زاكروس عربية - أربيل
ببساطة، ما الذي يمثله قيام مجموعة محسوبة على مؤسسة أمنية تابعة رسميا لجهاز الدولة، ويرأسها القائد العام للقوات المسلحة العراقية بتحدي السلطة وعرقلة تنفيذ قراراتها ما لم يكن هذا دليلاً دامغا جديدا على أن اللادولة هو التعريف الأنسب للوضع العراقي؟!
ان ما يحصل في كركوك بقيام مجموعة من عناصر الحشد الشعبي الدخيلين على المحافظة بقطع الطريق بين محافظتي اربيل وكركوك لمنع تنفيذ قرار سيادي، وما رافق ذلك من احداث عنف في أثناء التصدي لتظاهرة سلمية لأبناء المحافظة الأصليين من الكورد، والتي أدت الى استشهاد أحد المواطنين وجرح آخرين، لهو برهان جديد يُقدم للسيد رئيس الوزراء بأن قرار هذه المؤسسة خارج صلاحياته، وأنها سلاح دولة داخل الدولة، وهو يضاف إلى ما سبق من براهين عن أنها تغولت وانفلتت تماما من عقالها، وبات الوقوف بوجها مسألة وجود.
وكأنه لم يكفِ هذه المؤسسة أنها صارت اداة في حروب الانابة في سوريا، ورأس الحربة في الاعتداء على مدن الإقليم، ومارست أبشع أنواع التسلط على الناس من انتزاع أملاك وأراض وأموال واتاوات، والتحكم بوزارات ومؤسسات الدولة حتى صارت لها قوانينها وأدواتها التنفيذية ومشاريعها الاقتصادية وأجهزة استخباراتها وفرق اغتيالاتها ووسائل دعايتها وجيوشها الإلكترونية، فها هي تنزع عن وجهها آخر ما تستر به حقيقتها، وتسفر عن وجهها الكالح كعدوة صريحة للشعب والوطن.
ولا يمكن بأي حال من الأحوال إلقاء اللوم على بضعة عناصر مجندة في الحشد، أكثرهم يجهلون ما هم صانعون، حيث يؤدون الأوامر التي تأتيهم من جهات عليا تعتبر نفسها اعلى من الدولة ذاتها.
أما من تضامنوا معهم وآزروهم من الوافدين الى كركوك وأدوات التعريب وبقايا انتسابات وولاءات وانتماءات خارجية، فهؤلاء هم البقية الباقية من النظام المقبور ونهجه، عادت بسبب ضعف الحكومات فبرزت أنيابها من جديد، وامتدت مخالبها، وجأرت بالصوت إنا هنا الدولة، بقية صدام ونظامه في الأرض.
إن الرسالة التي يبعث بها هؤلاء ومن يقف وراءهم ويحركهم بسوء المقاصد، والتي تهدف أساسا الى منع العراق من ان يرى استقرارا وامنا فهي موجهة الى حكومة السوداني قبل غيره.. وهي تحدٍ صارخ عليه أن يواجهه فأما ان تكون هناك دولة، أو لا دولة.
تقرير.. كمال بدران
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات حتى الآن