة سامية الميرغني المدير الأسبق لمركز بحوث وصيانة الآثار بوازرة السياحة والآثار المصرية، أحدث تقنيات الأشعة والفحوصات العلمية المتقدمة في دراسة مومياء المرأة الصارخة، والتي عاشت منذ قرابة ٣٥٠٠ عامًا في الدراسة التي كشفت أسرار حياتها وموتها ونشرت في مجلة "فرونتيرز ان مديسين".
استخدمت د. سحر سليم الأشعة المقطعية لدراسة وعمل التشريح الافتراضي لجسد المومياء بشكل آمن، وقامت بعمل وتحليل صور الأشعة المقطعية ثنائية وثلاثية الأبعاد في تقدير عمر المرأة بـ 48 عاما تقريبا وقت وفاتها، وكذلك تحديد الأمراض حيث عانت السيدة من أسنانها ومن التهاب طفيف في الفقرات والمفاصل، وتقنية تحنيط فريدة و باروكة شعر مستعار.
وأظهرت الدراسة أن المومياء في حالة حفظ جيدة، وأن الجسد مستلقي والساقان و الذراعان ممددة.
و تعلق د. سحر سليم على صور الأشعة المقطعية بأن المخ والأحشاء لا تزال موجودة بداخل جسد المومياء، ولم يكن هناك شق التحنيط في بطن المومياء: “كانت هذه مفاجأة، حيث أن ذلك مخالف للطريقة المعتادة للتحنيط في المملكة الحديثة (1550-1069 قبل الميلاد) وهي إزالة الأحشاء باستثناء القلب"!.
وتضيف د. سامية الميرغني:"لقد أثبتت التحاليل وجود مواد تحنيط على سطح المومياء، وهي: العرعر واللبان وهي مواد غالية الثمن، كان لا بد من جلبها من شمال البحر الأبيض المتوسط وشرق إفريقيا، على التوالي، وبالمثل، كان شعرها الطبيعي مصبوغًا بالحناء والعرعر".
وتكشف صور الأشعة المقطعية والتحاليل تركيب باروكة الشعر المستعار المصنوعة من ألياف نخيل التمر ومطلية ببلورات معدنية لمنح شعر الباروكة اللمعة واللون الأسود.
وتؤكد الباحثتان على أن حالة حفظ المومياء الجيدة نتيجة استخدام مواد التحنيط على سطح الجسد، مما يدحض الاعتقاد السائد بأن عدم إزالة الأحشاء الداخلية يعني سوء التحنيط.
وتدعم هذه الدراسة وجود تجارة لجلب مواد التحنيط في مصر القديمة.
ظروف الوفاة
لم توضح الفحوصات سببا واضحا للوفاة، فما الذي تسبب في تعبير وجه المومياء الصارخ؟.
وجود مواد التحنيط تستعبد أن عملية التحنيط كانت رديئة أو أن المحنطين قد أهملوا إغلاق فم المرأة أثناء التحنيط، وذلك فتح المجال وتحليل تعبيرات وجه المومياء الصارخة على أن المرأة ربما ماتت وهي تصرخ من العذاب أوالالم، أن تشنج الجثة بعد الموت حفظ تعابير وجهها، والتشنج الجثثي هو شكل نادر من تصلب العضلات الذي عادة ما يرتبط بالوفيات العنيفة في ظل ظروف جسدية قاسية وعاطفية شديدة.
وقالت د.سحر سليم ، لـ"بوابة الأهرام"، إن التاريخ الحقيقي لظروف وفاة هذه المومياء غير معروف، وكذلك تفسير هيئتها يبقى لغزًا، وبالمثل لا يزال مصير سنموت لغزًا لم يحل بعد، فالمومياء هي "كبسولة زمنية" حقيقية ودراستها تكشف عن حياة الانسان ومماته و تعيد لأذهاننا آدمية وحقوق المومياء.
المصدر: الأهرام المصرية
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات حتى الآن