زاكروس عربية - أربيل
في وقت تمارس الطبقة السياسية هوايتها المفضلة بصم آذانها عن أصوات الجماهير ومطالبها، وتستمر بانشغالاتها بحثاً عن مغانم في السلطة غير آبهة لما يجري حولها، فأن حركة الشارع لها قواعدها ولغتها الاخرى التي قد لا يتم تفكيك رموزها إلا بعد الانهيار.. منذ أيام تحدثت المرجعية عن ان الفتنة باقية، وقد فسر كثيرون "الفتنة" وفق هواهم، وهو التحذير من عودة ارهاب داعش، لكن هذا التفسير قد يكون مجانبا للحقيقة.
عندما یتعامل السیاسي مع مُقدِمات أي فعل ثوري خارج السياق بفتور ولا مبالاة، وبتعالٍ ربما، فليتوقع الأسوأ، وقلةٌ عبر التاريخ من تنبأوا برد فعل الجماهير عندما يكون مزاجها الثوري في تمامه.
سجلت البصرة وميسان أعلى درجات حرارة بين مدن العالم.. ومعلوم ان مزاج العراقيين الثوري يعلوا في ظروف موسمية محددة، وهي أشهر الصيف اللاهب.
وشهدت بعض المحافظات إلقاء وتوزيع منشورات حملت عبارتي "ساعة الصفر" و "العاصفة قادمة"، ومنها عبرت هذه المنشورات الى صفحات التواصل الإجتماعي.
حتى الآن لا يُعرف عن هذه المنشورات شيء، من كتبها؟ ومن روّج لها، من وراءها؟ وما أهدافها؟!!!
وتذكِّر ساعة الصفر بما حصل في العام ١٩٩٩، بعد قتل السيد محمد محمد صادق الصدر، حيث تم الترويح لساعة الصفر، والتي جرت إثرها فعاليات ثورية اقواها في محافظة البصرة وبغداد، لكن افتضاح امرها اسهم في وأدها.
تحمل كلمة "ساعة الصفر" إذن مدلولات عميقة بين جماهير التيار الصدري، لكن هذا لا يعني أن من يقف وراء هذه المنشورات هي جماهير التيار!
تبدأ الثورات والانتفاضات الكبرى برفض الواقع، الرفض الذي اذا كانت قبضة السلطة قوية يظهر بشكل تململ واستياء واقاويل وشائعات ونكات، ولكن هذه سرعان ما تنقلب الى ما لا يحمد عقباه، عندما تتوفر العوامل المساعدة على الاشتعال.
وهناك من الأسباب الكثيرة ما يجعل الكثيرين يؤكدون انها إرهاصات حقيقية لفعل ثوري.
ان ما جرى على العراق، وما يجري لا يروق للشعب العراقي، لا يروق له ان يرى هذا الاصطراع السياسي تحركه المصالح، واهدافه ابقاء الحال على ماهو عليه، بنكاً يتناهبه اللصوص، كما يشير الى ذلك الكاتب محمد حسنين هيكل.
فمنذ اكثر من ثمانية شهور والحال متوقف، ومصالح الناس اخر ما تفكر به الطبقة السياسية المنشغلة بمغانمها من السلطة، هذا في حين يدق العالم ناقوس الخطر من ازمة رغيف ووقود وبيئة.
ولم يعد مجدياً إلقاء اللائمة على الشياطين الكبرى والصغرى، والكيانات الخارجية، والاعداء المفترضين من الداخل، وتحميلهم مسؤولية خراب العراق وتردي الخدمات والانهيار في منظوماته الصحية والتعليمية والبيئية، وانسداد آفاق التغيير.
وعندما قالت المرجعية ان الفتنة باقية فهي بالتاكيد لا تقصد المعنى الذي تم الترويج له بأنه يشير الى تنظيم داعش واحتمالات عودته، فظهور التنظيم ليس الفتنة، وانما واحداً من اعراضها، كما يؤكد العارفون بخطابها.
أن من اسباب الفتنة استمرار خطاب الكراهية ضد بعض المكونات المحلية، وتهديد السلم المجتمعي، والاصطفافات مع الخارج على حساب كيان الدولة، والتلويح بالسلاح مع المختلف بالراي والموقف، وملاحقة الاصوات المنتقدة.
بالمختصر؛ اذا لم تقرا الطبقة السياسية الواقع بصورة صحيحة، فقد تجد نفسها في لجة اعصار يكتسحها في ساعة الصفر التي لم يعلن عنها.
تقرير: كمال بدران
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات حتى الآن