Erbil 15°C السبت 20 نيسان 00:39

بُرهان شاوي..والحِداد يليق بالسيدة بغداد

وهي الجزء الثاني من روايته الأولى "مشرحة بغداد"، التي لاقت صدىً واسعًا لدى القراء في العراق والدول العربية
Zagros TV

زاكروس عربية - أربيل

على الرغم من وجود قيود قد يفرضها المجتمع والدين على الرواية، إلا أن الروائي بُرهان شاوي استطاع أن يكسر جميع تلك القيود ليخرج لنا بأدب روائي قل مثيله في عالم الرواية العربية.

يمتاز برهان شاوي بأسلوب استطاع من خلاله أن يكشف المحجوب ويعري المحرم ويميط اللثام عن الممنوع ويتعدى الخطوط والسواتر لينطلق نحو الآفاق بأسلوب قل مثيلة في عالم الرواية،  يكتب لنا مالم يتجرأ احد من قبل على كتابته في أي زمان ومكان، الذي يقرأ الأدب الروائي بمختلف مراحله ومدارسه وكتابه شيء وأن يقرأ أدب برهان شاوي شيء آخر.

وهذا ما يفسر منع رواياته في عدد من الدول العربية كالمغرب وتونس وبعض دول الخليج من التداول في المكتبات على الرغم من أن بعض الدول سمحت ببعض رواياته ولكن ليس جميعها.

منذ أيام صدرت عن "مقبرة الكتب" رواية جديدة للكاتب بعنوان "الحِداد يليق بالسيدة بغداد" وهي الجزء الثاني من روايته الأولى "مشرحة بغداد"، التي لاقت صدىً واسعًا لدى القراء في العراق والدول العربية.

محور الرواية هي "المأساة العراقية" بجميع فصولها وقصصها الحزينة، التي أبت إلّا أن تكون مأساة عابرة للتاريخ، حيث يبدأ بطل روايته السابقة آدم الحارس رحلته في رواية "الحِداد يليق بالسيدة بغداد" رحلته برفقة آدم الصغير، بعد هروب جميع الجثث من مشرحة بغداد، داخل نفق بغداد المظلم الذي يجمع قصص ومآسي العراقيين خلال فترات مظلمة من تاريخ العراق، فيقف عند كل قصة ليستمع الى صاحبها الذي هو الضحية أيضا في وطن  كان الإنسان فيه وما زال مجرد رقم.  

كان لزاكروس هذا الحوار القصير مع الكاتب الروائي برهان شاوي عن روايته الجديدة " الحِداد يليق بالسيدة بغداد":

لماذا الحداد فقط هو ما يليق بالسيدة بغداد؟

-لان هذه المدينة الأسطورية الخالدة لم تعرف غير الحزن منذ تأسيسها. حتى فرحها نادر.. مرّ عليها الطغاة.. والقتلة.. والمحتلون الأوغاد.. وحكمها الخونة.. والخرفان القساة.. وعانت من أشكال الاحتلال. وكما قال الرائع الخالد الشاعر مظفر النواب.. ليس هناك أرض سقيت بالدم والدموع كأرض بلادي ولا حزن كحزن الناس فيها. لذلك لا يلق بهذه المدينة الأسطورية سوى الحِداد.

بدأت رحلة آدم الحارس برفقة ادم الصغير تحديدا من دون جميع الاوادم والحواءات؟

-نعم، هذا صحيح.. ببساطة لأن آخر من غادر المشرحة في رواية "مشرحة بغداد" هما آدم الحارس وآدم الصغير. وهنا، من رحلتهما معا، تبدأ الرواية الجديدة.

اعتراف حواء اللاأحد خطير للغاية كيف ترى ذلك؟

-نعم حواء اللا أحد كشفت أقنعة المزيفين في المرحلة الجديدة المعاصرة، أما بقية الحواءات والأوادم، الذين يقابلهم آدم الحارس وآدم الصغير داخل النفق، هم شهود على استبداد النظام السابق قبل سقوطه واحتلال العراق.

نفقان، الأول ما قبل السقوط والآخر ما بعده، هل هناك نفق ثالث؟

-ربما.. لان العراق قد دخل نفقا مظلما ولن يخرج منه قريباً أبداً. هناك أنفاق أخرى.. فنفق النظام السابق قادنا الى أنفاق مظلمة جديدة.

لماذا يلجأ قلم برهان شاوي الى سرد قصص القتل والعنف والدم والاغتصاب في أعماله الروائية؟

-لقد توغلت عميقاً في الثالوث المحرم: الجنس والمقدس والعنف السياسي. وكلها مترابطة.. القمع الجنسي للجسد يقود إلى الاغتصاب والعنف. والعنف الذي يقود إلى إنهاء الخصم الذي يصد الرغبة. أما المقدس فيحاول قمع الجسد والرغبات فيه وتقنينها حسب الشريعة، لكن الجسد يتمرد بشكل عنيف. هي متلازمة ما بين الجنس والعنف والمقدس.

الرواية بالنسبة لي خطاب حضاري معرفي وتاريخي.. وهي شئنا أم أبينا شاهد تاريخي يضم كل الخطاب الاجتماعي بكل تفاصيله. أنا لا أكتب روايات مسلية لقضاء الوقت.     
 
الزومبي وقطيع الجرذان المدججة في الرواية، ما الرسالة التي اراد ايصالها برهان شاوي؟

-لا رسائل سياسية أو اجتماعية لدي. إنما أنا أروي ما أراه وأسمعه وأخبره من خلال تجاربي الشخصية. الزومبي وقطيع الجرذان المدججة هنا هما مجازان واستعارتان سرديتان، يمكن للمتلقي أن يفسرها وفق تقبله لهما. هاتان الاستعاتان: الزومبي والجرذان المدججة، ليستا لشيء غير حضورهما في تجسيد فضاء المشهد والسرد. أنا أكتب بطريقة سينمائية، وهاتان الاستعارتان تساعدان في خلق جو وفضاء الرواية.  

هل كتب على العراقيين أن يعيشوا في هكذا نفق، نفق مشرحة بغداد؟

-تاريخ الحضارات العراقية هو تاريخ الحزن وتاريخ الدم والعنف. تاريخ الإلغاءات التاريخية. العنف تغلغل في جينات الشخصية العراقية، والميل لإلغاء الآخر، الآخر المختلف فكريا، ومذهبيا، وقوميا، وسياسيا، ودينيا. ليس هناك تراكم وتطوير ومواصلة وأنما هناك التحطيم والإلغاء والهيمنة.

السومريون ألغوا بدايات التشكل البشري في حضارة تل العبيد، ثم جاء الأكاديون فألغوا وحطموا وهدموا حواضر الحضارة السومرية. أخذوا منها ما يساعدهم على البقاء، أخذوا الدين، لتأثيره على الناس في ذلك الزمان، إلى أن جاء الاشوريون والبابليون، ليحطموا الحضارة الأكادية.

ومع كل اعتزازنا بحضارات العراق القديمة، لكن السؤال: أين هي وأين شواهد هذه الحضارات  مقارنة بحضارة مصر الفرعونية، أو حضارة المايا ؟


هي حضارات طينية تتهشم تحت قعقعة الأسلحة وجزمات المحتل. تاريخنا نفق مظلم. لذا تبدأ رواية "الحداد يليق بالسيدة بغداد" بدخول آدم الحارس وآدم الصغير إلى نفق مظلم. نفق العراق الطويل الطويل.

هناك اشارة في الرواية عن مشهد هجوم الجرذان على شارع المتنبي، كيف تفسر لنا هذا المشهد؟

-أنا أكتب الأشياء كواقع موجود، لا أكتب على طريقة (إياك أعني واسمعي ياجارة). مشهد هجوم الجرذان الهائلة على شارع المتنبي وقضم الأقفال والكتب، وحرق الكتب هو هكذا، ربما يحتمل أكثر من تفسير لكني لا أفسر ولا أقول شيئًا غير ما كتبت، لا أعني شيئا آخر غير النص المكتوب. أنا أكتب المشهد الذي من خلال مكوناته يؤثر على المتلقي ويدفع به إلى التفسير والتأويل.

هل للقراء ان يتوقعوا جزءاً ثالثاً للمشرحة؟

-ربما.. لم أقرر بعد.. لكن هناك احتمال أن يكون هناك جزء ثالث يروي ما جرى مع آدم الحارس وآدم الصغير بعد تشتت انتفاضة تشرين حيث انتهت الرواية الحالية.  

حوار: رامي فارس أسعد

الأدب

التعليقات (0)

لا توجد تعليقات حتى الآن

الرد كضيف

هل ترغب في تلقي إشعارات؟
ابق على اطلاع بآخر أخبارنا وأحداثنا.