زاكروس عربية – أربيل
بعد مضي أربعة أشهر على محاولاتها إعادة الاعتبار لحلفائها الذين تكبدوا خسائر غير مألوفة في الانتخابات التشريعية الأخيرة، فشلت إيران في إعادة تصديرهم للمشهد السياسي العراقي عبر محاولة للتوفيق بين القوى السياسية العربية الشيعية حيال أزمة تشكيل الحكومة.
رغم جمعها حلفائها في "الإطار التنسيقي" والتفاوض عنه عبر قائد الحرس الثوري تارة مع زعيم التيار الصدري وأخرى مع الرئيس مسعود بارزاني للضغط عليهما أو اقناعهما بالعدول عن قرار المضي نحو "حكومة أغلبية وطنية"، فلجأت إلى طرق أخرى ملتوية، فشهدت محافظة ميسان جنوبي العراق حملة اغتيالات لم يستبعد المراقبون أن تكون طهران محركاً لها في الظل، إلا أن الصدر تقيظ لها ووأد الفتنة في أرضها، فكانت المحاولة الأخرى لتأليب الشارع الكوردستاني والعراقي عبر الادعاء الكاذب بوجود مقرات إسرائيلية في أربيل وقامت بقصف مناطق مدنية بحتة، إلا أن حكومة وقيادة الإقليم فتحت هذه الأماكن التي تعرضت للقصف أمام الإعلام العالمي مشددة على الدعوى إلى تحقيق دولي بمشاركة إيران في تلك المزاعم الأقرب إلى الترهات.
في الأثناء مثّل الإعلان عن تشكيل تحالف سياسي عابر للهويات الفرعية في العراق هو الأول من نوعه في البلاد منذ عام 2005، وحمل اسم تحالف "إنقاذ وطن"، بعضوية "التيار الصدري"، وتحالف "السيادة"، والحزب الديمقراطي الكوردستاني، ضربة لجهود قيادات إيرانية بارزة استمرت نحو 4 أشهر للتوفيق بين القوى السياسية العربية الشيعية حيال أزمة تشكيل الحكومة. كما أغلق هذا التطور باب المفاوضات السياسية بين هذه القوى قبيل 48 ساعة فقط من موعد جلسة البرلمان المقررة لاختيار رئيس جديد للبلاد والمحددة ظهر غد السبت.
واجتهدت دوائر القرار في طهران خلال الأشهر الأخيرة، عبر إيفاد عدة مسؤولين إلى بغداد والنجف، لإيجاد "وساطة"، وأطلقت عدة مبادرات من خلال زعيم "فيلق القدس" إسماعيل قاآني، والسفير الإيراني السابق في بغداد حسن دنائي فر، إضافة إلى قيادات أخرى شاركت معها الشخصية الأبرز في "حزب الله" اللبناني داخل العراق محمد كوثراني، إلا أن الدور الإيراني لم يكن عادلاً وتحول خلال هذه الفترة من الوسيط إلى راعٍ لقوى الإطار التنسيقي وموجّه لتحركاتها.
لكن الرئيس بارزاني والصدر رفضا العدول عن مشروع "حكومة الأغلبية"، وكذلك رفض الصدر مشاركة تحالف "دولة القانون" بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي في الحكومة الجديدة، محمّلاً إياه مسؤولية التردي الأمني والاقتصادي والمشاكل التي انتهت باجتياح "داعش" العراق في منتصف عام 2014، خلال فترة تولي المالكي السلطة.
ولكون طهران وتحديداً الحرس الثوري هو المحرك للفصائل المسلحة في العراق، وفق تصريحات متطابقة في مناسبات مختلفة عن "حلفاء" إيران والدعم المقدم لها، فأن المحاولة الأخيرة تبدو الأكثر خطورة، إذ أن هناك مخاوف على الملف الأمني من قبل يوصفون بـ"المليشيات المنفلتة"، التي هددت بإعادة الانتشار في الأنبار، وأخرى تحدثت عما وصفته بـ"فواتير على السنّة تسديدها"، ضمن ردود فعل تلت إعلان التحالف الجديد.
وكان زعيم مليشيا "كتائب الإمام علي" شبل الزيدي المقرب من الإطار التنسيقي كونه من ضمن الحشد الذي يمثله تحالف الفتح ضمن الإطار، قد قال في بيان أخيراً، إن "السنّة اليوم كقيادة سياسية في وضع لا يحسدون عليه، وعليهم تحديد موقف واضح في بناء العراق، لأنه في النهاية هناك فواتير عليهم تسديدها"، واعتبر أن "الأكثرية البسيطة ستنتج حكومة معرضة للسقوط السريع والفشل".
هذا وأُعلن في العاصمة العراقية بغداد، أول من أمس الأربعاء، عن تأسيس تحالف برلماني واسع هو الأول من نوعه في البلاد منذ عام 2005، ويضم "التيار الصدري" بزعامة مقتدى الصدر، وتحالف "السيادة" بزعامة خميس الخنجر، والحزب "الديمقراطي الكوردستاني" بزعامة الرئيس مسعود البارزاني، وبمجموع مقاعد يصل إلى نحو 180 نائباً (من أصل 329) في البرلمان الجديد.
وأعلن هذا التحالف عن ترشيح السفير العراقي في لندن جعفر الصدر لمنصب رئاسة الحكومة المقبلة، وريبر أحمد لرئاسة الجمهورية في خطوة جديدة تؤكد إغلاق آخر أبواب التفاهم بين التحالف وقوى "الإطار التنسيقي" المدعومة من طهران.
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات حتى الآن