ا ف ب
اعلن الرئيس الاميركي جو بايدن الخميس أن بلاده ستواصل "تعاونها الوثيق" مع المملكة المتحدة، وخصوصا في شأن اوكرانيا، في بيان نشر بعد استقالة رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، ولكن من دون أن يتضمن إشارة مباشرة الى هذا الامر.
وقال بايدن إن "المملكة المتحدة والولايات المتحدة هما الصديقان والحليفان الأقرب، والعلاقة الخاصة بين شعبينا تبقى متينة ودائمة".
واضاف "أتطلع الى مواصلة تعاوننا الوثيق مع حكومة المملكة المتحدة، وكذلك مع حلفائنا وشركائنا في العالم أجمع، حول سلسلة من الأولويات".
وتابع بايدن أن "هذا يشمل الحفاظ على مقاربة قوية وموحدة دعما للشعب الأوكراني في وقت يدافع عن نفسه ضد الحرب الوحشية ل(الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين على ديموقراطيته، وتحميل روسيا مسؤولية افعالها".
ولا يشير البيان الى بوريس جونسون الذي أعلن الخميس استقالته بعد سلسلة من الإخفاقات في حكومته وفضائح عدة.
واستقال ربوريس جونسون الخميس من منصبه كرئيس تنفيذي لحزب المحافظين ممهدا بذلك الطريق لاختيار خلف له لرئاسة الوزراء بعد موجة استقالات من فريقه الحكومي خلال 48 ساعة من الأحداث السياسية المتسارعة.
وأعلن جونسون البالغ من العمر 58 عامًا من أمام مقره في 10 دوانينغ ستريت "واضح أن إرادة الكتلة البرلمانية لحزب المحافظين أن يكون هناك زعيم جديد لهذا الحزب وبالتالي رئيس جديد للوزراء".
وسُيعلَن موعد بدء الترشح لقيادة الحزب الأسبوع المقبل، كما قال، بعد ثلاث سنوات مضطربة من الحكم، خرجت خلالها بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وعانت من جائحة كوفيد وفضائح متزايدة.
وقال إنه سيبقى في منصب رئيس الوزراء حتى انتخاب بديل منه.
وبعد أن قاوم دعوات من حكومته تطالبه بالاستقالة قال إنه يشعر "بالحزن ... إزاء التنحي عن أفضل وظيفة في العالم" مبررا تمسكه بالمنصب حتى اللحظات الأخيرة بإنجاز المهمة التي فاز بها في انتخابات عامة هيمنت عليها مسألة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست) في كانون الأول/ديسمبر 2019.
وأضاف في كلمته التي استمرت ست دقائق "اسمحوا لي أن أقول الآن لشعب أوكرانيا، إنني أدرك بأننا في المملكة المتحدة سنواصل دعم قتالكم من أجل الحرية طالما استغرق الوقت".
وشكرت الرئاسة الأوكرانية لجونسون دعمه أوكرانيا في "أصعب الأوقات".
واجرى الرئيس الاوكراني فولوديمير زيلينسكي اتصالا هاتفيا بجونسون ليعرب له عن "حزنه" لقراره التنحي.
ووقف حلفاء جونسون القلائل المتبقون في حزب المحافظين إلى جانب زوجته كاري التي كانت تحمل طفلتهما رومي، أمام مقر الحكومة.
وستجري انتخابات قيادة الحزب في الصيف وسيحل الفائز مكان جونسون لدى انعقاد المؤتمر السنوي للحزب مطلع تشرين الأول/أكتوبر، حسبما نقلت هيئة بي بي سي ووسائل إعلام أخرى.
- مرشحون -
ويبرز اسما وزير الدفاع بن والاس، وريشي سوناك الذي مهدت استقالته من منصب وزير المال الثلاثاء الطريق أمام موجة الاستقالات الأخرى، من بين الشخصيات الأوفر حظا لخلافة جونسون بحسب استطلاع اجرته يوغوف شمل أعضاء حزب المحافظين.
واعتبرت وزيرة الخارجية ليز تراس، وهي أيضا مرشحة محتملة، إن جونسون اتخذ "القرار الصائب". وقطعت الوزيرة زيارة إلى إندونيسيا للمشاركة في اجتماع وزاري لمجموعة العشرين.
وكتبت في تغريدة "نحن الآن بحاجة للهدوء والوحدة ومواصلة الحكم حتى إيجاد زعيم جديد".
لكن في الساعات المحمومة التي سبقت إعلان جونسون الاستقالة، قال زعيم المعارضة العمالية كير ستارمر إن البلاد لم تعد قادرة على الانتظار.
وأكد ستارمر الحاجة إلى "إلى تغيير حقيقي في الحكومة" وطالب بحجب الثقة في البرلمان، ما قد يؤدي إلى انتخابات عامة بدلا من أن "يبقى (جونسون) متشبثًا لأشهر وأشهر".
وحتى فيما كان جونسون يفكر بالاستقالة سعى في وقت سابق الخميس للامساك بزمام الأمور فأعلن عن عدد من التعيينات بدلًا من أعضاء الحكومة المستقيلين.
من بين تلك الشخصيات غريغ كلاك، المعارض الشرس لبريكست على عكس جونسون.
وكُلفت شاليش فارا التي لم يُسند إليها من قبل منصب حكومي، حقيبة إيرلندا الشمالية، في وقت يشتد النزاع بين الحكومة وبروكسل على خلفية قواعد التجارة لمرحلة ما بعد بريكست في تلك المنطقة الحساسة.
واعتبر رئيس الوزراء الإيرلندي مايكل مارتن الخميس أن استقالة جونسون "تمثل فرصة" لتسوية العلاقات المتأزمة.
وقال مارتن إن العلاقات بين دبلن ولندن "شهدت أزمات وتحديات في الآونة الأخيرة" لأسباب ليس أقلها خلافات بسبب ترتيبات تجارية خاصة لمرحلة ما بعد بريكست، في إيرلندا الشمالية الخاضعة للحكم البريطاني.
أضاف "لدينا الآن الفرصة للعودة إلى روح الشراكة الحقيقية والاحترام المتبادل الضروري لترسيخ اتفاقية الجمعة العظيمة"، التي وضعت حدا لعقود من إراقة الدماء في إيرلندا الشمالية.
- "مغرور يعيش في الوهم" -
تمسك جونسون بالسلطة رغم إعلان أكثر من خمسين من أعضاء الحكومة بينهم خمسة وزراء استقالتهم منذ الثلاثاء، وأكد على موقفه مساء الأربعاء.
لكن يبدو أن رحيل وزيرة التعليم ميشيل دونيلان الخميس ودعوة وزير المالية الجديد ناظم الزهاوي له إلى الاستقالة - وكلاهما عينا قبل يومين فقط - هو ما رجح كفة الميزان إلى جانب تحذيرات من تصويت جديد لحجب الثقة من جانب النواب المحافظين.
فاز جونسون في الانتخابات عام 2019 وسط وعود ب"إنجاز بريكست" في اعقاب استفتاء قبل ثلاث سنوات على ذلك، صوتت فيه غالبية البريطانيين على تأييد الخروج من الاتحاد الأوروبي. لكن بالنسبة لكثيرين فإن الزعيم الشعبوي الذي يتحدى التقاليد، لم يعد مرغوبا فيه.
يأتي النزاع داخل المحافظين في وقت يواجه ملايين البريطانيين أسوأ تراجع في مستويات المعيشة منذ الخمسينات الماضية، تحت وطأة ارتفاع كبير في أسعار الطاقة بسبب الحرب في أوكرانيا.
قبل الأزمة الاقتصادية كانت شعبية جونسون قد تراجعت بسبب حفلات أقيمت في مقر الحكومة في حين كانت البلاد تخضع للحجر الصحي. وأصبح بعدها أول رئيس حكومة تفرض عليه الشرطة غرامة.
وقالت هيلين دودني (53 عاما) التي تعمل في مجال حقوق المستهلك لوكالة فرانس برس "حان الوقت أليس كذلك؟ بجد، هل تعرفون أحدا مغرورا وجاهلا ويعيش في الوهم إلى هذا الحد".
وفي إشارة إلى الوزراء المستقيلين قالت "أين كانت نزاهتهم قبل أشهر؟".
وبينما أشرف جونسون على حملة تلقيح ناجحة ضد وباء كوفيد، فإن هذا الصحافي السابق شهد أسوأ حصيلة وفيات بالوباء في أوروبا بل كاد أن يقضي بالفيروس في نيسان/أبريل 2020.
- نقطة اللاعودة -
قال لوبي أكينولا من مجموعة داعمة للعائلات التي فقدت أحباء بكوفيد، إن "إرث بوريس جونسون هو وفاة قرابة 200,000 بريطاني خلال فترة حكمه".
أضاف "بينما سينصرف جونسون إلى كتابة الأعمدة في الصحف ويتقاضى مبالغ طائلة لإلقاء خطابات بعد مآدب عشاء، لن يتغير شيء لعائلات مثل عائلتي مزقتها أفعاله".
بدأ تسارع الأحداث الخميس باستقالة وزير إيرلندا الشمالية براندون لويس ليصبح رابع وزير مستقيل في الحكومة، قائلا إن جونسون "تجاوز نقطة اللاعودة".
لكن حتى وقت متأخر من مساء الأربعاء تحدى جونسون دعوات أنصاره وزملائه في مجلس الوزراء للتنحي فأقال الوزير مايكل غوف حليفه السابق. وقال مصدر مقرب من جونسون لهيئة بي بي سي إن غوف كان "ثعبانًا".
وذكرت صحيفة "ذا صن" إن جونسون قال لوزرائه إنه سيتعين عليهم "غمس أيديهم في الدماء" لإزاحته عن منصبه، لكن أحداث الخميس أجبرته على تغيير موقفه.
جاءت الاستقالة المفاجئة والمدوية لسوناك ووزير الصحة ساجد جاويد مساء الثلاثاء بعد اعتذار جونسون عن تعيين كريس بينشر في شباط/فبراير في منصب مساعد المسؤول عن الانضباط البرلماني للنواب المحافظين.
وأجبر بينشر على التنحي بعدما اتُهم بملامسة رجلين وهو في حالة سكر.
فبعد نفي داونينغ ستريت علم جونسون بالاتهامات السابقة الموجهة له كشف موظف حكومي كبير سابق إنه أُبلغ في 2019 بحادث آخر على صلة ببينشر. وأدت القضية إلى تغيير مواقف كثيرين في حزب المحافظين الذين استاؤوا من اضطرارهم للدفاع عن أكاذيب جونسون كما قالوا.
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات حتى الآن