زاكروس عربية - أربيل
تواصل روسيا منذ فجر الخميس هجوما واسع النطاق على أوكرانيا يشمل ضربات جوية وتحركات على الأرض حتى في اتجاه العاصمة كييف، وفق السلطات الأوكرانية، وقد تسبّب حتى الآن بمقتل العشرات وفرار المئات.
وأثار الهجوم تنديدا واسعا في المجتمع الدولي، لا سيما بين الدول الغربية، ودعا كل من الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي الى اجتماعات طارئة.
وبعد يومين على اعترافه باستقلال منطقتين انفصاليتين أوكرانيتين في دونباس، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في تصريح مفاجئ للتلفزيون قبل الساعة السادسة صباحا (03,00 ت غ) في الكرملين "قرار شن عملية عسكرية خاصة"، مضيفاً: "سنبذل أقصى جهودنا لنزع السلاح وإزالة الطابع النازي لأوكرانيا".
وكان البرلمان الروسي أعطى موافقته الثلاثاء على عملية عسكرية روسية في أوكرانيا.
وقال بوتين: "لا نخطط لاحتلال أراض أوكرانية ولا ننوي فرض أي شيء بالقوة على أحد"، داعياً الجنود الأوكرانيين إلى "إلقاء أسلحتهم". وبرّر العملية بالاتهامات غير المدعومة بأدلة حول "إبادة" تنفذها أوكرانيا في الأراضي الانفصالية الموالية لروسيا في شرق البلاد، مشيرا الى طلب المساعدة الذي وجهه له الانفصاليون ليلا، والسياسة العدوانية التي يمارسها حلف الاطلسي بحق روسيا، بحسب رأيه، متهما الناتو باستخدام أوكرانيا أداة لها.
- "إزالة النازيين" -
وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف أن مدة العملية العسكرية في أوكرانيا "ستُحدد بناء على نتائجها وجدواها"، مضيفا "سيُحدّدها القائد الأعلى" للقوات المسلحة فلاديمير بوتين.
وقالت موسكو إن الهجوم يهدف الى إلغاء "النازيين" في أوكرانيا. ورفض بيسكوف الرد على سؤال عما إذا كان يعتبر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي "نازيا".
كذلك، ذكّر زيلينسكي من جهته بالحرب العالمية الثانية، مشبّها الغزو الروسي لأوكرانيا بالهجوم النازي في 1941 ضد أوكرانيا التي كانت في حينه جزءا من الاتحاد السوفياتي.
فور انتهاء كلمة بوتين، سُمعت سلسلة انفجارات في كييف وكراماتورسك، المدينة الواقعة في شرق البلاد التي تعد مقر قيادة للجيش الأوكراني، وفي خاركيف، ثاني مدينة في البلاد، وأوديسا على البحر الأسود. كما دوت انفجارات في لفيف، المدينة الواقعة في غرب أوكرانيا والتي نقلت اليها الولايات المتحدة وعدة دول أخرى سفاراتها، وفي ماريوبول، أبرز مرفأ في البلاد.
وفرض الرئيس الأوكراني الأحكام العرفية في كل أنحاء البلاد. وقال للأوكرانيين "لا داعي للهلع" مؤكدا "سننتصر". كما أعلن قطع العلاقات الدبلوماسية مع موسكو.
قرابة الساعة 10,00 ت غ، أعلن أحد مساعدي الرئيس الأوكراني مقتل أكثر من 40 جنديا أوكرانيّا وإصابة العشرات بجروح، ومقتل 10 مدنيين في الساعات الأولى من الغزو الروسي. بينما أعلنت السلطات المحلية في جنوب أوكرانيا مقتل 18 شخصا في "ضربات عسكرية". ولم يعرف ما إذا كانت الحصيلة الإجمالية تشمل هؤلاء.
قرابة الساعة 12,00 ت غ، بدا أن الهجوم يستهدف كييف. وأعلنت السلطات الأوكرانية أن القوات الروسية البرية دخلت مناطق في ضواحي العاصمة. وأشارت الى تحطم طائرة عسكرية أوكرانية في المنطقة مع 14 راكبا على متنها.
ومنذ قليل، أعلن الرئيس الأوكراني أن القوات الروسية سيطرت على مطار عسكري على مشارف كييف.
وأعلنت أوكرانيا إغلاق مجالها الجوي أمام الطيران المدني وإلغاء الرحلات الجوية من المطارات في المدن الكبرى في جنوب روسيا القريبة من أوكرانيا. كما أغلقت مولدافيا مجالها الجوي.
وأوقفت روسيا حركة الملاحة في بحر آزوف بين روسيا وأوكرانيا.
- "طلبت منه الرحيل" -
في مترو كييف، حاول عدد من الأشخاص الاحتماء أو مغادرة المدينة عبر القطار أو السيارات.
وقالت ماريا كاشكوسكا (29 عاما) وهي في حالة صدمة في المترو، لوكالة فرانس برس، "استيقظتُ ليلا على صوت القذائف، وضبت حقيبتي وهربت".
وخلال الليل، كانت سيارات تقلّ عائلات تتجه الى خارج المدينة، غربا أو الى الأرياف أبعد ما يكون عن الحدود الروسية الواقعة على بعد 400 كلم.
في شوغوييف قرب خاركيف، كانت امرأة وابنها يبكيان رجلا قتل بصاروخ، وقال الابن الذي كان الى جانب بقايا سيارة لادا قديمة وفجوة خلفتها قذيفة، "طلبت منه الرحيل".
وقالت إيلينا كوريلو (معلمة، 52 عاما)، "لم أتصوّر في حياتي أن هذا قد يحدث".
وأعلن رئيس بلدية كييف فيتالي كليتشكو الخميس فرض حظر تجوّل ليليًا في العاصمة الأوكرانية بهدف الحفاظ على "أمن" السكان.
وانتشر الجيش الأوكراني على كل الطرق في الشرق. وقال متحدث عسكري إن قصفا مدفعيا مكثفا واتصالات مقطوعة تشوب عمليات الإجلاء.
وأكد الجيش الروسي أنه يستهدف المواقع العسكرية الأوكرانية بواسطة "أسلحة عالية الدقة".
ولم يكن في الإمكان التحقق من مصدر مستقل من صحة المعلومات المعلنة من هذا الجانب وذاك.
فقد أعلن الجيش الأوكراني أنه قتل "قرابة خمسين محتلا روسيا"، بينما أكد متحدث باسم وزارة الدفاع الروسية أن قواتها تقدمت في شرق البلاد.
كما أعلن مستشار وزارة الداخلية الأوكرانية أنتون غيراشتشينكو أن معارك تدور قرب منشأة نووية في تشيرنوبيل التي دخلت إليها القوات الروسية من أراضي بيلاروس.
في شوارع موسكو، عبّر بعض المواطنين عن القلق.
وقال نيكيتا غروشين (34 عاما، مدير شركة) "لست مرتاحا بتاتا. أنا قلق جدا"، مضيفا أنه لا يعرف "من هو على خطأ ومن هو محقّ".
وقال إيفان (مهندس، 32 عاما) "لن أناقش أمرا من القائد الأعلى. إذا اعتبر أنه ضروري، فهذا يعني أنه يجب أن يحصل".
وتوعّدت السلطات الروسية الخميس بقمع كل تظاهرة "غير مرخّصة" تُنظّم في البلاد ضد الحرب في أوكرانيا. وحذّرت وزارة الخارجية الروسية والنيابة العامة الروس من المشاركة بها تحت طائلة التعرض للملاحقة.
- تنديد دولي -
وأثار قرار الرئيس الروسي الذي جاء بعد أشهر من التوتر والجهود الدبلوماسية الهادفة الى تجنب حرب، موجة من الإدانات الدولية.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش خلال جلسة طارئة لمجلس الأمن ليلا متوجها الى بوتين "باسم الإنسانية، أعيدوا قواتكم الى روسيا".
ودان الرئيس الأميركي جو بايدن "الهجوم غير المبرر" الذي سيسبب "معاناة وخسائر في الأرواح". ووعد بأن "يحاسب العالم روسيا".
واتصل الخميس بنظيره الأوكراني، واعدا بدعمه.
وتعهّد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في كلمة مسجّلة ألقاها من قصر الإليزيه أن بلاده وحلفاءها سيفرضون عقوبات على روسيا تكون "على مستوى الهجوم" وستستهدف موسكو على "المستويين العسكري والاقتصادي وكذلك في مجال الطاقة".
وأضاف الرئيس الذي كان يتحدث مع العلم الأوكراني في الخلفية إلى جانب العلمين الفرنسي والأوروبي، "لن نكون ضعفاء" في هذه القرارات التي ستُتخذ أثناء اجتماع لمجموعة السبع والمجلس الأوروبي مساء الخميس. واعتبر أن الرئيس الروسي "قرر الإقدام على أخطر انتهاك للسلام والاستقرار في أوروبا منذ عقود".
لكن روسيا توعّدت بردّ "قاس" على عقوبات الاتحاد الأوروبي.
ودان الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ "الهجوم المتهور وغير المبرر".
وأعلن أن الحلف سيعقد قمة عبر الفيديو الجمعة مخصّصة للهجوم الروسي، مشيرا الى أن الناتو فعّل "خططه الدفاعية" لنشر قوات إضافية في الدول الأعضاء.
وقال وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل من جهته إن "القادة الروس يجب أن يواجهوا عزلة غير مسبوقة".
وأعلنت الصين التي تقيم علاقات وثيقة مع موسكو أنها تتابع "الوضع عن كثب"، ودعت جميع الأطراف الى "ضبط النفس". ثم قال وزير الخارجية الصيني وانغ يي لنظيره الروسي سيرغي لافروف إن الصين "تتفهم مخاوف روسيا المنطقية على الصعيد الأمني".
- هلع في الأسواق -
ويأتي هذا الهجوم بعد ثماني سنوات من ضمّ روسيا لشبه جزيرة القرم، ودعمها لسيطرة انفصاليين على منطقتين في دونباس تسببت حينها بنزاع أوقع اكثر من 14 ألف قتيل.
ويخشى كثيرون أن يقود الهجوم الى حرب أوسع والى أخطر نزاع في أوروبا منذ 1945.
وقال المستشار الألماني أولاف شولتس الخميس إن الغزو الروسي لأوكرانيا "يعرّض حياة عدد لا يحصى من الأبرياء للخطر"، و"يهدد السلام" في أوروبا.
وحذّر بوتين الذين "سيحاولون التدخل" في النزاع، قائلا "يجب أن يعرفوا أن رد روسيا سيكون فوريا وسيجرّ عواقب لم تعرفوها بعد".
وأدى الهجوم الى هلع في أسواق النفط والمال العالمية.
فقد تجاوز سعر برميل النفط مئة دولار للمرة الأولى منذ أكثر من سبعة أعوام، وتراجعت بورصة موسكو بنسبة أكثر من 30 في المئة، وسجلت العملة الروسية (روبل) تراجعا تاريخيا مقابل الدولار قبل أن يتدخل البنك المركزي.
كما تراجعت البورصات العالمية الأخرى، وارتفع التداول بسعر القمح.
وحذرت مديرة صندوق النقد الدولي من "خطر اقتصادي كبير" للمنطقة والعالم.
ويرتقب ان تقدم الولايات المتحدة الخميس مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي يدين روسيا بسبب "حربها" في أوكرانيا.
المصدر: ا ف ب
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات حتى الآن