زاكروس عربية – أربيل
شدد نيجيرفان بارزاني رئيس إقليم كوردستان، على حاجة كوردستان لبناء أسس وطيدة للتعليم والتربية، وأنهما العماد الرئيس لكل مجتمع ناجح، مؤكداً على استمرار دعم التعليم العالي وتحسين قطاع التربية.
جاء ذلك في كلمة له خلال مراسم حفل تخرج طلاب الجامعة الأميركية - كوردستان في محافظة دهوك، الأحد (20 حزيران 2021) بحضور رئيس حكومة كوردستان، مسرور بارزاني، ونائبه قوباد طالباني والقنصل الأميركي في الإقليم، إلى جانب عدد مشهود من الأكاديميين والأساتذة والمسؤولين وعوائل وأقارب الخريجين.
واستهل رئيس الإقليم كلمته التي خصص قسماً كبيراً منها لمخاطبة الطلاب المتخرجين الذين وصفهم " قادة المستقبل"، وشدد على أهمية أن يأخذوا أدوراهم في عملية بناء وتطوير كوردستان من كافة النواحي ، ويساهموا في رفع مستوى التعليم إلى أرقى الدرجات من خلال الاستفادة من الخبرات العلمية والحياتية المتراكمة عبر الأجيال والاستفادة من التكنلوجيا وتطييعها لخدمة هذا الارتقاء المنشود.
كما أشار إلى أهمية مساهمتهم في العثور على حلول مناسبة في المجالات التي تحتاجها كوردستان، بحيث يكون سبباً لتقدمنا ورفاهيتنا نحن وعوائلنا وأقاربنا وشعبنا في كوردستان، ودعاهم إلى عدم الاستكانة أو الاستسلام حتى بلوغ مستويات أرقى في العلم والبناء "مؤكداً أن الشخص والمجتمع والشعب والأمة التي لا تستسلم، هي التي تبلغ الهدف".
في قسم أخر من الكلمة تحدث رئيس الإقليم عن الوضع السياسي في إقليم كوردستان والعراق، وشدد على وجوب الرد على ممارسات حزب العمال الكوردستاني من فرض نفسه وتواجده غير الشرعي في إقليم كوردستان، بـ "موقف وطني مشترك يصبّ في مصلحة إقليم كوردستان وحفظ المواطنين وممتلكاتهم فيها، وإبعاد الحرب عن أرض عنه".
كنا طالب بموقف وخطاب كوردستاني موحد مع العمال الكوردستاني بغية إفهام الأخير أن "هذه الحرب لا طائل منها، وعلى حزب العمال الكوردستاني إبعادها عن شعب إقليم كوردستان، واحترام سيادة أرض العراق والسلطة الشرعية والقانون في إقليم كوردستان".
وفيما يلي النص الكامل لكلمة رئيس إقليم كوردستان ، نيجيرفان بارزاني، في مراسم تخريج طلاب الجامعة الأميركية – كوردستان:
أيها الحضور الكرام
أيها الخريجون والطلبة الأعزاء
عوائل الطلبة والأساتذة الكرام
طاب مساءكم وأهلاً بكم جميعاً…
يسرني كثيراً بعد مرور سنة صعبة علينا جميعاً، أن نجتمع من جديد في مناسبة سارة ومهمة. هكذا هي الحياة، تحمل في ثناياها الأفراح والأتراح، والذي يهم هو أن نتطلع دائماً بأمل ونخطو بثقة نحو المستقبل. صحيح أن كورونا سلب منا الكثير من الأعزاء وتسبب في خلق أوضاع سيئة بكل العالم، لكننا اليوم مجتمعون هنا لنشارك في فرحة وسعادة نجاح كوكبة أخرى من طلبة كوردستان الأعزاء.
أتقدم بأحر التهاني والتبريكات للطلبة الأعزاء بتخرجهم ولوالديهم وعوائلهم والأساتذة الكرام وكادر الجامعة الأمريكية في كوردستان. هذا النجاح هو ثمرة جهود وكد وتعاون وتعاضد الجميع معاً. الكل يستحق أن يفرح بالنجاح ويستحق التهنئة والتبريكات والاعتزاز. إن تخرج دفعة جديدة وإكمالها الدراسة، دليل على الرؤية الصائبة التي قامت عليها الجامعة منذ يومها الاول.
أهنئ وأبارك رئيس الوزراء السيد مسرور بارزاني، رئيس مجلس أمناء الجامعة، السيد الدكتور راندال رودس، رئيس الجامعة والسيدة الدكتورة رانيا مجيد رئيسة مجلس إدارة الجامعة الأمريكية في كوردستان على تخريج دفعة أخرى من الطلبة وأعمالهم وجهودهم في سبيل إنجاح الجامعة. أرجو لهم النجاح.
أيها الطلبة الأحباء…
اردت البدء بالقول :ليزول عنكم التعب ولكن أحسنتم إذ بذلتم هذا الجهد وتعبتم. فقد أصبح تعبكم سبب تفوقكم في الدراسة. وها أنتم اليوم تقطفون ثمار تعبكم بنيل الشهادة الجامعية. الشهادة التي تنالونها اليوم لا تعني نهاية السعي والكد، بل هي وثيقة انتقالكم من مرحلة الدراسة والتعلم والتفكير إلى مرحلة العمل وتطبيق العلوم والتكنولوجيا والفكر والتدبر، من أجل العثور على حلول مناسبة لكل عقبة حياتية تواجهكم.
وأود القول: إن هذا لا يكفي! فعليكم من اليوم فصاعداً أن تستغلوا كل ما تعلمتموه في الجامعة في تحديد مصاعبكم ومشاكلكم أنتم ومواطنيكم ووطنكم. وابحثوا جيداً، واستقصوا عن قدراتكم للعثور على حلول لأي من المشاكل التقنية، الصحية، الاقتصادية، الاجتماعية، الزراعية، المالية، وفي مجال المرور، المناخ، أو أي مجال آخر يحتاج إلى تدقيق وتمحيص وإبداع وخبرة.
اجعلوا من هذا مهنتكم الجديدة، وأخبروا الجيل الذي سبقوكم بكل ثقة وبصورة عملية: نحن نستخدم الشهادة والعلم والتكنولوجيا للعثور على حلول مناسبة في المجالات التي تحتاجها كوردستان .
كل واحد منا يستخدم خبراته ومهاراته في مجاله الخاص، بحيث يكون سبباً لتقدمنا ورفاهيتنا نحن وعوائلنا وأقاربنا وشعبنا في كوردستان. عندما كنت في مثل عمركم، كان الألم والفواجع والأنفال والقتل والتدمير هماً يومياً نعاني منه. عندما كان والدي في مثل عمركم، كانت الثورة للدفاع عن كوردستان المحور الرئيس لكفاح ذلك الجيل.
وعندما كان جدي في مثل عمركم، كان جيله في مرحلة التغيير الناجمة عن انهيار الامبراطورية العثمانية وبناء الدول الحديثة في الشرق الأوسط، وكان منهمكاً في النضال والثورة الثقافية والسياسية الحديثة. أما اليوم، فإنكم وإيانا جميعاً ننعم في ظل تضحيات ونضال وكفاح أجيالنا السابقة بالعيش في حرية، ندرس ونخطط لمستقبلنا نحن ومجتمعنا وشعبنا.
وعند الأخذ بهذا الماضي البعيد والقريب واستذكاره، لن ننسى مسؤوليتنا نحن وأنتم في الجيل الحالي وجيل المستقبل. إن نضالكم وكفاحكم وتعبكم، سيمضي بنا نحو مرحلة جديدة من الحياة، نحو تحديث المجتمع، نحو نهضة مدنية وحضارية جديدة، نحو حوار عصري بعيد عن نقر بنيتنا الاجتماعية. نحو تعميق ثقافة التعايش والتلاحم والتسامح في كوردستان.
أدعوكم لتضعوا علومكم وتقنیتكم وفكركم في خدمة شعبكم. في ظل ظروف حياتنا الحالية تستطيعون أن تصبحوا مفتاح العثور على حلول عصرية للمشاكل القديمة والجديدة لمواطني إقليم كوردستان.
وحّدوا إمكانياتكم المشتركة، وافتحوا عيونكم، وحددوا مشكلة أو عقبة واعملوا معاً جنباً إلى جنب مع زملائكم في الدراسة واعثروا على آخرين من خارج حدود الجامعة ليعاونوكم. فكروا بعمق. لتكن افكاركم وحلولكم بلا حدود .
اليوم، ينال ۱۱٨ طالباً وطالبة منكم شهاداتهم الدراسية. ولو أن كل واحد منكم تعاون مع أربعة أشخاص آخرين على العثور على حل في أي مجال كان، سيكون هناك أكثر من ٥٥۰ شخص يعملون معاً. يوفرون فرص عمل لبعضهم البعض. وربما أصبحت نسبة يعتد بها من هذا التعاون سبباً في إنشاء أعمال وشركات جديدة في كوردستان. وستحركون سوق العمل. اتخذوا من هذا الأسلوب في التفكير، والعمل، التعاون والحل، منهاجاً للعمل وخريطة لعهدنا الجديد.
خذوا مثلاً، أحدكم يزور مستشفى أو أي مكان آخر. يلمس فيه بعض النواقص. فعوضاً عن التذمر والانزعاج، أنظر أين تكمن المشكلة الأساس التي تسبب في هذا النقص؟ حدده بأسلوب علمي. اسأل نفسك: كيف يمكن حل هذه المشكلة؟ هل أستطيع أنا ان أحلها؟
مَن مِن زملائي السابقين في الدراسة وزملائي الحاليين في العمل يستطيع أن يشترك معي في صياغة وتطبيق هذا الحل؟ من الذي حاول، في مجالات أخرى في الخبرة والاختصاص، أن يحل مشكلة من هذا النوع؟
ان التكنولوجيا المتاحة لكم والتي في جيوبكم وعلى مكاتبكم قد تخطت كل الحدود، فاستخدموها أمثل استخدام. ابذلوا كل ما بإمكانكم حتى تتوصلوا إلى النتائج والأهداف المناسبة. لا يأخذكم الاستحياء، اسألوا غيركم واستشيروهم وتعلموا.
جربوا حلاً بل عشرات ومئات الحلول، حتى تتوصلوا إلى نتيجة. إن لم يكن اليوم فغداً أو بعد غد أو بعد أيام. إن علقتم وبلغتم طريقاً مسدوداً، أو شعرتم بالإحباط، فكروا في توماس أديسون! جرب أديسون ستة آلاف من المواد حتى اخترع المصباح الكهربائي في الأخير وأنار العالم.
وبينما كان يعمل ذلك، قال: لم أفشل قط! بل عثرت على عشرة آلاف طريقة فاشلة! وقال أديسون أيضاً: واحد بالمائة من العبقرية عبارة عن الإلهام، وتسعة وتسعون بالمائة عبارة عن بذل الجهد والتعب.
لا تستسلموا. أرهقوا أنفسكم. امسحوا العرق عن جباهكم وابدأوا من جديد. الشخص والمجتمع والشعب والأمة التي لا تستسلم، هي التي تبلغ الهدف. الصبر، والكد والعمل المستمر يمنحون الحياة طعماً من نوع خاص! إن أنقذتم حياة شخص، أو حسنتموها وزدتموها رفاهية، ستعلمون قصة الجيل الذي سبقكم إلى مستوى أرقى، وسيكون بانتظاركم مستقبل أكثر إشراقاً. سترقون بالتعليم العالي ليضحى أرقى، عندها ستصبحون مصدر الهام للجيل الذي يليكم.
أيها الحضور الكرام…
التعليم والتربية هما العماد الرئيس لكل مجتمع ناجح. المجتمعات والشعوب والدول المتفوقة، هي التي تحضى بتعليم وتربية وتنشئة رفيعة المستوى. نحن في إقليم كوردستان أحوج أكثر من أي شيء آخر إلى أساس وطيد للتعليم والتربية والتنشئة وإلى مستوى عال لهذا القطاع.
سيستمر دعمنا للتعليم العالي ولتحسين قطاع التربية بصورة عامة. نبارك للحكومة والجهات المعنية ورئيس الوزراء السيد مسرور بارزاني، ونساند جهودهم وخطواتهم باتجاه تطوير مجال الدراسة والبحث العلميين.
يسعدنا أن نرى قادة المستقبل يتم إعدادهم في الجامعة، ويمارسون دوراً مؤثراً في كل المجالات. الذين يكملون اليوم دراستهم ويتخرجون هنا وفي بقية جامعات كوردستان بمستوى التعليم والتنشئة العالية هذه، هم قادة المستقبل. مستقبلُ البلد في أيديهم.
لدينا رغبة وإرادة جادتان لتطوير وبناء كوردستان قوي. هذه الإرادة هي التي دفعتنا رغم كل الصعاب والأخطار، إلى إنشاء هذه الجامعة في اثناء هجمات الداعش الارهابية. وهذا دليل على وجود إرادة قوية.
يسرني أن الجامعة، إلى جانب اهتمامها بكل هذه المجالات العلمية الضرورية لحاضر ومستقبل كوردستان، تهتم بالعلوم الإنسانية وبالبيئة أيضاً. من المهم جداً أن تُعدّ الجامعة خريجيها، حسب احتياجات البلد والسوق والعمل والتنمية في كل المجالات، وتفكر على أساسٍ مخططٍ له في سد احتياجات البلد الحالية والمستقبلية.
أيها الحضور الكرام…
أريد أن أنتهز هذه الفرصة للحديث عن أوضاع العراق وإقليم كوردستان بصورة عامة. فكوردستان والعراق يمران بأزمة حالياً، لكن وجود خارطة طريق واضحة إلى جانب إرادة جادة، هما الضمان لحل هذه المشكلة وسيكونان مُعيناً ومعاوناً ومساعداً على تحقيق الأمان والاستقرار في كل المنطقة.
فمن خلال الاعتبار من أخطاء الماضي، والتخلي عن منطق القوي والضعيف الذي لم يعد صالحاً، وبانتهاج رؤية جديدة في ضوء الدستور والأسس والمبادئ التي قام عليها العراق الجديد، يستطيع العراق أن يسلك الطريق القويم، ومن خلال هذه الرؤية تستطيع بغداد وأربيل التوصل معاً إلى تفاهم نهائي ينهي الشد والجذب بينهما.
ولإنجاح هذه العملية، علينا في داخل كوردستان، أن نعزز وحدة الصف والتكاتف والتعاون، وهذا هو الضمان لحماية مكاسبنا وحقوقنا الدستورية. وحتى مشكلة فرض الذات وتواجد (بي كا كا) غير المشروع في إقليم كوردستان، يجب الرد عليها من خلال موقف كوردستاني مشترك، حريص على مصالح إقليم كوردستان وحماية أرواح وممتلكات مواطنيه وإبعاد الحرب عن إقليمنا.
علينا أن نقول لـ(بي كا كا) بصوت واحد وبموقف موحد: توقف عن النظر بازدراء لارادة شعب إقليم كوردستان والمؤسسات الشرعية ومصالح وأرواح وممتلكات شعب كوردستان، وابعد هذه الحرب التي لا طائل منها عن شعب كوردستان. احترم سيادة العراق وإقليم كوردستان والسلطة الشرعية في كوردستان والتزاماتها القانونية. كف عن التسبب في الاجتياح العسكري وإلحاق الضرر وخلق مشاكل إضافية لشعب كوردستان الذي يعاني أصلاً من مجموعة مشاكل.
لا يجوز أن تكون أرض إقليم كوردستان والعراق وحدوده بأي شكل من الأشكال مصدراً للتهديد أو أن تستخدم لمهاجمة الدول المجاورة وزعزعة أمنها واستقرارها. وعلى الحكومة الاتحادية العراقية أن تؤدي واجبها في حماية أمن واستقرار دول الجوار.
وفي الختام أكرر تهاني للخريجين، وآمل النجاح لكم جميعاً، وارحب بشكل خاص بسعادة السفير الامريكي في بغداد الذي شرفنا وجاء من بغداد للمشاركة في هذه المراسم واهلا بهم، واشكركم جميعا لمشاركتكم.
وأهنئ مرة ثانية الاعزاء الذين ينالون شهادات التخرج ارجو لهم النجاح في كافة مناحي الحياة وان يكون الله معينهم، ومرحبا بكم جميعا ودمتم.
لتكونوا بخير.
شكراً…
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات حتى الآن