زاكروس عربية – أربيل
أعادت المواجهات العشائرية التي شهدتها ذي قار وراح ضحيتها ضابط في القوات العراقية، تسليط الضوء على عجز الدولة عن ضبط السلاح المتفلت في يد أبناء العشائر التي يقف خلفها فصائل مسلحة وأحزاب نافذة، لا سيما في محافظات حيوية لأمن البلاد، مثل البصرة وذي قار.
وعلى إثر المواجهات تلك في ذي قار والتي استخدمت فيها الصواريخ المحمولة على الأكتاف وقذائف الهاون والقنابل، وامتدت إلى مناطق عدة في المحافظة، أبرزها مدينة الشطرة والغراف وضواحي الدوّاية، أطلقت القوات العراقية عملية أمنية بعد فرض السلطات العسكرية حظراً شاملاً للتجول منذ أول من أمس الأربعاء في تلك المناطق.
بناءً على توجيهات صدرت عن رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، وصلت أمس الخميس إلى ذي قار، قوة عسكرية كبيرة آتية من بغداد، بحجم ثلاثة أفواج عسكرية، لتنفذ عملية انتشار واسعة في محاولة لضبط الأوضاع هناك. فيما اعتبر ممثلو المحافظة في البرلمان العراقي، أن ذي قار تعيش وضعاً أمنياً مزرياً، بسبب امتلاك العشائر للسلاح الثقيل.
كذلك دعا نشاط من المحافظة الحكومة قبل تنفيذ العملية بـ"التحرك باتجاه قادة الأحزاب والفصائل المسلحة ومطالبتهم بالتبرؤ من المتورطين، كون أغلب المشاركين في المواجهات، يستقوون بمصدر آخر غير وجه العشيرة".
المواجهات تأتي في سياق طويل من الأحداث الأمنية وبعد نحو 3 أسابيع من مواجهات مماثلة وقعت في البصرة وميسان، واستعملت وحدات الجيش في إحداها وحدات مدرعة، للتمكن من الدخول إلى منطقة المواجهات، وفضّ النزاع الذي خلّف ضحايا بين الجانبين.
فيما لم تنجح جهود الحكومة خلال العامين الماضيين في حلّ معضلة الأزمات العشائرية المتكررة رغم تشكيل لجنة برئاسة مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي، وأخرى برئاسة وزير الداخلية عثمان الغانمي، لتحقيق الصلح العشائري بين المتنازعين، عدا عن دخول رجال دين بارزين على خط فضّ الكثير من تلك النزاعات.
فيما تعود أغلب أسباب تلك المواجهات إلى مشاكل اجتماعية ترتبط بقضايا الأراضي الزراعية وحصص المياه الخاصة بالسقي أو مشاكل مادية أو ثأر قديم، وهي الأسباب ذاتها من التراكمات القديمة تقف خلف النزاع الأخير بين قبيلتي بني زيد والعبودة، والتي سرعان ما تدخلت فيه أطراف من حلفاء للقبيلتين على خطّ المواجهات أيضاً.
وعلى الرغم من الحملة الأمنية التي أفضت إلى اعتقال العديد من المتورطين ومصادرة أسلحة مختلفة إلا أن المخاوف ما تزال قائمة من تجدد الاشتباكات بمجرد انسحاب الجيش من المنطقة، لوجود قتلى بين الطرفين". موضحين أن "السلاح الذي تركه تنظيم داعش خلفه في شمال وغرب العراق، بات يستخدم في الجنوب والوسط وبغداد، بعدما سمحت حكومة حيدر العبادي السابقة بنقل الكثير منه من مناطق الحرب إلى مناطق آمنة، وتحول إلى تجارة بيد مسلحي الفصائل أنفسهم".
وأكد مسؤولاً بارز في مدينة الناصرية، مركز محافظة ذي قار، لـ"العربي الجديد"، أن المتورطين في المواجهات الحالية والسابقة، أغلبهم يملكون غطاء لعملهم ضمن فصائل في "الحشد الشعبي" وبعض الأحزاب الرئيسية، وحتى كمنتسبين إلى أجهزة أمنية، مؤكداً أنهم "لم يحترموا وساطات وشفاعات شيوخ عشائرهم ووجهاء مناطقهم في التهدئة".
وتتفق المحللون والخبراء الأمنيين على أن الجهات الأمنية لا تستطيع إطلاق حملات عسكرية كبرى ضد السلاح المنفلت المغطى بالعرف والثوب العشائري والعائد أصلاً إلى الفصائل الولائية، لأن ذلك قد يدفع إلى مواجهة مسلحة كبيرة معها، لذلك دائماً يكون تحرك الحكومة خجولاً جداً ولحفظ ماء الوجه.
هذا ويؤكد خبراء أنه لغياب سلطة الدولة أو إشعار المواطن أن الدولة هي من تحميه وليس العشيرة أو الطائفة أو الفصيل، لا يمكن حصر السلاح بيد الدولة مع وجود ملايين قطع السلاح المنتشرة وسهولة الحصول عليها، وتوفر الغطاءات العشائرية والفصائلية وبالتالي باتا خطراً يهدد الحياة المدنية ككل، وأيضاً باباً من أبواب الابتزاز والقتل والتمرد وعرقلة المشاريع والاستثمار.
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات حتى الآن