زاكروس – أربيل
في ظل عدم توقع حصول أي تغيير سياسي تنتخب إيران برلمانا "جديدا"، الجمعة، في تصويت يضع شعبية حكام البلاد أمام اختبار في وقت يتصاعد فيه السخط العام على خلفية مشاكل اقتصادية وقيود على الحريات السياسية والاجتماعية، مما يجعل الكثير من الإيرانيين يرفضون المشاركة في التصويت.
ومع بقاء المعتدلين وأصحاب الثقل من المحافظين خارج السباق ووصف الإصلاحيين له بأنه "انتخابات غير حرة وغير عادلة"، فإن التصويت سيضع المتشددين والمحافظين الأقل ثقلاً في مواجهة بعضهم البعض، وجميعهم يعلنون الولاء للمثل الثورية الإسلامية في إيران، وفقا لما ذكرته وكالة "رويترز".
كما سيكون التصويت أول مقياس رسمي للرأي العام بعد أن تحولت احتجاجات مناهضة للحكومة في 2022 و2023 إلى سلسلة من أكبر الاضطرابات السياسية منذ ثورة 1979.
ووصف المرشد الإيراني علي خامنئي الذي يكون عادة أول من يدلي بصوته في الثامنة صباحاً، التصويت بأنه "واجب ديني"، واتهم "أعداء" البلاد، وهو المصطلح الذي يستخدمه عادة للإشارة إلى الولايات المتحدة وإسرائيل، بمحاولة بث اليأس بين الناخبين الإيرانيين.
لكن آمال الحكام المتشددين في تحقيق نسبة إقبال عالية وتعزيز شرعيتهم قد تتعرض لضربة، إذ تشير استطلاعات الرأي الرسمية إلى أن حوالي 41 بالمئة فقط من الإيرانيين سوف يصوتون، الجمعة.
بينما أظهرت استطلاعات أخرى أن نسبة العزوف قد تبلغ 70%، بسبب استياء المواطنين من الوضع الاقتصادي في البلاد، وعوامل سياسية أخرى.
وقالت وزارة الداخلية إن 15200 مرشح سيتنافسون على مقاعد البرلمان البالغ عددها 290، وهو ما ليس له تأثير يذكر على السياسة الخارجية الإيرانية والخلاف النووي مع الغرب، لأن خامنئي هو الذي يحدد ذلك.
إلا أنه تكتسب مسألة المشاركة أهمية كبرى، إذ تقدّمها السلطات على أنها دليل لشرعيتها على الساحة الدولية في ظل التوترات الجيوسياسية.
لذلك لم تتوقف محاولات الشخصيات العسكرية والسياسية استمالة عواطف الشارع الإيراني عبر لعب ورقة الحرب في غزة كمادة انتخابية، إذ رأى الحرس الثوري الإيراني أن "المشاركة القوية" من شأنها أن تمنع "التدخلات الأجنبية" المحتملة في سياق الحرب في غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية المدعومة من إيران.
وشبه قائد الحرس حسين سلامي "كل ورقة اقتراع" بـ"صاروخ يُطلق في قلب أعدائنا"، بحسب ما نقلت عنه وكالة "تسنيم" الإيرانية.
إلا أن للإيرانيين هما آخر يوججهم على ما يبدو إذ يرى العديد من المواطنين أنّ الهم الرئيسي حالياً هو الاقتصاد، إذ تجري الانتخابات في ظل استياء متزايد في البلاد إزاء غلاء المعيشة، ونسبة تضخم تقارب 50%، بالإضافة إلى الانفاق السخي على المليشيات خارج حدودها سواء في العراق أو سوريا وحتى اليمن وغزة ولبنان الذي يورق المواطنين الذي يجدون البلاد أولى بها.
يشار إلى أنه من المتوقع أن يعزز الاقتراع قبضة المحافظين على السلطة في غياب بديل لتستمر هيمنتهم الواسعة على المجلس الذي يشغلون حالياً أكثر من 230 مقعداً فيه من أصل 290.
ففي ظل عدم وجود منافسة فعلية مع الإصلاحيين والمعتدلين، ستقتصر المواجهة بين المحافظين والمحافظين المتشددين. ويُتوقع أن تصدر النتائج الأحد أو الاثنين.
كذلك من المتوقع أن تؤكد هذه الانتخابات تراجع المعسكر الإصلاحي والمعتدل منذ انتخابات 2020 بعدما همّشه المحافظون والمتشددون. ولا يأمل هذا المعسكر سوى بحصد بعض المقاعد بعدما استبعد مجلس صيانة الدستور عدداً كبيراً من مرشحيه.
إلى ذلك سيعزز المحافظون سيطرتهم على مجلس خبراء القيادة، وهي هيئة مؤلفة من 88 عضواً من رجال الدين يُنتخبون لمدة ثماني سنوات بالاقتراع العام المباشر، تقوم باختيار المرشد الأعلى الجديد وتشرف على عمله وعلى إمكان إقالته.
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات حتى الآن