Erbil 11°C السبت 14 كانون الأول 13:49

تشرنوبيل 1986... رد روسي على رواية غربية

مرت السينما الروسية بجملة تحولات منذ اندلاع ثورة اكتوبر وسقوط الحكم القيصري عام 1917 وحتى 1990 عام انهيار الشيوعية
Zagros TV

زاكروس عربية - أربيل

مرت السينما الروسية بجملة تحولات منذ اندلاع ثورة اكتوبر وسقوط الحكم القيصري عام 1917 وحتى 1990 عام انهيار الشيوعية مما أثر على مراحل تطورها.

ولعل أكثر مرحلة مؤثرة في تاريخ السينما الروسية كانت الحقبة الشيوعية وسلطة الرقيب رغم ان ثورة اكتوبر 1917 اعتبرت السينما طاقة اجتماعية تربوية، وتعد الفترة التي تلت وفاة ستالين نقلة نوعية بسيطة في السينما الروسية حيث أعطيت للسينمائيين يداً حرة في اخراج وانتاج الافلام مع استمرار الرقابة.

وهذا ما دفع السينما في الغرب الى اقتناص مواضيع أنتجت على أساسها افلام موجهة للجمهور الغربي، افلام تنتقد الحقبة الاشتراكية وتصورها على أنها حقبة نشأت وتطورت على حساب دماء الضحايا.

وكانت للكارثة التي وقعت في تشرنوبيل عام 1986 النصيب الأكبر في جعبة الإنتاج الهوليوودي ، حيث أنتجت الكثير من مسلسلات وأفلام بعضها كان خيالياً لدرجة عندما يسمع المشاهد عن تشرنوبيل يتصور حشود الزومبي ومصاصي الدماء والمخلوقات الفضائية وهم يجوبون محيط منطقة المفاعل.  

في العام 2019  انتجت شركة إتش بي الأمريكية وشبكة سكاي البريطانية مسلسلاً غربياً بعنوان "تشرنوبل" وعرض لاول مرة في نفس العام ويضم مجموعة من الممثلين من فنانين اوربيين في المقام الأول منهم جاريد هاري، اميلي واتسون، بول ريتر، وعرض لأول مرة في الولايات المتحدة وبريطانيا في 6 و7 مايو من العام 2019.   

حرب سينمائية

المسلسل ولدى عرضه أثار حفيظة الرأي العام والصحافة في روسيا الذي رأى ان المسلسل يمثل فصلا جديدا من الحرب الباردة بين القطبين، وكأن صناعه أرادوا تشويه صورة روسيا بتذكير العالم بحادث نووي ألقيت مسؤوليته بالكامل على النظام السوفيتي وتصوير قادته وكأنهم مجموعة سفاحين معدومي الضمير وفي نفس الوقت هناك العشرات من الكوارث النووية حول العالم لا يتم إلقاء الضوء عليها ومنها على سبيل المثال كارثة محطة فوكوشيما اليابانية وحادثة توكايمورا النووية وتدمير مفاعل لوسنس في سويسرا وحادثة مفاعل منخفض الطاقة في "اس ال-1" في أمريكا عام 1961 وغيرها الكثير.  
       
وكذلك فإن جميع الأحداث الواردة في المسلسل كان مبالغ فيها أبرزها قصة التكتم على الحادث واسبابه مما تسبب في كارثة بيئية وصحية عالمية ذات أثر طويل أضرت بقارة أوروبا بالكامل نتيجة تسرب الإشعاع النووي لمساحات شاسعة تجاوزت حدود الاراضي السوفيتية، مما أثار انتقادات واسعة داخل الأوساط الفنية والسينمائية في روسيا.

رد روسي

نتيجة لما عرض في المسلسل البريطاني - الأمريكي "تشرنوبيل" طرحت شبكة "نتفلكس" العالمية هذا العام فيلم روسي بعنوان "تشرنوبيل 1986" قصة وسيناريو" اليكسي كازاكوف و ايلينا ايفانوفا" وبطولة وإخراج دانييلا كازلوفسكي وبمشاركة الممثلين "أوسكانا اكينيشا، فلييب أفديف،نيكولاي كوزاك وغيرهم".

الفيلم الروسي يأتي رداً على الرواية الغربية وهو - وبحسب الإعلام الروسي- ليس محاولة تبرئة النظام القديم فحسب بقدر ماهي تبرئة أمة بأكملها مما حصل وكذلك رد على جميع الأفلام الغربية التي أنتجت حول الحادثة على مدى سنوات. الفيلم يقدم قصة انسانية حول رجل مطافيء يدعي "اليكسي" فارق حبيبته منذ سنوات وعاد ليجدها أنجبت طفلاً، فيكتشف أن هذا الطفل هو ابنه، وخلال استعداده للتقاعد وبدء حياة جديدة مع ابنه ووالدته تقع كارثة تشرنوبيل التي يتضرر منها الأب والابن، يصاب الطفل الصغير بالإشعاع النووي ويصبح على شفا الاصابة بالسرطان بينما ينضم الاب لفرق الاطفاء التي واجهت الكارثة النووية وسقط منها عشرات الضحايا المصابين بالإشعاع النووي.

فوارق بين الروايتين

من خلال المشاهدة يتضح لنا مدى الفوارق بين الروايتين، الرواية الغربية في المسلسل حاولت التركيز على بشاعة الحادث من خلال مشاهد الجلود البشرية الذائبة والحروق المخيفة، ومشاهد الاهمال في المستشفيات ورمي الجثث واقتياد رجال الاطفاء نحو مصير مجهول وذلك بدفعهم لإخماد الحرائق وسط منطقة قلب المفاعل، واجتماعات قيادات الحزب الشيوعي التي تسعى لتكميم الأفواه وعدم الإدلاء بأي تصريحات لوسائل الاعلام المحلية والعالمية وتصوير الكارثة على أنها حادث عرضي بسيط يحدث في جميع المفاعلات النووية حول العالم وتضليل الرأي العام ولو على حساب الناس والأجيال القادمة.

أما الفيلم الروسي تشرنوبيل 1986 فقد كانت القصة انسانية بحتة. بطل الفيلم الحائر بين الواجب الوطني وابوته العائدة في ملامح طفل يصارع آثار الاشعاع النووي ونظام سوفيتي نزيه وشفاف مضحيا بقياداته في سبيل إنقاذ الوطن، كذلك اظهر الفيلم سرعة استجابة النظام للتعامل مع الكارثة وإجلاء سكان تشرنوبيل وتوفير الرعاية الطبية الكاملة لهم بل إرسال ضحايا الإشعاع للعلاج في سويسرا على نفقة الحكومة السوفيتية، ومشاهد القبض على مسؤولي المفاعل واتهامهم بالاضرار بالوطن ومحاكمتهم كذلك.

أيهما الأصح   

لا أحد يعلم تماماً أي الرواتين هي الاصح، وكأننا أمام حرب فنية بين قطبي العالم، أحدهما هاجم والآخر قرر الرد، ورغم مرور  أكثر من 35 عاما على الكارثة وما ترتب عليها من تبعات سياسية واجتماعية وصحية بعيدة الأمد يبقى السؤال الذي لم يستطع أحد الاجابة عليه هو "ما الذي حصل هناك بالفعل".

إعداد: راميار فارس أسعد

سينما

التعليقات (0)

لا توجد تعليقات حتى الآن

الرد كضيف

هل ترغب في تلقي إشعارات؟
ابق على اطلاع بآخر أخبارنا وأحداثنا.