زاكروس عربية – أربيل
أكد رئيس حكومة إقليم كوردستان، مسرور بارزاني، اليوم الجمعة (7 تشرين الأول 2022)، أن العراق يعاني الآن من أزمات اقتصادية وأمنية وسياسية عميقة بسبب سوء إدارة الحكم وعدم الالتزام الحكومات الاتحادية بتطبيق الدستور.
مسرور بارزاني وخلال لقائه مجموعة من الشباب رداً على تساؤلاتهم، قال إن إتاحة فرص العمل من أولويات برنامج عمل الحكومة التي تعمل على تنظيم الأيدي العاملة وتوفير فرص العمل في القطاع الخاص، مبيناً أن التوظيف في القطاع العام ليس حلاً لمشكلة البطالة.
إنشاء مؤسسة خاصة لدعم مشاريع الشباب وتوفير فرص العمل
وتابع: "نعمل على تقليل نسب البطالة وتشغيل الأيدي العاملة المحلية، كما لدينا برامج لدعم مشاريع الشباب وإنشاء مؤسسة خاصة بهذا الغرض"، مشدداً على أنه "وضعنا شرط تشغيل 70% من الأيادي العاملة المحلية في جميع مؤسسات القطاع الخاص بإقليم كوردستان".
كما لفت إلى الاهتمام بجذب السياح إلى إقليم كوردستان بما يصب في صالح اقتصاد الإقليم، موضحاً: "منحنا المحافظات والإدارات المحلية صلاحيات وضع برنامج منظم من أجل زيادة الإيرادات وتوفير فرص العمل، ولن ندخر جهداً في مساعدة المسؤولين المحليين بهذا الجانب".
العلاقات مع بغداد
ورداً على سؤال بشأن العلاقات مع بغداد، قال مسرور بارزاني: "منذ 100 سنة لم تتم معالجة المشاكل وهذا يستدعي التوصل لتفاهم وإجراء مراجعة والوصول إلى نظام يتناسب مع الاختلافات وطموح جميع المكونات"، مضيفاً: "بذلنا محاولات جدية بعد 2003 من أجل الانتقال الفعلي من نظام المركزية إلى الاتحادية، وفي 2005 وضعنا دستوراً ليكون صفحة جديدة يمهد الطريق للتطور وإنهاء الأزمات".
واستدرك قائلاً: "لكن للأسف لم يتم تطبيق النظام، بل جرى انتهاك المواد الدستورية، والنتيجة هي أن العراق يعاني الآن من أزمات عميقة اقتصادية وأمنية وسياسية بسبب سوء إدارة الحكم في العراق، رغم وجود الثروات والأيادي العاملة، وذلك بسبب عدم الالتزام الحكومات الاتحادية بتطبيق الدستور، وسلب الحقوق".
وفيما نفى صحة اتهام الإقليم بعدم الالتزام بالدستور، شدد على "وحدة الموقف والصف في الخط الوطني بين أطراف إقليم كوردستان لضمان العمل المشترك في الكثير من القضايا وإبقاء الخلافات داخل الإقليم"، معبراً عن أمله في وضع مصلحة الوطن والشعب فوق المصالح الحزبية.
وتابع: "بموجب موازنة 2021، كان يجب على بغداد إرسال 200 مليار دينار إلى إقليم كوردستان وهذا هو صافي حصة الإقليم بعد المقاصة لكن للأسف بغداد لم ترسل هذا المبلغ، بل أرسلت حصة شهرين هذا العام، و6 أشهر العام الماضي، بل هي تمارس ضغوط كبيرة على الشركات النفطية العاملة في الإقليم من أجل عدم تصدير النفط"، مستدركاً: "لكن استطعنا توفير الرواتب بشكل مستمر من خلال الإيرادات النفطية وغير النفطية".
وحول الأزمات الخارجية وانعكاساتها على الإقليم، قال مسرور بارزاني إن الحرب الروسية - الأوكرانية أثرت على اقتصاد إقليم كوردستان من نواحي توفر المحاصيل الزراعية وتكاليف النقل وارتفاع الأسعار وأزمة شح الوقود في بعض الدول الأوروبية ما انعكس على الإقليم أيضاً، "وهذه الظروف خارجة عن سيطرتنا".
اتباع سياسة وسطية
ومضى بالقول: "نسعى إلى اتباع سياسة وسطية، وإقامة علاقات سياسية وأمنية واقتصادية مع جميع الدول الراغبة بالصداقة مع إقليم كوردستان على أساس الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، وبينها دول غربية وشرقية ودول الشرق الأوسط التي نملك معها علاقات واسعة"، مؤكداً أن " إقليم كوردستان لا ينحاز لطرف على حساب آخر وهو ليس جزءاً من الصراعات".
رئيس حكومة إقليم كوردستان، أشار أيضاً إلى "تطوير قطاعات الزراعة والصناعة والاتحادية من أجل تنويع مصادر إيرادات إقليم كوردستان"، مبيناً: "نواجه الجفاف والتغير المناخي، لكن لدينا خطط للتعامل مع هذه الظروف وتخفيف الأضرار من خلال إنشاء السدود وتطوير الزراعة".
وذكر أن "الحكومة والشعب ليسا في جبهتين مختلفتين بل في جبهة واحدة، وقد استطعنا إلى حد كبير النجاح في التعامل مع الأزمات وهي عملية متواصلة، وأدعو الأطراف السياسية إلى التفكير في مصالح المواطنين بدلاً من التفكير في مصالحها الضيقة".
آليات مواجهة الفساد
وبشأن مواجهة الفساد، قال مسرور بارزاني إن "مواجهة الفساد برنامج متواصل في حكومتنا منذ مباشرة مهامها، ولا بد من محاسبة الفاسدين بموجب القوانين النافذة"، مشدداً على أن "القضاء على الفساد يكون عن طريق النظام، لأن النظام السيء يتيح استمرار ظاهرة الفساد، ونحن نعمل على تصحيح الأنظمة المتبعة وقطع الطريق على الفساد، من خلال عدة آليات ومنها الشفافية، ورقمنة المعلومات من خلال اعتماد النظام الإلكتروني، وتسهيل تسيير معاملات المواطنين وقطع الباب أمام الرشوة والسرعة في تقديم الخدمات، لأن الفساد لا يعني فقط التلاعب بالأموال بل هدر الوقت أيضاً نوع من الفساد"، حاثاً المواطنين على الإبلاغ عن حالات تلقي الرشوة "من خلال الأدلة التي تثبت ذلك".
وأوضح أن "حكومة إقليم كوردستان ووزاراتها لا تميز بين محافظة وأخرى والأمر يعود لطريقة تعامل الإدارات المحلية بما لديها من صلاحيات".
ولفت إلى أن "الاهتمام باللغة الكوردية التي تمثل هوية الشعب الكوردي من أولويات عمل الحكومة، وخاصة في قطاع التربية والتعليم العالي أيضاً، ولكن في الوقت ذاته فإن تعلم لغات أخرى أمر ضروري لتطوير الفرد".
تطوير قطاع التعليم
وقال مسرور بارزاني إن "الحكومة تعمل على رفع مستوى التعليم في جميع المراحل سواء في المدارس أم الجامعات وإنشاء المزيد من المدارس وترميم المباني".
وتابع أنه "لدينا نحو مليون نازح ولاجئ وهم يستخدمون نفس مدارسنا، ما يجبرنا على اتباع نظام التناوب لكي لا نسلب حق التعليم من الذين أجبروا على ترك منازلهم عنوة"، مبيناً: "كان على الحكومة الاتحادية المساعدة لكن للأسف هذا لم يحصل".
وبيَّن أن "الأمر لا يتعلق بالمباني فقط بل بتوفير المستلزمات ومراعاة أحوال الكوادر التدريسية"، مشيراً إلى تأسيس هيئة لمنح الثقة للجامعات.
وتابع أن "مستوى التعليم لم ينخفض بل مستوى توفير المتطلبات هو الذي يحتاج إلى المزيد من العمل الجاد"، مشدداً على أن "الجامعات الحكومية لا تزال هي الأفضل".
ضمان حقوق العاملين في القطاع الخاص
رئيس حكومة إقليم كوردستان، أكد "العمل مع وزارات العمل والشؤون الاجتماعية والتعليم والتخطيط لتعديل قواعد العمل، وضمان الحقوق التقاعدية لموظفي القطاع الخاص ما يقلل الاعتماد على القطاع العام".
ورداً على سؤال من أحد الشباب المشاركين بشأن العمل الذي كان سيختاره مسرور بارزاني إذا لم يكن رئيساً للحكومة، قال: "أحب الفن التشكيلي والرسم وافترض أنه كان يمكنني امتهان هذا المجال".
سر التفاؤل
وفي ختام المقابلة، قال مسرور بارزاني: "صحيح أن الحكومة واجهت الكثير من التحديات لكنني أشكركم لأن نجاح الحكومة يعود إلى الدعم الشعبي ومن دونه لا يمكن لأي حكومة أن تنجح".
وتابع: "أنا متفائل لأن الشخص المتشائم واليائس شخص ضعيف لذا فهو يفقد الأمل بالمستقبل بدلاً من تحويل التحديات إلى فرص للنجاح".
ومضى بالقول: "من خلال الخطة الإصلاحية استطعنا الوقوف على أقدامنا بعد تجفيف أغلب مصادر الإيرادات، حيث قمنا بتقليل النفقات وتعظيم الإيرادات غير النفطي، عوضاً عن الخضوع للسياسات غير الودية التي انتهجتها بغداد لتقويض إرادة إقليم كوردستان فنحن لن نتنازل عن الحقوق الدستورية للإقليم ولا نملك الحق في القيام بذلك".
وأضاف أن "الدفاع عن الحقوق المشروعة يمنحك القوة للتفاؤل والإيمان بالذات لمواجهة الأزمات ورؤية النور في نهاية النفق، وكما يُقال فإن (الضربة التي لا تقتلك تجعلك أقوى)".
ت: شونم خوشناو
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات حتى الآن