Erbil 15°C الأحد 12 أيار 20:37

العبادي يطرح "مبادرة" لا تكفل محاسبة "متورطين" من الفصائل المسلحة والكاظمي لا يتلفت إليها

مع استمرار سيادة أجواء من التوتر السياسي والأمني في بغداد

زاكروس عربية – أربيل

لا مؤشرات على ردم الهوة التي انتجتها استعراضات الفصائل الولائية بعد عملية اعتقال قائد عمليات الحشد الشعبي في الأنبار، قاسم مصلح، مع استمرار سيادة أجواء من التوتر السياسي والأمني في بغداد للأسبوع الثاني على التوالي، على الرغم من وجود وساطات ومحاولات للتقريب بين الطرفين المتمثلين برئيس الوزراء الاتحادي مصطفى الكاظمي والحشد الشعبي.

  • تعطيل

رئيس الوزراء الاتحادي مصطفى الكاظمي الذي سبق وأبدى "قدرة" الدولة على "المواجهة" مع الفصائل المسلحة الولائية، أظهر مزيداً من الرغبة في التهدئة و"يشدد على ضرورة الاحتواء وعدم إراقة الدماء" وفق تصريح وزير الدفاع العراقي جمعة عناد، وهو ما يفسر التسريبات التي تحدثت عن "تعطيل" الحكومة مذكرات قبض بحق "متورطين بقضايا فساد، بعضهم مرتبط بـالحشد".

ووفقا لما نقلته "العربي الجديد" عن مسؤول ‹رفيع› اشترط عدم ذكر اسمه، فإن "الحكومة تريثت بتنفيذ مذكرات قبض بحق شخصيات مرتبطة بالحشد أو محسوبة عليه، بينهم نواب ومسؤولون سابقون تحاشيا لأي تصعيد آخر مع المعسكر المناوئ داخل الحشد الشعبي"، موضحا أن "مذكرة القبض تشمل عددا من المسؤولين والنواب وبعضهم من تحالف الفتح (الجناح السياسي للحشد الشعبي)، كما أن من بينهم قيادات في فصائل الحشد، متورطة بقضايا فساد كبيرة".

 وخلال أيار المنصرم شهد العراق ثلاث محاولات لاعتقال شخصيات من ضمن الفصائل الولائية مختلفة مستوى المسؤولية في الحشد الشعبي على خلفية اتهامات قضائية لهم بالمسؤولية عن اغتيال ناشطين وملفات أخرى تندرج ضمن المادة 4 إرهاب، رغم أن اثنين منهم لم تفضي إلى اعتقال المطلوب / كل المطلوبين إلا أن القوات الأمنية نجحت في اعتقال مسؤول عمليات الحشد في الأنبار ، قاسم مصلح، ، المتهم بالمسؤولية عن اغتيال الناشط إيهاب الوزني، وكذلك استهداف منشآت أمنية حساسة.

الحدث الأخير كان السبب المباشر للأزمة التي شهدتها بغداد بإغلاق المنطقة الخضراء بالكامل بسبب تهديدات فصائل موالية لإيران، التي انتشرت لاحقا على مداخل المنطقة الخضراء،  وطوق بعضها مؤسسات رسمية للدولة ما أثار مخاوف من تفاقم الوضع.

في المقابل انتشرت قوات مكافحة الإرهاب داخل المنطقة الخضراء، فيما انتشر الجيش العراقي في مناطق أخرى في العاصمة وقطع بعض الطرقات.

  • "مبادرة" أم دعاية انتخابية؟

في هذه الأجواء أطلق زعيم "تحالف النصر"، ورئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، مبادرة قال إنها  للحوار بين رئيس الحكومة و"الحشد الشعبي" للتوصل إلى تفاهمات، اعترفت المبادرة ضمناً أن الحشد قوة "تحتاج إلى المأسسة" ويجب أن يتم "تقنين عملها" على أن تكون "قوة قتالية ملتزمة بأنظمة الدولة وسياقاتها"، بالإضافة إلى "رفض زجه بمعارك داخلية، أو تسخيره لصالح أجندات إقليمية، ولا يجوز تعريض وجوده للخطر بزجه بصراع الاستراتيجيات الإقليمية الدولية، وتحميله فاتورة صراع المصالح داخلياً وإقليمياً ودولياً"، في إشارة واضحة إلى إيران.

العبادي الذي كان عراب "قانون الحشد الشعبي" الذي صوت عليه مجلس النواب نهاية العام 2016  والذي كانت الغاية منه إضفاء "صيغة شرعية وقانونية" على وضع الحشد ، والذي نص على أن "قوات الحشد ستكون قوة رديفة إلى جانب القوات المسلحة العراقية"، وذلك على الرغم من إظهار تقارير لعدد من المنظمات "انتهاكات" للحشد موثقة  "تدمير عناصرها عمدا مئات الأبنية المدنية وإعدام مدنيين وتعذيب آخرين، فضلا عن نهب منازل وتدمير دور للعبادة"، إلى جانب تحذير قوى سياسية عراقية من تبعات إقراره "منها تشتت الإدارة السليمة، مما يضعف في النتيجة دور الجيش كمؤسسة تحظى باحترام وتقدير العراقيين جميعا".

المبادرة التي لم تشير إلى إمكانية محاسبة عناصر الحشد "المتورطين منهم" في قضايا فساد أو اغتيالات وتجاوزات أخرى للقانون، عبر عدم تحميله فاتورة  وكأن بها تطلب من الحكمة العفو عما مضى من "جرائم" وفتح صفحة جديدة مع الحشد عبر رفض " تحميله فاتورة صراع المصالح داخلياً وإقليمياً ودولياً" في غمز من قناة رواية الحشد  التي تعتبر محاولة محاكمة أو اعتقال عناصره وقياداته المتورطين منهم  في هكذا قضايا "استعداء ضد مؤسسة الحشد” وأنه " استهداف سياسي" و" تشهير غير مسبوق” وفق تصريحات زعيم مليشيا عصائب أهل الحق قيس الخزعلي في معرض تعليقه على اعتقال قاسم مصلح.

ولا يعرف على وجه الدقة إذا كانت غاية العبادي من هذه "المبادرة" حفظ ماء وجه "المتورطين" أم تحقيق دعاية انتخابية مبكرة، أو أنه أدرك في "صحوة متأخرة" أن من عبّد الطريق لسيطرتهم على مقدرات الدولة يصيرونها اليوم وفق مصالحهم.

في الوقت هذا لم يعلق الكاظمي أو أي من قادة الحشد على هذه "المبادرة".

  • "صعوبة كبيرة"

ووفقاً لمرصد "أفاد"، المعني بالقضايا الحقوقية في العراق في إحصائية سابقة، فقد تجاوز العدد الكلي لضحايا التظاهرات منذ الأول من أكتوبر/تشرين الأول عام 2019 ولغاية نهاية ديسمبر/كانون الأول 2020، عتبة الـ 762 متظاهراً. كما تم تسجيل إصابة نحو 27 ألف متظاهر، منهم نحو 900 سترافقهم إعاقات دائمة وتشوهات ومشاكل صحية مدى الحياة. فيما لم تصدر السلطات العراقية المختصة أي حصيلة لعدد ضحايا القمع حتى تاريخ اليوم.

وتشير العديد من التقارير إلى "تورط" مليشيات مسلحة في عمليات قتل المتظاهرين، مثل مجزرتي مول النخيل والسنك والخلاني في بغداد، وقنص المتظاهرين في ساحة التحرير، ومجزرة الحبوبي في الناصرية، ومثلها في كربلاء والنجف والبصرة.

فيما  قال المسؤول في مكتب الكاظمي إن الحكومة تواجه ما وصفها بـ"صعوبة كبيرة في التحقيق مع أعضاء بفصائل مسلحة متورطين بتلك الجرائم، والملف تحول إلى سياسي أمني".

وأشار في السياق إلى أن عملية اعتقال القيادي في الحشد الشعبي قاسم مصلح "دليل على صعوبة التحقيق" مع أفراد يتبعون فصائل مسلحة. مؤكداً "لذلك سيتركز التحقيق حالياً على قوى الأمن الداخلي، مع وجود استثناءات لمن تكون هناك أدلة قطعية عليه من تلك القوى".

وكانت لجنة تقصي الحقائق المعنية بملف الكشف عن قتلة المتظاهرين أعلنت، في 28 مايو/أيار الماضي، استدعاء 112 ضابطاً ومنتسباً للتحقيق معهم بشأن أحداث تظاهرات أكتوبر 2019.

العراق

التعليقات (0)

لا توجد تعليقات حتى الآن

الرد كضيف

هل ترغب في تلقي إشعارات؟
ابق على اطلاع بآخر أخبارنا وأحداثنا.