زاكروس عربية - أربيل
انطلقت أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تعقد في الفضاء الافتراضي وافتتحها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بالدعوة إلى "وقف إطلاق نار عالمي" و"تجنب حرب باردة جديدة"، فيما تبعه دونالد ترامب ليشن هجوماً حاداً على الصين.
وقال الرئيس الأميركي مخاطبا الأمم المتحدة في رسالة مسجلة عبر الفيديو في البيت الأبيض إنه يجب "محاسبة الصين على أفعالها"، مشيراً إلى أزمة كوفيد-19، فيما توشك الولايات المتحدة على تجاوز عتبة 200 ألف وفاة بالوباء.
واتهم ترامب بكين بالسماح لفيروس كورونا الذي كرر وصفه بأنه "فيروس صيني"، "بالخروج من الصين وإصابة كل العالم" موضحا "مع بدء انتشار الفيروس، حظّرت الصين الرحلات الجوية الداخلية فيما سمحت للطائرات بمغادرة البلاد".
وأضاف أن "الحكومة الصينية ومنظمة الصحة العالمية، التي تسيطر عليها الصين تقريبًا، أعلنتا خطأً أنه لا يوجد دليل على انتقال الفيروس بين البشر"، ليبرر انسحاب الولايات المتحدة من هذه الوكالة الأممية.
- انقسام كبير - وعد الملياردير الجمهوري الذي وجهت اليه الانتقادات بسبب إدارته للجائحة التي يبدو أنها تعوق فرص إعادة انتخابه في 3 تشرين الثاني/نوفمبر، "بتوزيع لقاح" و"القضاء على الفيروس" و"إنهاء الوباء" لدخول "حقبة جديدة لم يسبق لها مثيل من الازدهار والتعاون والسلام".
وأشاد بنفسه بصفته "صانع السلام"، بعد أسبوع من التوقيع في البيت الأبيض على اتفاقي سلام بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة والبحرين.
وواصل ترامب هجومه على الصين على الصعيدين البيئي والتجاري. فيما من المقرر أن يوجه الرئيس الصيني شي جينبينغ كلمته في تسجيل بالفيديو أيضا.
ولكن بدون انتظار، حذر غوتيريش من "شق كبير" بين "أكبر قوتين اقتصاديتين" في العالم، وقال "لن يتحمل عالمنا مستقبلا يقسم فيه أكبر اقتصادين الكوكب إلى نصفين، لكل منه قواعده التجارية والمالية وشبكة الإنترنت وقدراته في مجال الذكاء الاصطناعي".
وقال أمام قاعة الجمعية العامة شبه الخالية في نيويورك إنه في مواجهة وباء كوفيد-19، يحتاج العالم إلى "وقف إطلاق نار عالمي لوضع حد للصراعات ’الساخنة’ عبر القيام بكل ما يمكن لتجنب حرب باردة جديدة".
وحذّر من أن "هذا مسار خطير جدا" منددا بالمنافسة الصينية الأميركية المتصاعدة.
- مبنى شبه خال - بدءا من الثلاثاء ومدى أسبوع، سيتحدث ممثلو 193 دولة خلال الاجتماع الذي ينعقد في الافتراضي هذا العام بسبب الوباء. وللمرة الأولى لم تشاهد في وسط مانهاتن مواكب السيارات وغابت التكهنات بشأن احتمال انعقاد اجتماعات استثنائية على الهامش.
وبدلا من ذلك طُلب من قادة الدول إرسال خطاباتهم المسجلة مسبقا ليتم بثها في القاعة الفسيحة حيث سمح بحضور مسؤول دبلوماسي واحد نيابة عن كل وفد، مع إلزامه بوضع كمامة.
وكرر غوتيريش الدعوة لوقف الاعمال الحربية بهدف تسهيل مكافحة الوباء. وقال "حان الوقت لإعطاء دفع جديد للسلام والمصالحة. أدعو المجتمع الدولي إلى مضاعفة جهوده، تحت قيادة مجلس الأمن، من أجل تحقيق وقف عالمي لإطلاق النار بحلول نهاية العام".
ولم يجد غوتيريش تجاوباً كبيراً على أرض الواقع في دعواته السابقة.
ومن بين التطورات الإيجابية، اشار الأمين العام للأمم المتحدة الى السودان وسلطته الجديدة وأفغانستان مع بدء مفاوضات السلام بين كابول وحركة طالبان وسوريا حيث يسري وقف لإطلاق النار منذ أشهر عدة في منطقة إدلب (شمال غرب).
من جانبه، قال الرئيس البرازيلي جاير بولسونارو في كلمته إن بلاده كانت "ضحية واحدة من أكثر حملات التضليل وحشية في منطقة الأمازون وبانتانال"، حيث تشتعل الحرائق حاليا.
وقال إن "الكل يعرف أن منطقة الأمازون البرازيلية غنية جدًا. وهذا يفسر دعم المؤسسات الدولية لهذه الحملة المشكوك في من يقف وراءها بمساعدة جمعيات برازيلية متربحة وغير وطنية بهدف إلحاق الضرر بالبرازيل".
تجتذب القمة في السنوات العادية قرابة 10 آلاف شخص من أنحاء العالم، وهو أمر لا يمكن التفكير به في وقت فُرضت قيود صارمة على السفر للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد الذي أودى بقرابة 950 ألف شخص في العالم.
وفي انعدام فرصة عقد لقاءات ومحادثات مباشرة، يتساءل بعض الدبلوماسيين في الامم المتحدة عما يمكن إنجازه.
ومع ذلك تمضي الأمم المتحدة قدما في تنظيم اجتماعات تتناول مواضيع معينة، افتراضية أيضا، على هامش القمة لمناقشة قضايا رئيسية مثل وباء كوفيد-19 والتغير المناخي والتنوع البيئي والاضطرابات السياسية في كل من ليبيا ولبنان.
والفرص ضئيلة أيضا لمواقف دراماتيكية للقادة في خطابتهم. وحرصا منها على تجنب حدوث أي أخطاء فنية، طلبت الأمم المتحدة من قادة الدول إرسال خطاباتهم مسجلة بالفيديو قبل أربعة أيام، ما يعني غياب أي عفوية أو تفاعل مع تطورات ممكنة في اللحظة الأخيرة.
- تجاهل أميركي - افتتحت الأمم المتحدة أسبوعها الدبلوماسي الإثنين بالاحتفال بمرور 75 عاما على تأسيسها، في قمة افتراضية دعا خلالها الأمين العام للمنظمة أنطونيو غوتيريش شخصيا إلى مزيد من التعددية الدولية.
وفي مؤشر الى مواقفه من ذلك، لم يوجه ترامب كلمة، وجاءت الكلمة الأميركية على لسان نائب المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة الذي قال إن "الوقت حان لطرح أسئلة بخصوص مكامن قوة وضعف الهيئة".
وحتى السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة لم تكن موجودة إذ توجهت بدلا من ذلك إلى واشنطن حيث تم الإعلان عن "عقوبات أممية" ضد إيران، طالب ترامب جميع الدول بتطبيقها.
وتقول الولايات المتحدة إنها تطبق حظرا دوليا على الأسلحة شارفت مدته على الانتهاء، لكن أيا من الدول في الواقع لا يعتقد أن لدى واشنطن السلطة لفرض عقوبات دولية، في وقت تركز القوى الأوروبية على إنقاذ اتفاق نووي مع إيران تم التوصل إليه خلال عهد الرئيس السابق باراك أوباما.
ويأتي الموقف الأميركي المتشدد قبيل الانتخابات الرئاسية وبعد سنة على جهود باءت بالفشل للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في نيويورك للترتيب للقاء أو حتى اتصال هاتفي بين ترامب ونظيره الإيراني حسن روحاني لتخفيف التوتر.
وماكرون الذي ألقى كلمة مسجلة بتقنية الفيديو في الذكرى الـ75 لتأسيس الأمم المتحدة، دعا إلى دور أكبر للهيئة الدولية في إيجاد حلول لمشكلات عالمية.
وقال "في وقت يغذي الوباء الخوف من الانحدار، والرواية بشأن العجز الجماعي، أريد أن أقول أمراً بوضوح تام: في مواجهة حال الطوارئ الصحية والتحدي المناخي وتراجع الحقوق، يتوجب علينا، الآن وهنا، التحرك".
من ناحيتها، حذرت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل من أن الأمم المتحدة "أجبرت في كثير من الأحيان على التخلف عن مُثلها في وقت حالت مصالح الأفراد، مرة بعد مرة، دون أن يعمل هذا النظام كما كان مقصودا له".
وتابعت "لكن يخطئ الذين يعتقدون أن بإمكانهم تدبير أمرهم بشكل أفضل بمفردهم. رفاهنا شيء يمكننا تشاركه، ومعاناتنا أيضا. نحن عالم واحد".
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات حتى الآن