زاكروس عربية - أربيل
على طريقة التعاملات بين البائع والمشتري، فأن السهو والخطأ مرجوع على الطرفين، وهذه القاعدة تنطبق حرفيا على ما يصدر من قراراتٍ من المحكمة الاتحادية، فإذا ما كانت بضاعتها غير قانونية وغير دستورية، وجب اعادتها.
وصدرت عن المحكمة التي، وللمفارقة، لم يشرع قانونها بعد، قرارات قلبت معادلات، وغيرت مسارات، فأوَّلت وفسرت، وحرَّمت وحلَّلت، وسمحت ومنعت، متمتعة بسلطة لا قبلها ولا بعدها.
العامل السياسي كان له دوره في هذا ومنذ ان أفتت بخسارة الفائز في انتخابات العام الفين وعشرة وجاءت بتفسير الكتلة النيابية الأكبر، باتت المحكمة الاتحادية تتحكم بأهم مفاصل القرار السياسي.
ويعترف رئيس مجلس القضاء الاعلى فائق زيدان ضمنا أن المحكمة لم تكن موفقة في قرارها الخاص بتفسير المادة الدستورية المعنية بالفائز الاكبر، بكل ما جرَّه تفسيرها من مشكلات.
غياب التوفيق في عدد من قراراتها لم يكن سببه قصور في التفسير، وانما ميل في الهوى تحركه دوافع معروفة، والقضية لم تعد خافية ووصلت الى اروقة مجلس الأمن عبر احاطتين اكدت فيهما مبعوثة الامين العام للأمم المتحدة جينين بلاسخارت ان القضاء بات يدا تتحرك ضد هذه الجهة او تلك وفقا لمقتضيات مصالح بعضهم، وتبعا لصراع الارادات السياسية، وتقصد قرارين صدرا عن المحكمة الاتحادية الاول ابطلت فيه ترشيح السيد هوشيار زيباري لرئاسة الجمهورية، والثاني أفتت بعدم شرعية قانون النفط والغاز قي برلمان الاقليم.
وعلى ما يبدو فان عدالة المحكمة التي تدبج احكامها كما تدبج الاحزاب خطاباتها فتحشوها بالشعارات، دون تمحيص وافٍ لما في مواد الدستور، وهو مادتها الوحيدة، غفلت قضايا أكثر جوهريةً مما قضت فيها.
تنص المادة 121 /ثانياً من الدستور أنه (يحق لسلطة الاقليم تعديل تطبيق القانون الاتحادي في الاقليم، في حالة وجود تناقض أو تعارض بين القانون الاتحادي وقانون الاقليم بخصوص مسألةٍ لاتدخل في الاختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية).
هل ما ورد في الدستور بشأن النفط والغاز حصري للسلطات الاتحادية أم أنه نص صراحة على ان تكون الادارة بالمشاركة، وأن ينظم ذلك بقانون.
جاء في نص الدستور حول ادارة النفط والغاز المستخرج من الحقول الحالية، في المادة 112/أولاً:- (تقوم الحكومة الاتحادية بادارة النفط والغاز المستخرج من الحقول الحالية مع حكومات الاقاليم والمحافظات المنتجة على ان توزع وارداتها بشكل منصف يتناسب مع التوزيع السكاني في جميع انحاء البلاد.... وينظم ذلك بقانون).
فأين القانون الذي استندت اليه المحكمة بإبطال قانون النفط والغاز الذي تم تشريعه في برلمان الاقليم عام ٢٠٠٧؟! أي بعد عامين من الاستفتاء على الدستور الاتحادي.
السؤال الأكثر جوهرية؛ لماذا وردت كلمة "الحالية" عند الأشارة الى الحقول التي يستخرج منها النفط والتي تريد المحكمة الأتحادية حصر ادارتها بالحكومة الاتحادية؟!
هل هي كلمة عابرة مثلا، أم أن لها وجودها ومنطوقها واصلها وفصلها؟!
تجادل المحكمة الاتحادية في قانون النفط والغاز الخاص بالاقليم وتفتي بعدم شرعيته، فهل لأنه خالف المادة الدستورية، وهذا لم يحصل، أم لأنه لا يتسق مع قانون ادارة النفط والغاز الاتحادي وهو لم يشرع بعد؟!
محكمة لم ينظم قانون تأسيسها، وهي اقرب الى هيئة قضائية عرفية، بمسحة سياسية، تفتي بعدم شرعية قانون تم تشريعه في الاقليم منذ ما يقارب الخمس عشرة سنة ، بفرض أنه يخالف قانونا اتحاديا لم ينظم بعد!!
غريب ما يحصل!!
ويُشْكُل بعضهم على بيان مجلس القضاء في الاقليم الذي صدر قبل أيام وقضى بعدم شرعية المحكمة الاتحادية لأن قانون تأسيسها لم ينظم بعد، فيقولون بأن هناك من بين القضاة التسعة قاضيين من الكورد يتسلمان رواتب تعادل رواتب الوزراء وقطع اراض في افضل المناطق ببغداد ووهناك قاض ثالث احتياط، وهي قضية مردوة طبعا فاذا كان هناك قاضيان من الكورد فهناك سبعة من المكونات الاخرى جرى تعيينهم، اما اعادة مرتباتهم او امتيازاتهم فالقانون هو الفيصل هنا، ولا علاقة للاقليم بها، أي انه سهو مردود على الطرفين، هكذا يقول المنطق..
ثلاثة قوانين يعاد مع كل دورة نيابية التاكيد على اهميتهم ودائما ما ترحل من دورة الى اخرى، الأول يخص المحكمة الاتحادية، والثاني قانون النفط والغاز والثالث قانون مجلس الاتحاد والتي لو اقرت لجنبت العراق مشكلات لا حصر لها.
تقرير .. كمال بدران
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات حتى الآن