زاكروس عربية- أربيل
لم تعلن الحكومة العراقية إلى ساعة إعداد هذا التقرير، من بعد منتصف ليل الجمعة (1 كانون الثاني 2021)، إذا ما تمكن فريقها التقني المختص من معالجة اللغم البحري الذي اكتشف الخميس أسفل سفينة لشحن النفط قبالة الموانئ العراقية، وسط تناقض في المعلومات المصرحة بها من جهة الحكومة الاتحادية وتلك الصادرة عن هيئة العمليات التجارية البحرية البريطانية.
اللغم تم اكتشافه عن طريق الصدفة أثناء قيام بحارة كانوا يشاركون في نقل زيت الوقود من ناقلة نفط عراقية في الخليج إلى سفينة "أم تي بولا"، وهي ناقلة ترفع العلم الليبيري ومملوكة لشركة شحن متداولة في الولايات المتحدة.
- تناقضات
جاء الإعلان عن الحادثة بداية من قبل هيئة العمليات التجارية البحرية البريطانية، وهي منظمة تابعة للبحرية الملكية البريطانية، التي حددت موقع الحادث "بالقرب من ميناء خور الزبير العراقي".
إلا أن الحكومة الاتحادية متمثلة بخلية الإعلام الأمني في العراق أشارت في بيان الجمعة إلى أن "اكتشاف اللغم حصل في منطقة انتظار السفن بالمياه الدولية على بعد 28 ميلا بحريا عن الموانئ العراقية".
هذا التناقض يخشى أن لا يكون وليد الصدفة أو خطأ في التقدير، لا سيما مع نفي مديرية شرطة البصرة وجود مخطط لنسف ميناء أم قصر بباخرة مفخخة "على غرار تفجير ميناء بيروت اللبناني"، بحسب البيان.
وقالت المديرية في بيان لها إن "بعض صفحات التواصل الاجتماعي تداولت خبرا مزيفا" بهذا الشأن، مبينة أن "الخبر مزور وعار عن الصحة".
جاء هذا النفي بعد أن عجت مواقع التواصل الاجتماعي بـ أحاديث حول "مخطط لاستهداف ميناء أم القصر".
- تطابق
الصور التي وردت من موقع الحادث والتي أظهرت "الجسم المريب" أوضحت أنه لغم بحري ألصق أو التصق بعبارة النفط، سرعان ما تلقفها الباحثون والمختصون في الشؤون العسكرية، وذهب خبراء غربيون في مجال الدفاع والغواصات إلى ربط بين اللغم المكتشف في الناقلة قبالة السواحل العراقية وبين تلك الألغام التي يصنعها الحرس الثوري الإيراني، ويستخدمها الحوثيون.
وغرد الكاتب والمحلل المتخصص في الغواصات والأنظمة تحت السطحية، اتش أي ستون بأن نموذج اللغم المكتشف يتطابق بشدة مع ذلك المنتج من قبل الحرس الثوري والذي يستخدمه الحوثيون.
فيما ذهب صحفيون ومغردون عراقيون إلى مقارنة بين صور لألغام بحرية سبق وأن عرضتها وزارة الدفاع الإيرانية في استعراض لقوتها البحرية، وبين تلك المكتشفة على متن الناقلة العراقية، وأكدوا أن الصور "أظهرت تطابقا تاما بين اللغمين".
- الهدف
تعزز شكوك المتهمين بأن الجهة التي تقف خلف زراعة هذا اللغم كائناً من كانت، عمدت إلى استهداف الصناعة النفطية في العراق على أقل تقدير، إذ أن أي تفجير لهكذا لغم لو وقع في داخل ميناء فأنه سيخلف أضراراً ليس أقله وقف تصدير النفط من الميناء عاماً كاملاً.
في السياق يؤكد الخبير الأمني أعياد الطوفان أن "من الواضح أن الهدف لم يكن تفجير السفينة قبالة السواحل العراقية، بل أن تنفجر داخل الميناء العراقي لإحداث أكبر ضرر ممكن بصناعة النفط العراقية".
ويضيف الطوفان في حديث لـ "الحرة" أن "عملا من هذا النوع من شأنه أن يعطل تصدير النفط العراقي من موانئ البصرة لأكثر من عام".
فيما لم تصدر أي تصريحات رسمية من قبل وزارة النفط العراقية أو الحكومة العراقية توضح ملابسات الحادث، كما لم تصدر الشركتان "أمبري إنتليجنس" و"درياد غلوبال" الخبريتين في القضايا العالمية وإدارة مخاطر الأمن البحري، أي نتائج لتحقيق قالتا إنهما تجريانه.
فيما قالت متحدثة باسم قائد القوات البحرية الأميركية إن الأسطول الخامس للبحرية، الذي يقوم بدوريات في الشرق الأوسط، "يراقب الحادث".
- النفط العراقي "بات مهدداً"
على خلفية تعاقد الحكومة العراقية مع شركة "دايو" الكورية الجنوبية لإنجاز مشروع ميناء الفاو، تصاعد الخلاف بين الحكومة والفصائل الولائية التي أبدت رغبة شديدة في أن تتولى شركات صينية المشروع.
أمس الخميس وصف زعيم فصيل "عصائب أهل الحق" قيس الخزعلي الاتفاقية التي وقعتها الحكومة العراقية مع شركة ‹دايو› بأنها "جريمة كبرى"، وهدد بالعمل "بكل قوة" لوقفها.
الأمر الذي ذهب بالمحللين إلى الإشارة إلى أن حادث الناقلة ليس إلا رسالة للحكومة العراقية مفادها أن النفط العراقي "بات مهدداً".
ويقول الخبير الأمني أحمد الشريفي لـ "الحرة" إن "حادثة اللغم هي رسالة واضحة تتعلق بالميناء والصرع الدائر اليوم بشأنه"، ويضيف أن هناك "رسالة أكبر تحاول طهران والقوى الموالية لها إيصالها للحكومة العراقية مفادها أن النفط العراقي بات مهدداً".
ويرجح الشريفي أن تشهد الأيام القادمة تصعيداً خطيراً "من شأنه أن يشكل تحديا جديا للحكومة العراقية، فإما تذعن للضغوط والابتزازات حتى تحصل التهدئة، أو ترفض كل ذلك وتستعد للمواجهة، وربما يكون هناك استهداف جديد للموانئ، وهذه المرة سيكون أكثر خطورة".
تأتي هذه الحادثة وسط تصعيد الخطاب بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران مع اقتراب الذكرى السنوية الأولى لاغتيال القائد السابق لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، قرب مطار بغداد في الثالث من يناير/ كانون الثاني الماضي.
وبعد الحادثة دعت الشركات الأمنية العالمية مثل "درياد غلوبال" جميع ناقلات النفط والعبارات العاملة في المياه الخليجية إلى توخي الحذر الشديد واتباع أعلى درجات الأمن .
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات حتى الآن