زاكروس عربية - أربيل
يصف بعض المراقبين حكومة مصطفى الكاظمي بأنها "أنجح حكومة ضعيفة جاءت إلى العراق".
فمرشح التسوية، الذي اختير لخلافة عادل عبد المهدي، والذي لم يأت من خلفية سياسية - حزبية، وإنما مهنية - وصولية، أُريد من خلاله تهدئة خاطر الشارع العراقي المحتقن من جهة، وترقيع الفراغ الحكومي بمرشح يقف على مسافة واحدة من الجميع، من جهة أخرى.
تم تحديد الدور المرسوم للكاظمي، الرجل "المهووس" بالاعتدال والوسطية، بمهمة إيصال العراق الى انتخابات نيابية مبكرة، وتسيير أمور الدولة ضمن حدود، ليس عليه تجاوزها.
ولطالما لوّح قياديون من الإطار التنسيقي، ومليشياويون منهم خاصة، بسباباتهم للكاظمي بعدم الذهاب بعيداً.
ويبدو أن مساحة الدور المرسوم للكاظمي، لم تكن ملبية لطموحاته الشخصية، فحاول توسعتها لينافس على البطولة، حين أعلن في تصريح لا يخلو من رومانسية ثورية أنه "الشهيد الحي".
قد تكون تحديات الفساد المستشري في جسد الدولة، والفشل الحكومي المزمن، والنظام السياسي المشوه، جسيمة، لكنها لا تعد شيئا يذكر أمام تحدي الفصائل المسلحة، حشدية كانت أو منفلتة.
وإذا كان منسوب الأمل لدى الجماهير بحكومة قوية، تكبح جماح الفصائل المنفلتة، وتوقف تغولها، إرتفع إلى ذروته بإعتقال عددٍ من الميليشياويين في البصرة وبغداد، ضمن حادثين منفصلين حصلا بعد تسنمه المنصب بأيام، فقد عاد وانخفض إلى أدنى مستوياته، بعد إطلاق سراحهم، ووصل الى القاع عندما إلتزم الصمت إزاء الاعتداءات الميليشياوية التي طالت السفارات الأجنبية، والقواعد الصديقة، ومدن الإقليم، وحتى منزله الشخصي.
وقفت الميليشيات المنفلتة، ومعها فيلق الولائيين الألكتروني، غصة في حلق الكاظمي، وشوَّهت ما توصف بنجاحاته، ووضعته موضع السخرية، ولم تشفع له وساطاته الإقليمية، ومؤتمراته، واتفاقياته، ومبادراته، وطريقة إدارته التوفيقية للأزمات، في كسب رضا القوى التي بقيت تنظر اليه كرئيس وزراء "تسوية" لا أكثر.
وحتى التلويح باستقالته، قبل نحو اسبوعين، جاء متأخرا جداً..
ويقول مراقبون إن الكاظمي "ضيع المشيتين"، فلا هو كسب رضا الجماهير التي هالها ما رأت من تراجعات مهينة تلحق بعض خطواته الشجاعة، ولا حظي بتقدير القوى السياسية المهيمنة على القرار، لكي تمدد له ولاية أخرى، أو تتحمس لمقترح كهذا قد يخرج العراق من حالة القتامة الشديدة إلى النور.
ان كل ما صنعه الكاظمي كان الإبحار في سفينة العراق قرب الشاطيء، وإعادتها الى الشاطئ ذاته، وهنا فقط كان نجاحه.
تقرير.. كمال بدران
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات حتى الآن