زاكروس عربية – أربيل
أدرك سياسيونا أن المفتاح إلى قلوب الجماهير قد لا يكون بالشعارات ضد الامبريالية والصهيونية وقوى "الاستكبار" العالمي، والموالاة لدولة الوصاية المذهبية ومعاداة المختلِف، وإنما في استشعار نبض هذه الجماهير وميولها وعشقها حتى ولو بفعالية رياضية.
وعلى الرغم من محليته، وكونه انجازا لا يرقى إلى العالمية تسابقت جهات عديدة إلى تكريم المنتخب الوطني وأعضاء الوفد بسيارات، وشقق سكنية، وساعات وصلت قيمة إحداها إلى ٥٠ الف دولار، وأموال وأشياء أخرى ثمينة.
بعض هذه الحماسة لم يكن حباً بمعاوية، وإنما بغضاً بعلي، وبعضه كان بكاءاً على هريس الانتخابات، وليس على "الحسين".
و بزَّ رئيس الوزراء محمد شياع السوداني الجميع في التكريم، فعلاوة على منحهم قطع أراض في بغداد، ومكافئات مالية، أتى بما لم يستطع الأوائل عندما منح جواز السفر الدبلوماسي لجميع أعضاء الوفد!!
في آخر تقييم لجوازات السفر في العالم حل الجواز العراقي بالمرتبة ما قبل الأخيرة، في حين تؤكد احصاءات أن العراق منح نحو ٣٥ ألف جواز سفر دبلوماسي، تجاوزت فيها ضوابط المنح السلك الدبلوماسي والوزراء والنواب، إلى موظفين كبار وتجار وأقارب هذا المسؤول أو ذاك الدبلوماسي، بل وصل الأمر لمنحه إلى الخادمات الآسيويات في بيوتات بعض علية القوم بل حتى لبعض الفانشستات اللواتي يتحكمن ببعض مفاصل الدولة.
وفي العرف الدبلوماسي الدولي يتطلب الحصول على الجواز الدبلوماسي ذي التحصين الشديد شروطا صارمة، ولا يمنح إلا بعد سلسلة تدقيقات، شريطة أن يعاد بعد انتهاء مدة تكليف الموظف الدبلوماسي أو نهاية الدورة النيابية أو الوزارية.
كما يخضع من يحمل الجواز الى دورات في الضبط السلوكي والبروتوكولي وما يعرف ب "الأتيكيت"، لأن حامله يمثل بلدا ولا يمثل نفسه.
إن ما قامت به الحكومة "سقطة"، فأن منح الجواز الدبلوماسي للاعب كرة معرض للمساءلة والاحتجاج والمنع والدعاوي والخلافات بحكم عمله؛ يضع الدولة بإزاء مشكلات لا حصر لها، وقد تؤثر على اللاعب وعلى بلده في الوقت عينه.
كما لا يستبعد أن يكون هذا سبباً مضافاً للتشديد على جواز السفر العراقي، وقد لا يخدم اللاعبين أنفسهم.
وما دلالة هذا المنح إلا بأنه اعتراف صريح من الحكومة بأن جواز السفر العادي هو الأقل شأنا بين وثائق الدولة، حاله حال وثائق التخرج وشهادات الكفاءة المهنية والخبرة والسير الذاتية، وحتى النقد الذي غزا المزيف منه أسواق العراق، قادماً من مطابع الجارة الشرقية.
فهل من مراجعة شاملة لما تم منحه من جوازات دبلوماسية خارج الضوابط، ومن عمل على رفع مستوى الجواز العراقي عامة، وتحسين العلاقات الدولية للحصول على أكبر عدد من التأشيرات، مع توصيات بأحسن طرق المعاملة بناء على قوة البلد السياسية والاقتصادية والثقافية.
تقرير : كمال بدران
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات حتى الآن