زاكروس – أربيل
صدر للشاعرة الروائية سلوى محمود، رواية "تميمة المعبد – بنتريشيت"، عن دار الرضا للنشر والتوزيع، وهي رواية مبنية على أحداث حقيقية لسيدة بريطانية (دورثي إيدي) من أصول أيرلندية رجعت من الموت، وادعت أنها كاهنة في معبد فرعوني، وجاءت إلى مصر لتعمل بوزارة الآثار مع الدكتور سليم حسن صاحب موسوعة مصر القديمة وسمت نفسها (أم سيتي) وتتوالى الأحداث.
تدور الرواية في عصور مختلفة تمامًا، وتخرج الرواية إلى الكثير من التشويق، وتتحرر من الروابط الزمنية عن طريق البوابات النجمية والبحث الدائم لبطلة الرواية للعودة إلى ملكها وحبيبها الملك سيتي الأول (ثاني ملوك الأسرة التاسعة عشر، وابن رمسيس الأول مؤسس دولة الرعامسة)، وتواجه بنتريشيت (ومعناها قيثارة الفرح باللغة المصرية القديمة) الشر المطلق الأبدي ممثلًا في شخصية خالدة تجوب العصور والبلاد اتخذت الكاتبة شخصية (أم سيتي) كلبنة أساسية لتطلق لخيالها العنان وتلهمها الكثير من الأحداث الماورائية الشيقة والتي اعتمدتها في أحداث الرواية.
أم سيتي
وتعتبر العالمة والأثرية البريطانية "دورثي لويز إدي" والتي تُلقب بـ"أم سيتي" من أغرب الظواهر الإنسانية في عصرنا الحديث، ليس بسبب هويتها كعالمة أثرية قدمت للعلم الأثري الكثير، وإنما كظاهرة آمنت بأن روح حبيبة الملك الفرعوني سيتي قد حلت فيها، وأن الملك قد ارتبط معها بقصة عشق لكنها لم تكتمل؛ لذا قررت أن تمضي حياتها في أبيدوس، التي كانت تصفها بأنها موطنها الأصلي الذي قدمت منه في العصور الماضية، وتلبستها روح حبيبة سيتي فى مسقط رأسها ببريطانيا.
وأم سيتي هي (دورثي لويز إدي)، وُلدت لأبوين من أصل أيرلندي، وبينما كانت تلهو في منزل العائلة في ضاحية بلاك هارت سقطت في عمر الثالثة من أعلى السلم إلى الطابق السفلى لترتطم رأسها بالأرض وتدخل في غيبوبة.
وقد قال طبيب الأسرة إن دورثي فارقت الحياة، وطلب تكفين الفتاة وتجهيزها للدفن، ووسط صدمة الأبوين، فاقت دورثي من غيبوبتها بشكل عادي وفي حالة جيدة، وبدأت الصغيرة تردد أريد العودة إلى بيتي"ليخبرها والداها أنها بالمنزل، لكنها تصرّ في عصبية إن بيتها ليس هنا وتبدأ في إعطاء أوصاف لبيتها المزعوم، ومن هنا بدأت حكاية المرأة والعالمة الأثرية التي ارتبطت بأبيدوس".
وتقول السيرة الذاتية لهاإ ن الصغيرة استيقظت في إحدى الليالي من نومها فزعة لتخبر والدتها عن معبد أبيدوس وعن الملك سيتي، وتحكى قصصًا غريبة كانت ترويها الطفلة، لكن الأغرب أنها كانت تشرح تفاصيل دقيقة، كأنها ذهبت هناك، وكانت الأم تعتقد أن ابنتها ما زالت تحت تأثير الحادث.
وقد قام والدها بأصحابها في رحلة إلى المتحف البريطاني، وما أن رأت التماثيل الفرعونية حتى تبدل حال الطفلة الصغيرة، وبدأت تدور حول التماثيل وتقبل أقدامها وتصرخ "وطني" وسط دهشة الأب وزائري المتحف، الأمر الذي دعى والدها لإبعادها عن المتحف حتى لا تثير قلق الزوار، وبينما كان والدها يشدها بعيدًا عن المتحف كانت هي تصرخ وتبكي قائلة:"اتركني بين أهلي وفي وطني".
وفي إحدى المرات وقعت عينيها على صورة لمعبد أبيدوس، لتحمل الصورة وتخبر والديها أن هذا هو منزلها، وأنها حين كانت تحت تأثير الغيبوبة كانت هناك وبصحبة سيتي.
لفتت الصغيرة نظر عالم الآثار الإنجليزي الشهير السير بادج، الذي لاحظ شغفها الشديد بالآثار المصرية، حيث تطوع بتعليمها اللغة الهيروغليفية، فأدهشه سرعة تعلمها، وحين سألها عن ذلك قالت إنها تتذكر فقط ما تعلمته من قبل، فقد كانت ما زالت تصر على أنها آتية من ذلك الزمن البعيد، وأنها في حياتها السابقة كانت جزء من بلاط الملك الفرعوني سيتي الأول، وقصت عليه الحلم الذي رأته حين حضر إليها سيتي الأول في نومها وطلب منها العودة إلى الوطن.
في تلك الأثناء تعددت زيارات سيتي الأول لها في نومها، وكانت كل ليلة تصحو وهي تصرخ باسم سيتي وتنادي عليه وتهذي بكلمات وأسماء غير مفهومة، لترسل بعد ذلك إلى مصحة عقلية عدة مرات، من أجل التأكد من سلامة قواها العقلية.
وأوضح مجدي شاكر، كبير الأثريين بوزارة السياحة والآثار لـ"بوابة الأهرام"، إنها كانت تتدعي أنها فتاة مصرية اسمها "بنترشيت" لأب يعمل في سلك الجندية، ولأم تعمل بائعة خضراوات في عهد الملك سيتي الأول (1290-1279 ق.م)، وأنه ارتبط معها بقصة عشق في الحياة الماضية، بعد وفاة أمها لم يستطع الأب تحمل مشقة تربيتها فوهبها لمعبد أبيدوس، لتعمل كاهنة في خدمة الإله، وتكبر الفتاة وتصبح كاهنة من كاهنات المعبد وأثناء زيارة أجراها الملك سيتي الأول للمعبد تقع عينيه عليها ويفتن بجمالها، لتصبح إحدى عشيقاته، لتحمل منه ولشدة حبها للملك وخوفها على مستقبله السياسي من فضيحة علاقته غير الشرعية بإحدى كاهنات المعبد تنتحر.
وبحلول عام 1927 تنتقل الأسرة للعيش في لندن، الأمر الذي شجع دورثي على إشباع نهمها وحبها لدراسة المصريات، فالتحقت بمدرسة للفن وتخصصت في الفن القديم، وفي تلك الفترة اقتنت مجموعة من التحف المصرية الغالية جمعتها من مزادات لندن، ثم التحقت للعمل في مجلة مصرية تصدر من لندن، وكتبت فيها عددًا من المقالات ناصرت فيها مطالب المصريين في الانفصال عن التاج البريطاني أثناء ذلك تتعرف على شاب مصري حضر للدراسة يُدعى إمام عبد المجيد، وتتوطد العلاقة بينهما، وبعد ثلاثة أعوام تتزوج وتنجب طفلها الوحيد، الذي قررت أن تسميه "سيتي".
وفي عام 1933م تزور مصر لأول مرة برفقة زوجها، وبمجرد نزولها إلى ميناء بور سعيد تنحني مقبلة الأرض ومبللة رصيف الميناء بدموعها، يتلقى زوجها عرضًا للعمل في العراق، لكنها ترفض ترك وطنها مصر، ليقع الطلاق في عام 1935م، وعلى ما يبدو أن الزوج أخذ الطفل سيتي معه،وعند الطلاق تنتقل دورثي للعيش في منطقة نزلة السمان، بالقرب من أهرامات الجيزة، ترسم وتسجل وتكتب، وكانت تقوم بطقوس تشبه الصلوات أمام الأهرامات.
وأضاف شاكر ، أنه سمع عنها في تلك الفترة الأثري المعروف الدكتور سليم حسن (الذي كان يقوم بحفريات في منطقة الجيزة) فاستضافها في منطقة أثار الجيزة ووظفها كرسامة في فريقه الأثري، لتكون أول سيدة تعمل في حقل الآثار.
كانت تتلقى الاحترام والإعجاب من الأثريين الكبار أمثال لبيب حبشي وغيرهم، مضيفًا أنها قدمت لأبيدوس عام 1956م، وعاشت بها حتى وفاتها في بداية ثمانينيات القرن الماضي في أبيدوس، ومازالت قصة عشقها وغرامها من أغرب قصص الحب في الحقل الأثري، بل وفي التاريخ كله.
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات حتى الآن