زاكروس عربية – أربيل
قام ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الأربعاء بزيارته الرسمية الأولى لتركيا، وأكد البلدان عزمهما على "تعزيز التعاون" بعد تسع سنوات من الخلافات بدأت مع الربيع العربي وفاقمها اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي في اسطنبول.
والتقى الرئيس التركي رجب طيب اردوغان ضيفه في القصر الرئاسي في أنقرة حيث عقدا محادثات.
وذكر بيان مشترك أن الاجتماع تم "في جو سادته روح المودة والإخاء، بما يجسد عمق العلاقات المتميزة بين البلدين".
وأكد بن سلمان واردوغان "بأقوى صورة على عزمهما المشترك لتعزيز التعاون في العلاقات الثنائية بين البلدين بما في ذلك المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية والثقافية".
وأضاف أن الجانبين ناقشا "تطوير شراكات إنتاجية واستثمارية في مجالات الذكاء الاصطناعي والتقنيات الرقمية والمدن الذكية"، وكذلك "تطلعهما للتعاون في مجالات الطاقة"، لكنهما لم يعلنا عن صفقات ملموسة.
كما جاء في البيان "اتفق الجانبان بخصوص تفعيل الاتفاقيات الموقعة بينهما في مجالات التعاون الدفاعي بشكل يخدم مصالح البلدين ويساهم في ضمان أمن واستقرار المنطقة".
وتعد الزيارة الفصل الثاني في المصالحة بين البلدين اثر الأزمة التي تلت اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في اسطنبول.
وكان اردوغان قد قال الجمعة لدى تأكيده زيارة الأمير محمد، الحاكم الفعلي لبلاده، "بإذن الله سنرى إلى أي مستوى يمكننا الارتقاء بالعلاقات" بين تركيا والمملكة العربية السعودية.
حصل الفصل الأول من المصالحة في نهاية نيسان/أبريل عندما زار إردوغان الذي يخوض انتخابات رئاسية السنة المقبلة وعليه إنهاض اقتصاد يواجه صعوبات جمة في بلاده، السعودية حيث بحث مع ولي العهد في سبل "تطوير" العلاقات بين البلدين.
وقبل ثلاثة أسابيع على ذلك، قرر القضاء التركي حفظ قضية اغتيال الصحافي المعارض جمال خاشقجي، كاتب المقالات في صحيفة "واشنطن بوست" الذي قتل في تشرين الأول/أكتوبر 2018 في قنصلية بلاده في اسطنبول التي قصدها للحصول على وثائق لزواجه من خطيبته التركية.
وأحالت أنقرة الملف على السلطات السعودية بعدما وجهت اتهامات مبطنة لهذه السلطات بتنفيذ الجريمة. وفتح حفظ القضية المجال أمام التقارب مع الرياض.
- "مثل المتسولين" -
يرى سونر كاغابتاي من معهد "واشنطن إنستيتوت فور نير إيست بوليسي" (معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى)، أن "هذه الزيارة هي بين الأهم إلى أنقرة منذ قرابة عقد من الزمن".
ويشير إلى أن الخلاف بين الرياض وأنقرة يعود إلى العام 2013 عندما دعم الرئيس إردوغان الرئيس المصري محمد مرسي الذي كان ينتمي إلى جماعة الأخوان المسلمين.
وساهم الحصار الذي فرضته السعودية على قطر، حليفة تركيا، لمدة ثلاث سنوات ومن ثم قضية خاشقجي في السنة التالية في تسميم العلاقات بين أنقرة والرياض.
في تلك الفترة، اتهم الرئيس التركي "أعلى المستويات" في الحكومة السعودية بإعطاء الأمر لتنفيذ عملية الاغتيال على أيدي سعوديين قدموا من السعودية.
ويكثّف اردوغان المبادرات لتطبيع العلاقات مع قوى إقليمية بينها السعودية وإسرائيل والإمارات قبل أقل من سنة على الانتخابات الرئاسية المقررة في منتصف حزيران/يونيو 2023، وفي وقت يقضي التضخم على قدرة الأتراك الشرائية.
ويقول كاغابتاي "إردوغان وضع كبرياءه جانبا... فهو لديه هدف وحيد وهو الفوز بالانتخابات المقبلة"، مشيرا إلى أن الرئيس التركي الذي زار الإمارات في منتصف شباط/فبراير "يسعى بشتى الطرق إلى استقطاب استثمارات خليجية".
بعد عقدين على رأس الدولة، يواجه الرئيس التركي تراجعا كبيرا في قيمة الليرة التركية (-44% أمام الدولار في 2021 و-23% منذ مطلع كانون الثاني/يناير) وتضخما بلغ 73,5 % بمعدل سنوي في أيار/مايو، ما أثّر كثيرا على القدرة الشرائية للأتراك، ويلقي بظلال الشك على احتمال إعادة انتخابه، بحسب استطلاعات الرأي.
وقال زعيم حزب المعارضة الرئيسي كمال كليتشدار أوغلو "أحلتم ملف (خاشقجي) على السعودية في مقابل المال مثل المتسولين".
وقالت خطيبة خاشقجي خديجة جنكيز لوكالة فرانس برس "لو كان لجمال قبرًا، لتحرّك بداخله".
- "مواجهة نفوذ إيران" -
ويستعد ولي العهد السعودي لطي صفحة التهميش الذي فرضه الغرب عليه. فالرئيس الأميركي جو بايدن سيزور المملكة حيث يلتقي الأمير محمد خلال جولة له في الشرق الأوسط هي الأولى منذ توليه الرئاسة في منتصف تموز/يوليو.
وترى غونول تول مديرة برنامج تركيا في معهد "ميدل إيست إنستيتوت" في واشنطن أن "أحد الدوافع الرئيسية للسعودية هي إقامة جبهة سنية تشمل تركيا في مواجهة نفوذ إيران في المنطقة".
وقالت "مجموعة يوراسيا" في مذكرة أبحاث إن "المحادثات يمكن أيضا ان تشمل التعاون العسكري والدفاعي او شراء أسلحة لأن السعوديين يرغبون في استطلاع فرص تنويع مزوديهم".
لكن غونول تؤكد أن "محمد بن سلمان لن ينسى بسهولة موقف تركيا خلال قضية خاشقجي. ففي تلك الفترة كان الأمير محمد يسعى إلى الترويج لصورته كرجل إصلاحات في البلاد وعلى الساحة الدولية. إلا أن تركيا بكشفها قضية خاشقجي الحقت ضررا كبيرا بهذه الصورة".
أ ف ب
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات حتى الآن