زاكروس عربية - أربيل
أكد زعيم تيار الحكمة، عمار الحكيم، اليوم السبت (5 شباط 2022)، أن السبيل الوحيد للتغيير والإصلاح والإستقرار هو التداول السلمي للسلطة والممارسة القانونية لها.
وقال الحكيم في كلمته بذكرى استشهاد، محمد باقر الحكيم، إن "الميدان الإجتماعي مفتوح ومتاح للمنافسة الشريفة، في المناهج والبرامج والمشاريع السياسية ويبقى الخيار لصاحب الحق الأول وهو الشعب، في إختيار ما يراه صالحاً".
وفيما يلي نص كلمة الحكيم
إن ساحتنا العراقية اليوم تمر بمنعطفات وتحولات كبيرة تستدعي منا جميعا الإنتباه والوعي المضاعف، لنتمكن معاً من تجاوز آثارها السلبية وحصاد إيجابيتها لصالح شعبنا.
أولا- إن أولى أولوياتنا التي يجب أن نحافظ عليها ونصونها ونعمل على تكريسها هي حرياتنا السياسية والإجتماعية والدينية والثقافية التي تحققت بفضل شهداء العراق الأبرار ، فلا يمكن القبول بالتراجع عن ذلك أبدا، والعودة الى الإستبداد او الإحتكار او التفرد تحت أي ظرف ومن أي طرف كان.
ونعني بذلك حرية التعبير والكلمة والموقف، وحرية الحركة والطرح والسلوك، وكل ما يجعل من بلادنا مناخاً آمنا للجميع، من دون مخاوف أو مخاطر أو محاذير الا ما إستثناه الدستور والقانون .
ثانيا : بعد مرور عقدين على التجربة الديمقراطية في العراق، يجب أن نؤمن بأن السبيل الوحيد للتغيير والإصلاح والإستقرار هو التداول السلمي للسلطة والممارسة القانونية لها، فالديمقراطية تضمن فرص المشاركة أو المعارضة أو الحياد الإيجابي وتبادل الأدوار والمواقع بمرونة وسلاسة وأمان.
ولذا فإن الإحتكام الى قواعد الديمقراطية يجب أن يكون منهجا ملزما للجميع، فلا يحق لطرف أن يلجأ الى المعارضة غير السلمية ولا يحق لطرف آخر أن يمارس سلطته لقمع الآخرين وتصفيتهم وتهميشهم، فالعراق أكبر منا جميعا ويستوعبنا جميعا ولا يختزل في أحد منا مهما كان.
فالميدان الإجتماعي مفتوح ومتاح للمنافسة الشريفة، في المناهج والبرامج والمشاريع السياسية ويبقى الخيار لصاحب الحق الأول وهو الشعب، في إختيار ما يراه صالحا.
وبهذا الصدد ندعو لأن يكون الدعم لأي مرشح في الحكومة القادمة خاضعاً للبرنامج الحكومي والأهلية الكاملة للمهام التنفيذية التي يمنحها المنصب لذلك المرشح..
فنريد رئيساً للجمهورية قادراً على إتخاذ القرارات والخطوات الدستورية بعيداً عن الضغوط الحزبية،ونريد رئيس حكومة يتحمل كامل مسؤوليته في إدارة الكابينة الوزارية وتنفيذ برنامجها الحكومي المقرّ وتحقيق النجاح بعيداً عن الضغوط والإنحيازات السياسية لهذا الطرف أو ذاك.
ونريد وزيراً ومسؤولاً حكومياً يمارس دوره القانوني في تنفيذ برامج مؤسسته وإختيار فريقه بعيداً عن الحسابات السياسية والمصالح الفئوية الضيقة.
نريد مسؤولاً وطنياً حراً.. لبلد ذي سيادة وقرار.. وحكومة خادمة وراعية.. ودولة مقتدرة وقوية..
ثالثا : العقلانية و سعة الرؤية : إن ساحتنا السياسية تنضج وتتقدم، رغم بطء العملية، وهي بحاجة الى دعامات إضافية، تعقلن الحراك السياسي وتمنحه سعة مضاعفة لإدارة الدولة ومؤسساتها .
إن العقلانية وسعة الرؤية تمنح الحكومات القدرة على إستيعاب جميع الطاقات والكفاءات الوطنية (الموالية والمعارضة) في خدمة الدولة وهي ذاتها تمنح المعارضة القدرة على إبداء الرأي والنقد البناء لمعالجة الإشكاليات بعيداً عن الشخصنة والإنفعال والمزاجيات.
نحن بأمس الحاجة الى التكامل في الأدوار السياسية بعيداً عن لغة الإتهامات وفرض القناعات والإستبداد بالآراء والمناهج، ولا ننسى أن الأهداف الكبرى تمنح أصحابها الحكمة وسعة الصدر والأفق بعيداً عن الإنغلاق والتفرد والعناد.
رابعا : إعادة ثقة الناس بالدولة : لنكن صريحين و واضحين مع أنفسنا، بأنَّ أبناء شعبنا الكريم قد سئموا من الخلافات والنزاعات الحزبية الضيقة، إنهم ينتظرون الأفعال لا الأقوال، والتغيير لا التدوير، وتحمل المسؤولية لا رميها والتنصل عنها، والحراك لا الجمود، وتحقيق الأماني لا تعليقها، والإستقرار والخدمة والعمران لا الإدعاءات والأعذار والتبريرات.
وهذا كله بحاجة الى أن تتحمل الحكومة القادمة كامل المسؤولية عن إدارتها للدولة، كما تتحمل المعارضة كامل المسؤولية عن الرقابة والمتابعة والنقد البنّاء لعمل الحكومة ومؤسساتها، بعيداً عن الصراع والشخصنة.. عسى أن تستعيد الدولة والقوى الفاعلة سياسيا علاقتها الطبيعية بأبناء الشعب.
ولنتذكر دوماً بأن ما يقارب الثلثين من ألناخبين لم يشاركوا في الإنتخابات الأخيرة
وهناك أغلبية صامتة تنتظر لترى المآلات والمتغيرات، لتحسم خياراتها بالسلب او الإيجاب.
وفي هذا السياق أدعو الحكومة الجديدة الى الإستماع الى كافة شرائح المجتمع وإتاحة الفرصة لها للمشاركة في كتابة البرنامج الحكومي، ليكون برنامجا شاملا ومقبولا من الجميع، وملبيا لطموحات أبناء شعبنا وهمومهم وأولوياتهم .
خامسا : العدالة : يجب ان تكون القرارات والإجراءات على مستوى الدولة والحكومة عادلةً ومثمرة، وأن يكون التوزيع العادل للثروات والفرص والإمكانيات شعار المرحلة القادمة.
وسأتحدثُ اليوم عن الأغلبية الإجتماعية والسكانية التي تشكو محافظاتها في الفرات الأوسط والجنوب
من الإهمال والتهميش والفقر ونقص الخدمات، بما لا يمكن قبوله في المرحلة القادمة.
إن الإستقرار النسبي القائم، يغلق الباب أمام العوائق والمجاملات والمجادلات السابقة.
فلنخلق النموذج الناجح في الفرات الأوسط والجنوب وننتشل واقعها المرير وننقذ بغداد والمحافظات الغربية والشمالية من الإهمال والفقر والتهميش.
نريد تخطيطاً وتمويلاً وتنفيذا عادلا لجميع المناطق وخاصة المحرومة والمهمشة مركزياً.
ويجب أن تأخذ البصرة وذي قار وميسان وواسط حقوقها النفطية والمالية الكاملة.
سادساً : ندعو الحكومة الجديدة الى تمكين الكفاءات الوطنية والمستقلة والشبابية في صفوفها، فشباب العراق الذي فسح المجال أمام الإنتخابات المبكرة ومكنّ البرلمان الحالي بتضحياته وإحتجاجاته، يستحق أن يكون له وجود ملموس في مؤسسات الدولة والمواقع العليا.
سابعاً : التحديات الإقتصادية الكبيرة التي نواجهها اليوم والمؤشرات التي تدل على إحتمالية تفاقمها في الأعوام المقبلة تتطلب إتخاذ إجراءات رادعة للحيلولة دون ذلك..
فالبنى التحتية بحاجة الى الإهتمام..
والمشاريع الإستراتيجية بحاجة الى الإنطلاق..
والزراعة والصناعة وآليات الإستثمار بحاجة الى التطوير والتفعيل.. والزيادة السكانية في نمو كبير.. ومعدلات البطالة بين الشباب في إزدياد خطير..
فما قيمة عملنا السياسي إذا لم ينتج حلولاً عمليةً و واقعية لمواجهة التحديات السياسية والإقتصادية التي تهدد بلدنا وشعبنا ومستقبل أجيالنا..
وما قيمة إجتماعاتنا ولقاءاتنا الدورية إن لم تكن ضمن رؤية موحدة وإرادة صلبة لترتيب الأولويات ومواجهة الأزمات.
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات حتى الآن