زاكروس عربية – أربيل
استعرض وزير مالية إقليم كوردستان، آوات شيخ جناب، اليوم الأحد (28 أيار 2023)، أوجه اعتراض الإقليم على التغييرات "غير الدستورية" التي أجرتها اللجنة المالية النيابية على مشروع قانون الموازنة، وفيما دعا جميع الأطراف إلى الابتعاد عن المزايدات السياسية، عبّر عن تفاؤله بـ"انتصار إرادة الخير التي تتحرك الآن في بغداد من أجل تجاوز الخلافات بأقرب وقت".
وقال شيخ جناب في مؤتمر صحفي حضرته زاكروس: "أردت انطلاقاً من اطلاعي على زيارات وفد الإقليم إلى بغداد منذ 2019 وكوني وزيراً للمالية، حيث أن مضمون تغييرات مشروع قانون الموازنة تؤثر بشكل مباشر على عمل وزارتنا وشاهداً على الاتفاقيات التي عقدت مؤخراً مع الحكومة الاتحادية تقديم بعض الإيضاحات".
وأضاف أن "الاتفاق الأخير بين بغداد وأربيل كان ثمرة مفاوضات طويلة، وتوافق الأطراف السياسية العراقية والكوردستانية الذي تمخض عنه تشكيل ائتلاف إدارة الدولة والمنهاج الوزاري للحكومة والذي صوت عليه البرلمان أي أن لها قوة القانون والذي يعطي الصلاحية لحكومتي بغداد وأربيل من أجل التفاوض والاتفاق لحين صدور قانون النفط والغاز بالنص على (تأكيد التنسيق بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم حول الملفات والقرارات التي تخص إقليم كوردستان) فيما تنص الفقرة 23 على أنه (بدعم القوى السياسية الموقعة على هذه الوثيقة تخول الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كوردستان العراق بالتفاوض حول الملف النفطي والموازنة لحين إكمال تشريع قانون النفط والغاز وفقاً للدستور خلال ستة أشهر)".
وتابع: "نحن ملتزمون بهذه الاتفاقية ومشروع موازنة 2023 و2024 و2025 وورقة المنهاج الحكومي وعلى ضوء الاتفاق الذي أبرم مؤخراً بحضور السوداني ومسرور بارزاني في بغداد، ناهيك عن الاتفاق الذي وقع في 18 نيسان الماضي بين وزارة الثروات الطبيعية ووزارة النفط الاتحادية في حين أن أي تغيير في مشروع الموازنة خارج هذه الاتفاقيات يعد مخالفاً للدستور والقانون، خاصة مع وجود حكم من المحكمة الاتحادية رقم 35 والذي يمنع البرلمان من التلاعب بنصوص مشاريع القوانين المرسلة من مجلس الوزراء أي أن اللجنة المالية تملك صلاحية إجراء مناقلات بين الأبواب دون أن تملك صلاحية إضافة مواد جديدة".
وذكر أن "هذه التغييرات عدا عن كونها غير دستورية وغير قانونية فإنها تعد زرعاً للألغام على طريق تنفيذ الاتفاقيات المبرمة ولن تخدم أبداً جهود التقريب بين بغداد وأربيل بل من شأنها تخريب العلاقات بين الجانبين".
وأوضح أن "التغيير الذي ورد في الفقرة الثانية أ من المادة 13 من مشروع القانون جاء مخالفاً للاتفاق حول الملف النفطي سواء بالمنهاج الحكومي وكذلك الاتفاق الذي أبرمناه بحضور رئيس الوزراء بالتلاعب بمصطلح (التصدير والتسليم) حيث أن مصطلح التسليم يسلب حقوقنا في ملكية الثروات الطبيعية للإقليم والمقر بموجب المادتين 111 و112 في الدستور الذي يعطي حق الملكية للشعب ما يعد خرقاً للدستور".
ولفت إلى أن "مجمل عملية تصدير النفط هي قابلة للمراجعة من قبل الهيئات الرقابية الاتحادية وتلك الموجودة في الإقليم أيضاً إضافة إلى شركة رقابية عالمية مختصة، لكن تمت إضافة روتين غير منطقي باشتراط إجراء التدقيق من قبل وزارة المالية الاتحادية وهذا الإجراء لا يتعدى كونه افتعال للمشكلة لا أكثر"، مبيناً: "وفي الفقرة ج، تمت إضافة فقرة تتضمن أنه في حال عدم تطبيق الفقرة 1 و2، فإنه سيتم إيقاف حصة الإقليم من الموازنة وهذا انتهاك لحق موظفي الإقليم في استلام رواتبهم بشكل عادل ومنتظم على غرار أقرانهم في باقي العراق، من خلال معاقبة مواطني وموظفي الإقليم حيث أن هذا اقتراح في غاية التعسف".
ومضى بالقول: "وفي الفقرة د المتعلقة بقروض مصرف التجارة تي بي آي، حيث سبق أن طالبنا بتمديد مدة التسديد ليكون 10 سنوات ومع الاتفاق على الموازنة تم تحديد المدة بـ7 سنوات لكن التغيير جاء بتقليص المدة إلى خمس سنوات، في حين أن نسبة حصة الإقليم من الموازنة حددت ظُلماً بـ 12.67% بعد تخفيضها من 17% بدون الرجوع للإقليم، ولا نخفي أننا وافقنا على هذه النسبة (12.67%) بشرط إجراء إحصاء سكاني في تشرين الأول وتعديل حصة الإقليم على أساس التعداد السكاني، لأنه وبحسب بيانات وزارة التخطيط الاتحادية فإن نسبة الكورد تقدر بما لا يقل عن 14%، ومع ذلك فإن تقليص مدة دفع الدين يمثل عبئاً إضافياً على الإقليم بما يتراوح بين 80 إلى 90 مليار دينار شهرياً على نفقات الإقليم مع كل الالتزامات والواجبات الأخرى التي تتحمل حكومة إقليم كوردستان مسؤوليتها".
وأشار إلى أنه "أما التغييرات في المادة 14 من مشروع القانون فإنها جاءت متعارضة تماماً مع الشخصية القانونية لحكومة إقليم كوردستان لأنها وبحسب القانون والدستور تملك حق الملكية وهي بذلك تملك حرية اختيار وفتح الحساب المصرفي دون أي قيد أو شرط، وسبق أن اتفقنا على فتح الحساب في 8 بنوك معتمدة لدى البنك المركزي العراقي، لأن الإقليم هو كيان دستوري فهو يملك برلمانه الخاص ومجلساً قضائياً وحكومة ورئاسة، لذا من غير المنطقي التعامل معه باعتباره حتى دون مستوى محافظة وإعطاء التخويل لوزارة المالية الاتحادية حصراً".
وأردف قائلاً: "الفقرة 5 من المادة 14، تشير إلى تشكيل لجنة لإجراء مراجعة من 2004 إلى 2022، ونحن في حكومة الإقليم سبق أن أبدينا موافقتنا على ذلك وقد أعددنا ما يلزم لكن تلاعب اللجنة المالية جاء بحذف عبارة (مقبولة من الطرفين) والذي يعطي الحكومة الاتحادية بفرض ما تريده على الإقليم دون أي اعتبار لوجهة نظر كوردستان".
وشدد على أنه "أستطيع وصف الفقرة 7 من المادة 14، بالبدعة لأنه سبق أن قدمنا تقريراً عن أعداد وملاكات الموظفين إلى وزارة المالية الاتحادية وتم تدقيقها من قبل الرقابة المالية لكن إضافة اللجنة جاءت باستخدام مصطلح (الشاغل والمشغول) رغم أننا حسمنا هذا الأمر مع وزارة المالية، ناهيك عن المشكلة المتعلقة بأعداد الموظفين، حيث أن لدينا 681 ألف موظف وطالبنا بإضافة عدد آخر لحل مشكلة تعيين الأوائل والعقود والمحاضرين لكن الإضافة جاءت بخفض عدد موظفينا بمقدار 20 ألف موظف من العدد الفعلي، ونحن نأمل بمعالجة أوجه الخلل هذه بأقرب وقت".
وزير مالية إقليم كوردستان تابع حديثه قائلاً إن "الإضافة المثيرة للاستغراب تتعلق بحالة اختلاف وجهات النظر بين حكومة الإقليم والحكومة الاتحادية وعدم حسمها خلال 15 يوماً سيتم قطع موازنة إقليم كوردستان فوراً، ونتساءل هنا بافتراض وجود اختلاف رأي بين الجانبين، لماذا يجب أن يدفع مليون و270 ألفاً من الموظفين واصحاب الحقوق الثمن بمعاقبتهم؟ أين الحكمة من هذا الأمر؟".
وأشار إلى أن "بعض الإضافات تدل على الجهل وعدم المعرفة، ومنها ما ورد في الفقرة التاسعة بشأن إلزام الحكومة بجعل الرواتب أولوية في النفقات، في حين أن الجزء الأكبر من الموازنة تذهب لدفع الرواتب فعلياً، وما تخصصه الحكومة الاتحادية للنفقات التشغيلية للإقليم سنوياً لا تزيد عن 5 ترليونات لكن حكومة الإقليم نجحت هذا العام في تخصيص 9 ترليونات دينار بهذا الغرض، وكما تعلمون فإنه لن يتم إجراء أي نفقات قبل دفع الرواتب وهذا هو السياسة المركزية لوزارة مالية إقليم كوردستان كما أن قانون الموازنة الاتحادية ينص على أولوية الرواتب، أي أن ما أضيف هو تحصيل حاصل وأمر متبع فعلياً سواء في الإقليم أم العراق".
وأكد أن "الفقرة العاشرة تنص على منع حكومة الإقليم والحكومة الاتحادية استخراج النفط في كركوك ونينوى، وهذا بشكل واضح وصريح ليس من الوظائف القانونية للموازنة، كما أن هناك اتفاقية بين بغداد وأربيل على معالجة هذه المسألة من خلال قانون النفط والغاز"، موضحاً أن "الفقرة الحادية عشرة، ليس لها نص مماثل في الموازنات السابقة فيما يخص المنافذ الحدودية وهي أمر فرعي وثانوي، والأمر يشبه النُكتة وكما لو كانت المنافذ الحدودية الاتحادية في حال أفضل! فعلى سبيل المثال فإن إيرادات المنافذ الحدودية الستة للإقليم ومنها المنافذ الأربعة الرسمية إضافة إلى مطاري أربيل والسليمانية خلال الأشهر الثلاثة الماضية تصل إلى 9 مليارات وهو رقم يفوق مجمل إيرادات المنافذ الحدودية الاتحادية البالغ عددها 24 منفذاً في 15 محافظة مجتمعة".
وحول دفع مدخرات رواتب الموظفين، قال إن هذه الفقرة "كلمة حق يراد بها باطل فهذا ما يمكن قوله حول الإضافة الخاصة بدفع مدخرات رواتب الموظفين التي أخضعت للمزايدات السياسية لأنه كان يُفترض على من أدخل هذه الإضافة أن يضيف أيضاً تخصيصات مالية لتسديدها بهذا الغرض، فأنا شخصياً أشكر وأحيي كل من يعمل على دفع هذه المدخرات للموظفين لكن وجود مقترح مجرد من التخصيصات لا يكفي لتنفيذه إلى جانب عدم إضافة أي رقم مهما كان ضئيلاً إلى موازنة الإقليم بهذا الخصوص أضف إلى ذلك ديون مصرف التجارة، يجعل العبء المالي الشهري يصل إلى 170 أو 180 مليار دينار".
وتابع: "نحن نؤكد أن مدخرات الرواتب هي حق مشروع للموظفين وقد مضت حكومة الإقليم باتجاه دفعها وبدأت الخطوة الأولى بتحويلها من مجال الأمانات إلى خانة الديون تنفيذاً لخطة دفعها من خلال النص الخاص بتصفية التزامات الطرفين أي بغداد وأربيل من 2004 إلى 2022 حيث أن الحكومة الاتحادية قطعت موازنة الإقليم من 2013 وما بعدها في حين كان يتم إرسال حصة الموصل إبان حكم داعش، ونحن نأمل دقع المدخرات للموظفين دفعة واحدة دون تقسيطها من خلال التسوية المفروضة على الطرفين في الموازنة".
وعبَّر عن أمله في "ابتعاد الجميع عن المزايدات السياسية وجعل خدمة الوطن والمواطن هي الأولوية". واختتم قائلاً: "متفائل بأنه يمكن للقيادات الحكيمة في الإطار التنسيقي وأصدقائنا في بغداد وشخص رئيس الوزراء الاتحادي تجاوز هذه العوائق خاصة أنها تتنافى مع قرارات المحكمة الاتحادية وورقة المنهاج الوزاري المقرة من مجلس النواب والاتفاقيات المبرمة بين حكومة الإقليم والحكومة الاتحادية ولاشك أن إرادة الخير هي التي ستنجح في النهاية وبحسب علمي فإن هذه الإرادة تتحرك الآن في بغداد لإنهاء هذه الخلافات بأقرب وقت".
ت: شونم خوشناو
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات حتى الآن