زاكروس - أربيل
دعا زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، إلى التكاتف "فنكون ممن تركوا الدنيا، لا كما نرى من الكثير، فإنهم قد انجرفوا في تيارات سياسية وفكرية بعيدة كل البعد عن الدين فها هم يتصارعون على الانتخابات، فكأن الذي بيني وبينه صداقة كأَنَّه عدو لدود والذي بيني وبينه عداوة كأنه ولي حميم!".
وقال الصدر في كلمة ألقيت في خطبة الجمعة المركزية اليوم 21 شوال 1444هـ الموافق 12 أيار 2023: "شكراً لمن سار على النهج، وسُحقاً لمن شذّ عن الطريق، فصراط علي مستقيم وصراط الصدر قويم، فهلمّوا نتحد تحت لواء الصدرين الشهيدين وكفانا تصارعاً على الدنيا، فَهُمْ مِن أجلنا مضحين ولعراقنا العزيز بدمائهم راوين، فارتوت تلك الأرض المقدسة فأنبتت كُلَّ مُجاهد شجاع وعالم ناطق ومؤمن صابر".
وفيما يلي نص الكلمة:
((أما بعد فإنه قد يعجز اللسان عن وصف مثل هذه الشخصية العظيمة لما لها من قدر جليل وعمل حثيث من أجل إعلاء كلمة الحق ونشر الإسلام في ربوع هذا العالم أجمع، مضافاً إلى قصور اللسان وصاحب اللسان إلى أن يصل إلى كل ما تحتويه هذه الشخصية الفذة التي نهل منها الجميع الخير والصلاح والإيمان والشجاعة، والكل يعلم أن للسيد الوالد (قدّس الله تعالى سرّه الشريف) عدة أدوار في المجتمع وليس دوراً واحداً، فتارة ننظر إليه كمرجع قد رفد الحوزة العلمية الشريفة بفقهه وأصوله فضلاً عن باقي العلوم من تفسير وتأريخ وفلسفة وغيرها من العلوم التي قل من تطرق إليها أحد من قبله ولو أنها كانت مطروحة فإنه جدّدها وشذّبها لتكون بثوب جديد وفلسفة أعلى وذات مستوى رفيع ما سبقه من أحد إلّا أجداده الطاهرين (صلوات الله عليهم أجمعين) وبعض العلماء الناطقين (قدّس الله أسرارهم أجمعين)، وبطبيعة الحال فأن هذه الجهة ليست هي الوحيدة، فمرجعيته من جهة وإمامته صلاة الجمعة من جهة أخرى، فقد أحيا فريضة قد عُطِّلت داخل المذهب لسنوات طوال من دون ذنب أو عذر، فقد أخذ بيد أتباعه وشعبه وأَمَّهُم وسط دكتاتورية ظالمة لا تعرف معنى الرحمة، فبهت الذي كفر والله لا يهدي القوم الظالمين، ووقف وقال الطرفة التي قال بها أحد الفضلاء في الحوزة العلمية (إني لو وقفت وقفته هذه لما بقيت حياً) (بالفحوى) لما فيها من خطورةٍ وتحدٍ للظالمين، وفعلاً فقد فتحت آفاق العلوم للجميع وشعشع ضياء الهداية على العالمين ودب دفء الشجاعة في قلوب المؤمنين كما قال تعالى في كتابه العزيز: ((وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ)) الأعراف -96، فَبعد أن كنا قابعين خائفين حطمنا بفضل الله تعالى وفضله (قدّس سره) أغشية الظلام وجدران الهلاك لنشق طريقنا إلى الحرية التي اختطها لنا الله سبحانه وتعالى، ولعلِّي لا أطيل الكلام بهذه أو تلك الجهات بل ما أردت ذكره هنا وما لم تطلعوا عليه أنتم فإن ما قلناه قبل قليل قد اطلعتم عليه فهل تخفى مرجعيته وأعلميته وحتى مظلوميته، فالناس بين مؤيد ومناصر ومعادٍ ومبغض كما هي سنة الأولياء والصالحين، وكما ورد: ((يا علي) هلك فيك اثنان مبغض قالٍ ومحب غالٍ)، فهل تخفى مُنجزاته؟ طبعاً لا، وكما يقال: وهل يخفى القمر؟ وليس في هذا المثل مبالغة أو مغالاة فقد بانت صورته الرائعة مشرقة في القمر، فقد أخرست الْسُنَ الكاذبين ممن أخذوا على عاتقهم الكلام ضده سابقاً ولاحقاً، فيا سيدي يا من هديتنا للصلاح قد ظُلمت حياً وظُلمت ميِّتاً، فيا سيدي إن لم ننصفك نحن فقد أنصفك الله سبحانه وتعالى إذ أظهر صورتك في كبد السماء وفي قمر مضيء منير لتكون نجمة وضَّاءة في سماء الخُلد عبر مر العصور، ولا ينكر بعد ذلك فضلك إلا كل حاقد وماكر، فها أنت تبزغ في قمر لتكون منزلة من منازلك العظيمة ومنقبة من مناقبك الجليلة، وها أنت تظهر في الماء ذلك الذي هو للناس طَهوراً وجعل منه كل شيء حي، فيا طاهر ومُطَهَّرُ للعالمين دمت لنا ملاذاً وعزاً وفخراً، فأنتَ مَنْ ضحيت بنفسك وَوِلْدِكَ من أجلنا فهلا نضَّحي من أجلك حيناً؟؟
فوالله إنك أرعبت الأعداء وركبت الصعاب وكنت ممن لبسوا القلوب على الدروع حين لبست الأكفان، إذن يجب علينا رَدُّ الجميل فنضحي بالغالي والنفيس من أجل إحياء نهجك نهج الصالحين ونُحْيي ذكرى أهل البيت أجمعين (عليهم السلام) لنرضي الله العزيز الحكيم، فوالله لولاك ما جئنا الغري ولا هذي العمامة نرتدي، ولن ننساك ولن ننسى أفضالك وأفعالك ومنجزاتك وما ينساها إلّا من أعمت بصيرته الدنيا.
عموماً فإني أردت التكلم عن بعض الأمور التي لم تطَّلعوا عليها مما كان يفعلها (قدّس سره) في بيته وبين عائلته، فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ بَينَكُم هزبرٌ لا يُقهر فبيننا عابد لا يمل، فلا زلت أذكر تلك الليالي التي كُنتُ بقربه نائماً، فيا لها من ليال لا تفصلني عنه إلّا بضع أمتار أو أقل، ولا زلت أذكرُ حينما استيقظ على صوت مسبحته في تهجده ليلاً أو صوت دعائه واستغفاره نهاراً وليلاً، ولا زالت تلك الأصوات لا تفارقني فقد كان بصلاة الليل ملتزماً وللتهجد محباً فوالله إنه حينما يتهجد تشع الأنوار من جنبيه كأنه شمس الحقيقة وتفوح منه رائحة أطيب من رائحة المسك والعنبر، فتخشع لها القلوب وتسكن لها الجوارح، ولا تعجب فإنه على الدوم للهِ ذاكر ولَهُ مُسبّح وَلَهُ ساجد وراكع، فما وجدته الله عاصٍ بل هو للمكروهات غير فاعل ومن كل شبهة متورع، فاتقوا الله يا أولو الألباب لعلكم تفلحون، وإني إن ذكرت هذه الكلمات التي لا تنبئ إلّا عن القليل من أفضاله، فما ذكرتها لأجل أن أرفع من قدره، فهو في مرتبة عالية ومنزلة رفيعة يغبطه عليه الأولون والآخرون، ولكني ذكرتها لتتعظوا، فاتعظوا يا أولو الألباب، فاتركوا الدنيا وزخرفها ولا تتكبروا بل تواضعوا وازهدوا كزهده بالدنيا، وتزودوا فأن خير الزاد التقوى، واعبدوا الله كما هو كان لله عابداً. ولاحظوا إن كانَ مَرْجِعنا وولينا (قدّس الله سرّه الشريف) يقوم بهذه الأعمال والعبادات وهو ذاك المتكامل والعارف، فما بالنا نحن المذنبين الحقراء المحتاجين لمثل هذه الأمور لنخرج من الظلمات إلى النور، ألا نهتدي بهداه، ألا نقتدي بخطاه بل نسأل الله أن يجعلنا ممن سار على نهجه وخطاه في كل الأمور صغيرها وكبيرها في الدنيا والآخرة - لا أن ندَّعي السير على خطاه أو من محبيه ونحن لما يفعل من الطاعات تاركين؟؟... لا يا إخوتي، صحيح إني أصغر من أن أوجه لكم النصائح إلّا أن أنتصح بما أقول، إلّا إنني أحب أن نكونَ إخوة في الله، وأن نكون متكاتفين ومتحابين في طاعةِ اللهِ جَلَّ جَلالَهُ. فنكون ممن تركوا الدنيا، لا كما نرى من الكثير، فإنهم قد انجرفوا في تيارات سياسية وفكرية بعيدة كل البعد عن الدين فها هم يتصارعون على الانتخابات، فكأن الذي بيني وبينه صداقة كأَنَّه عدو لدود والذي بيني وبينه عداوة كأنه ولي حميم! فشكراً لمن سار على النهج، وسُحقاً لمن شذّ عن الطريق، فصراط علي مستقيم وصراط الصدر قويم، فهلمّوا نتحد تحت لواء الصدرين الشهيدين وكفانا تصارعاً على الدنيا، فَهُمْ مِن أجلنا مضحين ولعراقنا العزيز بدمائهم راوين، فارتوت تلك الأرض المقدسة فأنبتت كُلَّ مُجاهد شجاع وعالم ناطق ومؤمن صابر، فما زالت تلك دعوانا إلى يوم الدين والسلام على من اتبع الهدى وخشي الرحمن بالغيب فبشره بمغفرة وأجر كريم.... وشكراً).
مقتدى الصدر
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات حتى الآن