زاكروس – أربيل
أكد السفير البريطاني في بغداد، ستفين هيتشن، أن العراق يعزز خطواته نحو الاستقرار والديمقراطية رغم أنه مر بحقبتين مريرتين من حكم النظام البائد وحقبة تنظيم داعش الإرهابي، وشدد على أن الشعب العراقي هو يجب أن يقرر مصير بلاده ويحل مشاكله، كما لفت إلى أنه بات يجذب المزيد من الاستثمارات، كذلك تطرق إلى تطور ملموس في العلاقة بين بغداد وأربيل لا سيما بعد اجتماع النخب السياسية مع الرئيس مسعود بارزاني.
في حديث حصري عبر فضائية زاكروس، الخميس، لفت السفير هيتشن إلى مسائل مختلفة تتعلق بدور بلاده في العراق والحياة السياسية والمشاكل التي تواجه المواطن وتحرك الحكومة لحلها بالإضافة إلى قضايا سياسية مختلفة.
دور السفير والعلاقة مع المواطن
أكد السفير أنه منذ البداية كان يرغب في الاختلاط مع عامة المواطنين في عموم العراق والاستماع إليهم وليس فقط مع المسؤولين الرسميين حتى يكون صورة أوضح ، مضيفاً أنه كان يرغب في تغيير شكل (صورة) السفارة في ذهن المواطن العراقي، "حيث فرضت الأوضاع الأمينة السابقة في العراق علينا اللقاء مع كبار المسؤولين فقط والتحرك في سيارات مصفحة بشكل لم نكن نتقصده إلا أنه كان مثير للخوف رغم إننا في داخلنا نحمل كل الود للعراقيين ونود أن تختلط معهم".
كما لفت إلى أن "هذا ما سعيت إلى تغييره عبر الإعلام ومخاطبة الشباب ، فوسائل الإعلام توفر لنا فرصة لإيصال رسالتنا بشكل أوسع وحتى لو استطعت زيارة عشرين مدرسة أو 100 جامعة لن أتمكن من مخاطبة نفس العدد الذي توفره وسائل الإعلام "، مشيراً إلى أنه "هناك رسائل بعضها سياسية وأخرى اجتماعية نود ايصالها للشباب ولعموم العراقيين".
عبّر السفير عن تفهمه للانتقادات التي تطال تحركه في مناسبات عامة ولقاءه مع مواطنين عراقيين في محافظات مختلفة ، مؤكداً أن هذا "رأي آخر احترمه لكن هذا عمل عادي للدبلوماسيين حتى في بريطانيا ، فالسفراء الأجانب لهم الحق في التحدث إلى الشعب والاختلاط معهم والتحدث إلى الصحافة والحديث عن السياسة"
منوهاً أنه حسب اتفاق فيينا أي سفير أو دبلوماسي له الحق أن يختلط مع الناس ويأخذ آرائهم وهو ليس بالأمر الصعب أو المثير للجدل، واعتقد أنه في العراق من الممكن أن يتعود الناس على الاختلاط مع السفراء.
شدد السفير على أن هناك آراء مختلفة ومتنوعة في الشارع العراقي التقى بها، فـ "هناك نوع من التفاؤل وآخر من الزخم الاجتماعي، اعتقد أن غالبية الناس تريد فرص عمل وحياة عادية وخلاصاً من الأزمات الأمنية، وهنام يائسون وقلقون على مستقبل العراق".
الدور البريطاني في العراق بين الواقعية والنقد
لم ينفي السفير أنه سمع بعضاً من النقد الجارح للدور البريطاني في العراق إلى جانب تفهم من آخرين لهذا الدور الذي وصفه بالعميق جداً.
إذا أنه من وقت لآخر وفي بعض الجلسات المفتوحة "كانت هناك انتقادات جارحة بعضها قائم على سوء التفاهم لدورنا في العراق، وبعضهم كان لديهم الحق في انتقاد هذا الدور الذي هو في الحقيقة عميق جداً، لا سيما مع العودة إلى عشرينات القرن المنصرم مع وجود نوع من المسؤولية البريطانية حين تأسيس الدولة العراقية".
كذلك لفت لأنه "لا شك أني سمعت انتقادات بعضها لعملياتنا وبعضها مبالغ فيه بعض الشي في تصور قواتنا داخل البلد، نحن لا نستطيع أن حل كل مشاكل العراق، فالحلول ليست بيدنا بل بيد العراقيين وهم القادرون على حلها".
تعزيز مرتكزات الاستقرار
تطرق السفير المشاكل التي تواجه المواطن العراقي في مختلف جوانب الحياة، وذهب إلى أن "هناك شيء من الاستعجال أو عدم الصبر لدى العراقيين للوصول إلى الحلول، فالناس يريدون الحصول على حلول سريعة اقتصادياً وسياسياً وأمنياً، لكني أقول لكم أن لديكم وراثة صعبة ومريرة من فترة حكم نظام صدام وحقبة داعش، وليس واقعياً أن تحل أي حكومة واقع بلد في 3 أو 4 سنين".
كما أكد أنه لا يمكن تحديد سقف زمني لتحقيق كامل الحلول "لكني أجد كل يوم تعميقاً أكثر للاستقرار، وكل يوم تتعزز مرتكزات الاستقرار: كلك شدد على أنه لا يمكنه التكهن بمدى تأثير أو الانعكاس المباشر لذلك في حياة المواطن، ومع ذلك "يمكن الحديث عن تزايد نسبة التفاؤل بين الناس تجاه عمل الحكومة، فهناك من يريد العودة للاستقرار في البلاد وأعداد الشركات الغربية التي ترغب أن تستثمر هنا في تزايد كل عام ".
التحول الديمقراطي في العراق
حول لوم الشارع العراقي لبريطانيا على دعمها للسلطة على حساب إهمال الحراك المدني الليبرالي من تشرين وإلى هذه اللحظة، أكد السفير هيتشن في حديثه لفضائية زاكروس أنه "لدينا مسؤوليات مختلفة، أولى هي تعزيز مصالح بلدي في العراق، هذا واضح ولكن كيف أحقق ذلك؟ عبر دعم الاستقرار الحقيقي في العراق، الآن هناك نوع من هذا الاستقرار في البلاد"
فيما يخص الجانب المدني "نريد أن نشجع مبدأ حرية التعبير، في الوقت ذاته علينا الاعتراف أنه لدينا عدة طرق للوصول إلى نفس المبدأ، فهناك حدود أو قيود لهذا المبدأ تختلف من دولة غربية إلى أخرى لأنها تعكس الظروف الداخلية والتاريخية لبلداننا، لذلك فالعراقيون يجب أن يصلوا إلى الحل العراقي والاستقرار، ليس الطبقة السياسية فقط بل المجتمع أيضاً عبر وسائل الديمقراطية".
الديمقراطية جديدة في العراق وتحتاج إلى وقت لتطبيقها، لكن العراق بلد ديمقراطي، لكنها تحتاج ليس فقط إلى الانتخابات بل كذلك إلى مؤسسات رصينة وإلى حرية التعبير وثقافة ديمقراطية وتصويت وهي عملية تراكمية تحتاج إلى وقت .
خطورة الميليشيات على مستقبل العراق
أكد السفير البريطاني أن الوضع الأمني في العراق "ما يزال هشاً وأن تنظيم داعش الإرهابي ما يزال يشكل تحدياً لكنه ليس تحدي وجودي ، رغم أنه يحتاج إلى مجابهته ونحن نشترك معكم في ذلك، أما الميليشيات فتعمل خارج نطاق الدولة وتشكل تهديداً للاستقرار في البلاد."
مضيفاً "في السابق كانوا يشكلون تهديداً محلياً لسلطة الدولة وهيبتها، الآن لديهم أسلحة دولية وسلطة وربما تورط العراق في مشاكل إقليمية".
كذلك أشار إلى أن "علاقاتنا مع الدولة العراقية ممتدة لكن ذلك لا يعني إننا نؤيد كل شيء، ومحاولة حكومة السوداني احتواء الميليشيات قرار منطقي ، لكن ذلك يحتاج إلى وقت. هذا الوضع غير مثالي ويشكل خطورة لمستقبل البلاد، لكن العراقيون هم من بيدهم القرار في كيفية التعامل مع هذه المليشيات أو الانتفاضة ضدهم ، لو أراد العراقيون مساعدتنا ضدهم فهذا يحتاج إلى طلب رسمي"
أضاف السفير "علاقتنا مع الحكومة العراقية ممتدة وشاملة لجوانب مختلفة ليست أمنية فقط بل تشمل المياه ومكافحة المخدرات وتغير المناخ، وهي مهمة للجانبين لكن مسألة المليشيات ليست سبباً لنلغي باقي العلاقات ، فبعض برامجنا تستهدف المواطن وشركاتنا تستثمر في البنية التحتية وليس من المنطق الانسحاب من البلد لوجود هذه الميليشيات، كلما استثمرنا في البلد كلما تحقق الاستقرار أكثر".
"الميليشيات ورثة من المراحل السابقة ولا يمكن حل هذا الملف من قبل الحكومة فوراً فثمة دروس قاسية من المراحل السابقة لا سيما بعد 2003، وهناك فرق بين الحشد الشعبي كمؤسسة أمنية عراقية وبين المليشيات التي تتأمر من خارج العراق ، رغم أنه هناك بعض الروابط بينهما ، ونحن نميز بينهما وندرك الفرق" ، تابع هيتشن " ليس لدينا عمل مع الأحزاب التي لديها فصائل مسلحة ولم نجلس إليهم أو نتلقى دعوى منهم ،إذا تلقينا طلباً في المستقبل سنفكر وندرسه"
احترام المرجعية
أردف السفيرليس لدينا عمل مع الأحزاب التي لديها فصائل مسلحة ولم نجلس إليهم أو نتلقى دعوى منهم ،إذا تلقينا طلباً في المستقبل سنفكر وندرسه.
وأن زيارة النجف كانت "للتعبير عن احترامنا للمرجعية والدور الديني في المجتمع العراقي، وسبق أن التقيت مع شخصيات من التيار الصدري مثل السفير العراقي في بريطانيا، ونريد أن نعبر عن علاقتنا مع الأحزاب الدينية وليس الليبرالية فقط".
الانتخابات المبكرة والاستقرار الإداري
أردف السفير "بالعموم ففكرة الانتخابات المبكرة ليس مشروطة بجدول زمني ، لكن البلد يحتاج إلى استقرار إداري وهو ما لا يتحقق بتغيير الحكومة كل سنتين مثلاً، لكن القرار بيد النخبة السياسية العراقية ولا نريد أن نتدخل في الأمر، كذلك اعتقد أن العراق يحتاج إلى خطة طويلة الأمد في بعض الجوانب لاسيما الاقتصاد وهو ما يستوجب وجود استقرار إداري... في كوردستان ننتظر بفارغ الصبر إجراء الانتخابات البرلمانية في أكتوبر / تشرين الأول أما في بغداد فلننظر ما تراه النخب السياسية".
أضاف أن الانتخابات هي فرصة لتعزيز شرعية الحكومة ومن حق الأحزاب المطالبة بالانتخابات المبكرة".
زيارة تاريخية لـ "الأسطورة الحية"
في ختام حديثه مع فضائية زاكروس وخلال استضافته في برامج "بوضوح"، أكد السفير البريطاني في بغداد، ستفين هيتشن أن زيارة الرئيس مسعود بارزاني إلى بغداد كانت تاريخية ولاقت ترحيباً من الجميع، لا سيما أنها جاءت بعد سنوات من أخر زيارة له، وأنه يحظى باحترام وتقدير لجميع القوى السياسية في العراق واصفاً إياه بـ "الأسطورة الحية" ، وأنها وفّرت فرصة قيّمة للحوار المباشر حول العلاقات بين بغداد وأربيل، مرحباً بما وصفه بـ "لتقدم الملموس والأجواء الإيجابية".
مستقبل التحالف الدولي
كما نوه السفير إلى اعتقاده أن التحالف الدولي سينتهي خلال السنوات القادمة، لكنه شدد على أهمية استمرار العلاقات الأمنية بين العراق وبريطانيا ودول التحالف، لافتاً أن هذه أول فرصة للطرفين بعد سقوط النظام للتفكير في مستقبل العلاقة بينهما في ظروف شبه عادية.
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات حتى الآن