زاكروس عربية - أربيل
لعلها من اكثر الامور المحيرة أن تتجاوز خلافات بعضهم السياسية الحدود، فتصبح بغضاً وحقداً بطابع شخصي محض، وفي ضوءه يتبنى هذا البعض التصورات، ويقرر، ويعمل.
وعلى الرغم من انهماك الاقليم، ومنذ استقلال الأمر الواقع عام ١٩٩١ بالاهتمام بشانه الداخلي، والتعامل مع الظروف الموضوعية داخلياً على مستوى العراق، ومن ثَم العراق الاتحادي، واقليمياً ودولياً بتوازن الحصيف الرشيد، الا ان هذا لا يروق لأجندات محسوبة الغايات والدوافع.
ان حركة الاعمار، واستيفاء الاقليم شرائط تكوين الكيان الاتحادي المعتبر، على محدودية الامكانيات، وكمية العراقيل التي توضع في طريق مساعيه، كانت تدفع بالكثير من القوى التي باتت تعرف اليوم بالدولة الموازية، الى محاولة تعميق بعض ازماته، توتير علاقاته، والتشكيك بطريقة تعامله مع المستجدات العالمية، بالتخوين أو التآمر.
ففي وقت يريد الاقليم اعطاء دور للعمل السياسي لحل مشكلة (ب ك ك) مع تركيا، دون ان يخسر من رصيده القيمي بكونه يتعامل مع تفصيلة ضمن قضية الشعب الكوردي الكبرى، لجأت بعض القوى السياسية العراقية الى تعميق الفجوة بين الاقليم ومنظمة (ب ك ك) بحرف أهداف الأخيرة، وجعلها مرتزقة، متخادمة مع جهات خارجية، ما كرس عملية تصنيفها بكونها ارهابية، فاصبح نشاطها تخريبياً عبثياً، اكثر منه نضالاً سياسياً.
الاعتماد على عناصر (ب ك ك) للضغط على كوردستان وجعلها سكيناً في خاصرته كان بهدف الابتزاز السياسي أولاً، وعرقلة فرص التقدم، وما الدور الخبيث للمنظمة في شنكال الا وجه منه، فضلا عن قيامها بتنفيذ عمليات ارهابية انطلاقا من مناطق وقرى كوردستانية مأهولة ما يعرض أهاليها للخطر، دون ان يعفي ذلك تركيا عن مسؤوليتها.
كما وتعمل هذه الجهات على تأزيم الوضع بين قوى الاقليم وبعضها، وبين الاقليم والحكومات الاتحادية، بتحريض الأخيرة على عدم تحقيق اي تقارب من اي نوع كما في الملفات العالقة، كما ولم تترك اي فرصة للإساءة اليه إلا وسلكتها، ومن ذلك تحريك الدعاوى لدى ما تسمى بالمحكمة الإتحادية، وضرب حركة الاستثمار، ناهيك عن التحريض والتعبئة الشعبية والخطاب الدعائي المقيت.
ومما يؤسف له انصياع حكومات بغداد المتعاقبة، وخاصة حكومة السيد حيدر العبادي السابقة، وقبلها حكومة السيد نوري المالكي الى هذه التوجهات المدفوعة بأحقاد وبدوافع شتى.
ان استمرار حكومة الاقليم بمد جسور الحوار مع حكومة المركز، ويد التعاون والتكامل معها، وتركيزها المستمر على حل المشكلات وفقا للدستور، بل واستعدادها الدائم للعودة الى نقاط البداية والعمل مجددا على حل الخلافات على ان تكون حلولا دائمية وجذرية تلتزم بها جميع الحكومات اللاحقة، يؤكد رغبة الاقليم بالترفع عن القضايا الصغيرة، والتركيز على ما سواها واعطاء نموذج ومثال مشرف يمكن ان يفيد العراق ومحافظاته التي لم تنتظم الى اليوم باقاليم، في طرق الادارة على المستويات الأمنية والمدنية.
وما زيارة السيد رئيس حكومة الاقليم الى بغداد وحمله ملفات الطاقة وسواها، الا خطوة في هذا المسعى، لكن على الجانب الآخر أن يفهم انه يتعامل مع كيان فيدرالي جمع كل المقومات، ونالت تجربته ثناء واحترام المجتمع الدولي واعترافه، ما يقطع الطريق على اية محاولات مضلة لحرف الحقائق، ومحاولة اعادة التاريخ الى الوراء بأسوأ صوره.
ان اي اتفاق لن ينجح ما لم تكن هناك ارادة سياسية لدى بغداد، وكيف يمكن ايجادها اذا كانت هناك جهات تعتاش على الأزمات، وعلى ايهام الشارع بوجود اعداء خارجيين او داخليين، حتى لو كانوا جزءا من كيان الدولة؟!
تقرير.. كمال بدران
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات حتى الآن