أ ف ب
لم يعد حضور السعودية أمراً مستغرباً في عالم السينما، رغم استمرار الانتقادات لها في ما يتعلق بحقوق الإنسان، ويتجلى اهتمامها بالفن السابع بوضوح في الدورة السادسة والسبعين لمهرجان كان، إذ أن ثمانية من الأفلام المعروضة فيه ممولة منها، إضافة إلى إقامتها حفلة مخصصة للنساء كانت أبرز المدعوات إليها عارضة الأزياء ناومي كامبل والممثلة كاترين دونوف.
فمهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي الذي أُطلق في المملكة عام 2021 وعلى راسه المنتج محمد التركي منصب الرئيس التنفيذي للمؤسسة التي تنظمه، فرض نفسه للسنة الثانية توالياً طرفاً أساسياً في كان، وهو ما يعكسه وجود اسمه في كل مكان، إن من خلال الملصقات أو شارات الأفلام أو الحفلات.
واتهمت منظمة "هيومن رايتس ووتش" العام الفائت السعوديين باستخدام المهرجانات على غرار مهرجان كان، كما سبق أن فعلوا من خلال الأنشطة الرياضية، "كوسيلة لتبييض سمعتهم" من الاتهامات التي توجه إليهم باستمرار في شأن التمييز في حق النساء وإعدامات السجناء.
لكنّ الحضور السعودي هذه السنة يبدو مقبولاً أكثر من ذي قبل. حتى أن المفوض العام لمهرجان كان تييري فريمو أشاد في حديث إلى مجلة "فرايتي" الأميركية برغبة المملكة "في إنتاج أفلام وتمكين فنانين من البروز"، ملاحظاً أن "السعودية تتطور".
- "إنجاز" -
فبرنامج الدورة السادسة والسبعين يحفل بمجموعة أعمال مُوِّلَت كلياً أو جزئياً من صندوق تابع لمهرجان البحر الأحمر، من بينها فيلم الافتتاح "جانّ دو باري" (Jeanne du Barry) للمخرجة الفرنسية مايوين، و"بنات ألفة" للمخرجة التونسية كوثر بن هنية (الذي ينافس على السعفة الذهبية) و"أوغور" (Augure) للبلجيكي الكونغولي الأصل بالوجي، و"وداعاً جوليا"، أول شريط روائي للسوداني محمد كردفاني، و"إن شاء الله ولد" لأمجد الرشيد، وهو أول فيلم أردني يشارك في مهرجان كان، و"كذب أبيض" للمخرجة المغربية أسماء المدير.
وأكد عماد إسكندر، مدير هذا الصندوق الذي موّل 168 فيلما في عامين، أن "السعوديين فخورون بهذا الإنجاز"، مشيراً في تصريح لوكالة فرانس برس إلى أن دعمه "مخصص حصراً للأفلام السعودية والعربية والإفريقية".
وأوضح أن إعلان الصندوق المفاجئ في كانون الثاني/يناير الفائت عن تمويل فيلم فرنسي للمرة الأولى هو "جانّ دو باري"، يعود إلى أنّ لمخرجته مايوين "أصولاً جزائرية".
وأضاف إسكندر "نرغب في خدمة المنطقة ما دامت الإمكانات متوافرة لنا، لكننا نريد كذلك الإفادة للتعلّم أكثر".
وتابع قائلاً "لقد شجّعنا الانفتاح الذي قاده (ولي العهد السعودي) الأمير محمد بن سلمان والملك سلمان بن عبد العزيز"، وخصوصاً المبادرة عام 2017 إلى رفع حظر دور السينما الذي استمر 35 عاماً.
حتى أن مهرجان البحر الأحمر نظّم حفلة مخصصة "للنساء في السينما" حضرته النجمتان كاترين دونوف وكايتي هولمز ومجموعة من الممثلات البارزات، في وقت لا يزال وضع النساء في المملكة موضع انتقاد رغم بعض الإصلاحات كإلغاء منعهن من قيادة السيارات عام 2018.
واعتبر اسكندر أن مقولة إن المملكة تسعى إلى تلميع صورتها من خلال السينما لا تعدو كونها "كلاماً فارغاً". وأضاف "(هذه الاتهامات) تحزننا أكثر من أي شيء آخر. تعالوا للتعرف على السعودية ثم تحدثوا عنا". ولاحظ أن "الغرب وصل إلى ما هو عليه بعد سنوات من الحروب والنقاشات"، مضيفاً "نحن دولة عمرها 90 عاماً، اصبروا قليلاً".
وتدعو إعلانات عدة في كان المنتجين والمخرجين إلى تصوير أفلامهم في السعودية.
ونظمت جمعية "جيل 2030" التي تأسست عام 2019 لجمع المواهب الشابة السعودية والفرنسية النسخة الثانية من جولتها السينمائية السعودية.
وقال غييوم اميول، المدير العام لسوق الأفلام، وهو المنصة التجارية لمهرجان كان السينمائي، إن السعودية "تسعى إلى موقع أكبر لها في الصناعة السينمائية العالمية". ولاحظ في تصريح لوكالة فرانس برس أن المملكة "تطلب كل سنة توسيع جناحها لتعزيز حضورها أكثر فأكثر، وهذا مؤشر إلى أن لديها طموحات".
ولا يقتصر الاستثمار في السينما في دول الخليج العربية على السعودية وحدها، بل إن قطر تنافسها من خلال تمويلها أيضاً 13 فيلماً مشاركاً في مهرجان كان، من بينها ثلاثة مدرجة في المسابقة الرسمية هي "كلوب زيرو" (Club Zero) لجيسيكا هاوسنر و"بانيل إيه أداما" (Banel et Adama) للفرنسية السنغالية راماتا-تولاي سي، و"عن الأعشاب اليابسة" (Kuru Otlar Üstüne) للتركي نوري بيلجه جيلان.
وقالت الرئيسة التنفيذية لمؤسسة الدوحة للأفلام فاطمة حسن الرميحي لوكالة فرانس برس "نموّل إنتاجات فرنسية كثيرة لا عربية فقط".
ورداً على سؤال عما إذا كان ذلك يندرج ضمن سياسة "القوة الناعمة"، كما في الميدان الرياضي، قالت "الجميع يمارس +القوة الناعمة+. نفعل ذلك من دون أن نفقد هويتنا".
بقلم رنا موسوي وجوردي زامورا
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات حتى الآن