زاكروس عربية - أربيل
على مدى الأيام الماضية وحتى اليوم تشن القوى السياسية والفصائل الولائية المرتبطان بإيران حملة انتقادات غير مسبوقة على المشروع الذي أقرته حكومتا العراق والأردن بصيغته النهائية، والمعروف بأنبوب نفط البصرة ــ العقبة، بعد معلومات عن قرب بدء فريق هندسي عراقي وضع المخططات الزمنية للمباشرة بالعمل على الأنبوب.
يهدف المشروع لتصدير مليون برميل من النفط العراقي الخام باتجاه ميناء العقبة الأردني على البحر الأحمر، في محاولة لتنويع العراق منافذ التصدير الحالية لديه، غير موانئ البصرة على مياه الخليج، والأنبوب العراقي الواصل إلى ميناء جيهان التركي.
التصعيد حتى الآن لم يشمل التلويح بالعسكرة رغم أنه سلوك متوقع من الفصائل الولائية التي تعتبر نفسها فوق الدولة مختبئة خلف "الحشد الشعبي" ومصالحه تارة وأخرى خلف مسمى "هيئة تنسيق المقاومة" حين يتطلب الموقف أن لا تكون في الواجهة.
سياسياً لوحت هذه القوى بالتوجه إلى المحكمة الاتحادية العليا، لإصدار أمر بوقف المشروع، من دون أن تورد وجه الاعتراض لديها، باستثناء اعتبار أن النفط العراقي قد يصل عبر هذا الأنبوب إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة (إسرائيل)، وأن الحكومة ليس من صلاحيتها المضي به، وهي حكومة تصريف أعمال، رغم أن المشروع أقر خلال فترة صلاحياتها الدستورية الكاملة العام الماضي.
وقال رئيس الوزراء الأسبق، والقيادي في تحالف "الإطار التنسيقي"، نوري المالكي، في بيان مساء الخميس الماضي، إن "قرار الحكومة، وهي حكومة تسيير أعمال ناقصة الصلاحية دستورياً، المضي بعقد مد أنبوب البصرة – العقبة النفطي يمثل تجاوزاً على الدستور. كما يعد مخالفة قانونية صريحة تستدعي من المحكمة الاتحادية إيقافه، وإيقاف كل القرارات والقوانين التي تصدر عن هذه الحكومة".
وأضاف: "نطالب الحكومة بالتريث، وعدم المضي في تنفيذ المشروع وترك الأمر للحكومة المقبلة. كما نوصي بضرورة التوازن في تصدير النفط، وألا يقتصر أغلبه على الجنوب أولاً. وثانياً نطالب بتبديد شبهة أن النفط العراقي سيصل إلى العقبة، ومنها إلى الكيان الصهيوني".
بيان المالكي يأتي في ظل تصعيد من منصات تابعة لفصائل مسلحة حليفة لطهران، وتصريحات قيادات أخرى رافضة للمشروع، بينها نواب عن تحالف "الإطار التنسيقي"، هاجموا اختيار البصرة لتصدير النفط مع وجود محافظات أخرى شمالية مثل كركوك، وآخرين، أبرزهم النائب يوسف الكلابي عن التحالف ذاته، وقد لوح بالتوجه الأسبوع المقبل إلى المحكمة الاتحادية لوقف إجراءات المشروع.
وفق تأكيدات خبراء وقانونيين وسياسيين عراقيين فأن المشروع مع الأردن أقر أول مرة في اتفاقية بين حكومة المالكي والجانب الأردني، في 9 نيسان 2013، في إطار مساعي العراق لخلق منافذ تصدير جديدة، إلا أن اجتياح تنظيم داعش لمساحات واسعة من غرب وشمال البلاد، بينها الأنبار الحدودية مع الأردن، تسبب بتعطيل المشروع، قبل أن تعاد الحياة له في العام 2017 إبان حكومة حيدر العبادي، الذي أعلن تشكيل لجنة من وزارة النفط لهذا الغرض.
في العام الماضي، أعلنت حكومة مصطفى الكاظمي، على هامش القمة الثلاثية التي جمعت العاهل الأردني عبد الله الثاني، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، تأكيدها المضي بالمشروع كأحد خطط الطاقة الاستراتيجية للعراق.
ويتضمن المشروع مد أنبوب بطول 1665 كيلومتراً، من حقول البصرة أقصى جنوبي العراق، إلى ميناء العقبة الأردني، وبطاقة تصدير أولية تبلغ مليون برميل يومياً. كما يمنح العراق الجانب الأردني حق شراء 150 ألف برميل يومياً بسعر مخفض عن الأسعار العالمية للنفط. وتقدر كلفة بناء الأنبوب بنحو 9 مليارات دولار، تقع أغلبها على الشركة التي ستقوم باستثماره.
وسيمكن المشروع العراق من رفع طاقته التصديرية إلى أكثر من 5 ملايين برميل يومياً، ما يعني أنه سيعود كأعلى الدول تصديراً للنفط بالشرق الأوسط، حيث يصدر حالياً 3.6 ملايين برميل، فيما ستشرف شركة سومو عليه، لصالح شركات وجهات وفقاً لعقود بيع، على غرار ما يجري بالبصرة حالياً، ما يدحض فرضية وصول النفط إلى إسرائيل.
الخبراء يؤكدون أن معارضة القوى الولائية للمشروع تأتي ليس لاعتبارات وطنية عراقية أو أسباب اقتصادية، بل تناغماً مع موقف إيران الرافض للمشروع بالكامل، لحسابات عند طهران، تتعلق بمنح العراق أفضلية في سوق الطاقة العالمي، وأيضاً في قضية تعزيز الشراكة بين العراق ومحيطه العربي.
في الاثناء لفتوا أن هناك بعض الأطراف تحاول القيام بعملية ابتزاز، لغرض الحصول على مساحات ومحطات استثمارية. إذ أن هناك أطراف دائماً تعترض على بعض المشاريع الاستثمارية، لكن عندما تحصل على عقود ثانوية، تتراجع عن التصعيد.
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات حتى الآن