ا ف ب
شارك عشرات الآلاف من مناصري زعيم التيار الصدري ورجل الدين الشيعي مقتدى الصدر في صلاة الجمعة في المنطقة الخضراء المحصنة في بغداد، في عرض جديد للقوة، على ضوء إعلان خصومه انفتاحهم على دعوته لإجراء انتخابات مبكرة لكن بشروط.
بعد الصلاة، توجه المئات من المتظاهرين إلى محيط البرلمان العراقي الواقع في المنطقة الخضراء المحاذية لنهر دجلة والتي تضمّ مقرات حكومية ودبلوماسية، حيث يعتصمون منذ نحو أسبوع.
فوجدوا المبنى فارغاً وأبوابه مغلقة، لكن المتظاهرين الذين نصبوا خيماً في الخارج، يواصلون الاعتصام في حدائق البرلمان، عملا بتوجيهات التيار الصدري.
انطلق هذا الاعتصام للاحتجاج على الاسم الذي اقترحه خصوم الصدر السياسيون في الإطار التنسيقي، لرئاسة الوزراء.
ورفع الصدر من مستوى الضغط على خصومه، معتمداً على قدرته على تعبئة الشارع، داعياً إياهم الأربعاء إلى حلّ البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة، بعد أقلّ من عام على الانتخابات التي حصل خلالها على أكبر عدد من المقاعد.
وأعرب خصومه في الإطار التنسيقي الخميس عن انفتاحهم على دعوته إجراء انتخابات جديدة، مشترطين بشكل غير مباشر إنهاء الاعتصام وإخلاء البرلمان.
وشارك عشرات الآلاف الجمعة في الصلاة التي أقيمت في ساحة الاحتفالات الواقعة في المنطقة الخضراء بعد ثلاثة أسابيع من صلاة مماثلة أجريت في حي مدينة الصدر الشعبي شرقي العاصمة.
واحتمى البعض منهم تحت مظلّات من أشعة الشمس الحارقة ودرجة حرارة تفوق 46 درجة مئوية، رافعين الأعلام العراقية وصور مقتدى الصدر، فيما ساروا على دربٍ طويل يؤدي إلى الساحة. ورددوا في الأثناء هتاف "نعم نعم للسيد"، في إشارة إلى مقتدى الصدر.
وعند بدء خطبة الجمعة، صدح المصلون "نعم نعم للإصلاح"،"كلا كلا للفساد".
- "أسير الفساد" -
وقال خطيب الجمعة السيد مهند الموسوي في خطبته للمصلين "إننا من منبر الجمعة في هذا اليوم، نعلن تضامننا مع مطالب ...السيد القائد مقتدى الصدر...وهي حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة".
واعتبر أن "العراق أسير الفساد والفاسدين"، مندداً كذلك بـ"التردي الواضح في مجالات الخدمات والصحة والتعليم" وبـ"وصول أعداد كبيرة إلى ما دون خط الفقر في مقابل الاثراء الفاحش على حساب قوت الشعب".
وينظر مناصرو الصدر إليه على أنه رمز للمعارضة ومكافحة الفساد، على الرغم من أن العديد من المنضوين في تياره يشغلون مناصب حكومية.
وقرب تمثال القوس المؤلف من سيفين في ساحة الاحتفالات، قال الشيخ علي العتبي الذي شارك في الصلاة إن الصدر "عندما يريد توظيف الشعب لأمر ما يدعو إلى صلاة الجمعة المباركة ويوحد صفوف المسلمين".
وقال المتظاهر قاسم أبو مصطفى وهو موظّف يبلغ من العمر 40 عاماً إن "صلاة اليوم هي صلاة مليونية موحدة". وأضاف أن "الصلاة شوكة بالعدو، نريدها من أجل إعادة الانتخابات والإصلاح بنفس الوقت".
يعيش العراق شللاً سياسياً تاماً منذ الانتخابات التشريعية في تشرين الأول/أكتوبر 2021 في ظل العجز عن انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة.
أفرزت الانتخابات برلماناً مشرذماً، لا يملك فيه أي طرف غالبية مطلقة، وشغل فيه تيار الصدر 73 مقعدًا من أصل 329.
وتجري العادة في العراق أن تتوصل أطراف "البيت الشيعي" المهيمنة على المشهد السياسي منذ العام 2003، إلى توافق في ما بينها على اسم رئيس للحكومة.
لكن الأطراف السياسية أخفقت هذه المرة في تحقيق ذلك بعد أشهر طويلة من المفاوضات. ويكمن الخلاف الأساسي بين الطرفين في أن التيار الصدري أراد حكومة "أغلبية وطنية" بتحالف مع السنة والأكراد، في حين أراد خصومه في الإطار التنسيقي الإبقاء على الصيغة التوافقية.
ومع عدم قدرته على تحقيق حكومة الأغلبية التي أرادها، شرع الصدر بممارسة ضغوط على منافسيه وترك لهم مهمة تشكيل الحكومة بعد استقالة نوابه.
- انتخابات جديدة -
وتزامناً مع صلاة الجمعة، التقى الصدر في النجف برئيسة بعثة الأمم المتحدة في العراق، جنين بلاسخارت. وقالت بلاسخارت في مؤتمر صحافي اعقب اللقاء إنها ناقشت "مع السيد الصدر أهمية إيجاد حل للأزمة السياسية"، وفق وكالة الأنباء العراقية.
وفي خطاب الأربعاء، دعا الصدر إلى إجراء انتخابات تشريعية مبكرة، قائلاً "أنا على يقين أن أغلب الشعب قد سئم الطبقة الحاكمة برمتها بما فيها بعض المنتمين للتيار".
وفي تغريدة الجمعة، أيّد رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي دعوة الصدر لإجراء انتخابات مبكرة. وقال "إن مجلس النواب ممثل الشعب وتلك الجماهير التي احتشدت هي جزء من كياته وضميره والتي لا يمكن بأي حال إغفال إرادتها في انتخابات مبكرة".
وأضاف "نؤيد المضي بانتخابات نيابية ومحلية خلال مدة زمنية متفق عليها".
ويسمح الدستور العراقي للبرلمان بأنّ يحلّ نفسه. ففي المادة 64 منه، ينصّ على أن حلّ مجلس النواب يتمّ "بالأغلبية المطلقة لعدد اعضائه، بناءً على طلبٍ من ثلث اعضائه".
أما الخيار الآخر فهو بطلب "من رئيس مجلس الوزراء وبموافقة رئيس الجمهورية".
وسط هذا المأزق السياسي، أصدر الإطار التنسيقي الخميس بيانا أكد فيه "دعمه لأي مسار دستوري لمعالجة الأزمات السياسية وتحقيق مصالح الشعب بما في ذلك الانتخابات المبكرة بعد تحقيق الإجماع الوطني حولها وتوفير الأجواء الآمنة لإجرائها".
لكن أضاف أنه "يسبق كل ذلك العمل على احترام المؤسسات الدستورية وعدم تعطيل عملها".
ويضمّ الإطار التنسيقي قوى شيعية بارزة مثل كتلة دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، الخصم الرئيسي للصدر، وكتلة الفتح التي تمثّل الحشد الشعبي.
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات حتى الآن