زاكروس عربية - أربيل
لماذا تنتهي جميع التقارير التي تصف واقع العراق الراهن بالنهاية ذاتها، والتي تقارن بين زمنين، زمن الطغيان وزمن ما بعده فتميل الكفة لصالح الزمن الذي ثار عليه العراقيون وتخلصوا منه بمعونة خارجية؟
يقول تقرير النيويورك تايمز الاخير بعد أن يسرد عشرات الوقائع من داخل العراق ان الدكتاتور صدام وعلى الرغم من كونه حاكما مستبدا، الا ان التعاملات في زمنه انظف.
توصلت الصحيفة الى قرارها هذا بعد ان رأت ما رأت من أحوال غريبة وعجيبة في العراق، يراها ويعيشونها العراقيون.
وتتفاعل هذين اليومين قضية الحكم على وزير الكهرباء السابق لؤي الخطيب، حكما ناعما وباهتا بالسجن سنة مع ايقاف التنفيذ في جريمة تتعلق بهدر مبلغ ٨٠٠ مليون دولار وأزيد قليلا، مع تغريمه والمشاركبن معه مبلغ ٧٠٠ دولار. ولا نعرف لماذا الغرامة قيدت بالعملة الأجنبية.. ربما لان المبلغ المهدور بالدولار.
وتبرر محكمة النزاهة قرارها بأن "المدانين لم يسبق الحكم عليهم عن جريمة أخرى وأن الظروف الجرمية وظروف المدانين بماضيهم تبعث على الاعتقاد بأنهم لن يعودوا لارتكاب جريمة ثانية، لذا قررت المحكمة ايقاف تنفيذ الحكم والزام المحكوم عليم بالتعهد بحسن السلوك خلال مدة ايقاف التنفيذ".
لو كان لإنشراح ان تزغرد او تهلهل فلتطلق العنان لحنجرتها.
المحكمة تعتقد، وهذه هي المرة الأولى او ربما من فرائد المحاكم العراقية، أن تعرب المحكمة عن اعتقادها في حالة، فتعتقد بانهم لن يعودوا لارتكاب الجريمة ثانية، وعليه فعلينا اعطاؤهم فرصة جديدة.
وفي قرارها الكاريكاتوري تلزم المحكمة المدانين، المجرمين بمنطوق حكمها، بحسن السلوك خلال فترة ايقاف التنفيذ اما ما بعدها، فلا ضير منه..
كان للمحاكم العراقية صولات اخرى مع فرسان الفساد الذين يلقى القبض عليهم فتجيء احكامهم أبوية حنونة، كالمسؤول السابق الذي اعفي عن جرائمه وسرقاته رأفة بشبابه، ولكن تم تغريمه بمبلغ ٢٥ دينار لا يعرف كيف تحصل عليها وقد اختفت هذه العملة من المداولات..
وتعفو المحكمة بناء على مقتضيات الحال السياسي عن متهمين بالارهاب، اكراما لعين الجيران، وللقوى المناهضة للتغيير والاصلاح.
وان لم ياتي العفو والإكرام من المحكمة فرئاسة الجمهورية كفيلة به.. ألم تصدر عن احد اكبر تجار المخدرات من منتسبي جهاز المخابرات عفوا خاصا، ليسرح بعدها ويمرح في بلاد الكفر، حرا طليقا يتمتع بشبابه وماله.
وحتى تكتمل المسبحة الغت المحكمة الاتحادبة لجنة القرار الديواني ٢٩ الخاصة بمتابعة قضايا الفساد الكبرى.
وتمتليء السجون بمحكومين في قضايا غاية في الصغر تتداولها المحاكم تمييزا واستئنافا وتمييزا اولا وثانيا وثالثا ونقضا وطعنا فيتعفن اطرافها في السجون، ولدى مراجعتها تجد انها قضية شجار عائلي، لا صعدت ولا نزلت.
وكم في السجون من محكومين بسرقة بضعة الاف من الدنانير العراقية، او علبة مناديل ورقية او حتى رغيف خبز.
انه قانون ساكسونيا..
يُحكم على الفقير بقطع الراس، وعلى النبلاء والاثرياء بقطع ظل الرأس..
تقرير كمال بدران
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات حتى الآن