زاكروس عربية - أربيل
وقع مجلس سوريا الديمقراطية وحزب الإرادة الشعبية مذكرة تفاهم، اليوم الاثنين (31 آب 2020) في موسكو، شددت على "اللامركزية التي تضمن ممارسة الشعب لسلطته المباشرة في المناطق وتحقق الاكتفاء الذاتي والتوزيع العادل للثروات والتنمية في عموم البلاد، والمركزية في الشؤون الأساسية (الخارجية، الدفاع، الاقتصاد)".
- شكل الدولة والمواقف
اللافت في المذكرة أنها لم تتطرق إلى الموقف من "النظام السوري" بشكل واضح، كما لم تحدد شكلاً واضحاً للدولة ودمجت بين المركزية واللامركزية، وقالت المذكرة إن الاتفاق جاء "بناء على لقاءات ثنائية جرت مؤخراً، وكذلك بناءً على تقاطعات فكرية وعملية سابقة، قد توصلا إلى التفاهم على نقاط أساسية".
كما أكدت المذكرة على وحدة سوريا " أرضاً وشعباً. وهي دولة ديمقراطية تحقق المواطنة المتساوية والعدالة الاجتماعية"، وعلى أن "الحل السياسي هو المخرج الوحيد من الأزمة السورية" والذي يكمن في تنفيذ قرار مجلس الأمن 2254 كاملاً، كـ "أداة لإنفاذ حق الشعب السوري في استعادة السيادة السورية غير المنقوصة".
شددت المذكرة الموقعة بين الطرفين برعاية روسية مباشرة على أن تكون سوريا الجديدة "دولة المواطنة المتساوية ... تؤكد على التنوع المجتمعي السوري، والالتزام بإيجاد حل ديمقراطي عادل للقضية الكردية في سوريا وفق العهود والمواثيق الدولية والإقرار الدستوري بحقوقهم، وبالحقوق القومية للسريان الأشوريين وجميع المكونات السورية ضمن وحدة سوريا وسيادتها الإقليمية".
من جانبه تحدث عضو اللجنة السياسية لحزب يكيتي الكوردستاني – سوريا، مروان عيدي، لزاكروس عربية، أنه "بالنظر إلى بنود مذكرة التفاهم الموقعة بين مجلس سوريا الديمقراطية وحزب الإرادة الشعبية لا نجد فيها شيئاً غريباً على منظومة براغماتية تتحاور مع عدة أطراف في آن واحد".
مضيفاً أنه على الرغم من ورود بعض النقاط الإيجابية كحل القضية الكردية وفق العهود والمواثيق الدولية واعتماد مخرجات جنيف والقرار ٢٢٥٤ للحل السياسي في سوريا، إلا أنها تأتي في إطار الضغط الذي تمارسه حزب الاتحاد الديمقراطي على المجلس الوطني الكوردي وخاصةً أن المفاوضات بين الطرفين قد وصلت إلى مرحلة تتطلب من هذه المنظومة فك ارتباطها بحزب العمال الكوردستاني لاستكمال الاتفاقية والاعلان عنها، وبالتالي تأمين غطاء سياسي يضمن لها الانضمام إلى الهيئة العامة للمفاوضات، وبالتالي اللجنة الدستورية، وكذلك ترسل إشارات إلى الأطراف الرئيسية الفاعلة في المنطقة بتعدد خياراتها والتنقل من منصة إلى أخرى حسب ما ترتئيها مصالحها دون التركيز على المصلحة القومية العليا للشعب الكوردي".
- الجيش السوري و"الاحتلالات"
جاءت المذكرة في الوقت الذي تتحالف فيه قوات سوريا الديمقراطية التابعة لـ ‹مسد› مع الولايات المتحدة لتؤكد المذكرة على "اخراج جميع القوات الأجنبية من البلاد"، ما يمكن اعتباره تنافضاً في سياسية مجلس سوريا الديمقراطية وأنه مغازلة لدمشق، كما أن المذكرة والإشارات التي تضمنتها ربما تشير إلى خطاب جديد يتحدث عن "قوات أجنبية" و"ضرورة إخراجها" من سوريا.
كذلك ذهبت المذكرة إلى اعتبار "الإدارة الذاتية ضرورة موضوعية وحاجة مجتمعية"، ودعت إلى الاستفادة من تجربتها "كشكل من أشكال سلطة الشعب في المناطق، ينبغي تطويره على المستوى الوطني العام، وفي إطار التوافق بين السوريين".
من جانب آخر نوهت المذكرة إلى حيادية الجيش السوري بصفته "المؤسسة الوطنية العامة التي ينحصر بها حمل السلاح ولا تتدخل بالسياسة"، على أن تكون قوات سورية الديمقراطية "منخرطة ضمن هذه المؤسسة على أساس صيغ وآليات يتم التوافق عليها".
كما أكدت المذكرة على "العمل على إنهاء كل العقوبات وكافة أشكال الحصار المفروضة على الشعب السوري وتسييس المساعدات الإنسانية، وإنهاء كل الاحتلالات وكل أشكال التدخل الخارجي وحواملها المختلفة، وصولاً إلى خروج كافة القوات الأجنبية من الأرض السورية".
وذهب الباحث في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، بدر ملا رشيد ، في تصريح خاض لزاكروس عربية ليسلط الضوء على المذكرة، مشيراً إلى أنها تأتي ضمن سياق حركية سياسية متزايدة في شمال شرق سوريا، منها استمرار الحوارات الكوردية – الكوردية ، وفي سياق محاولات كل الأطراف "زيادة حلفائهم المحليين والوطنيين"، وأن ذلك "يدل على رغبة الأطراف المحلية وحتى داعميها من الدول بإيجاد منصات وتحالفات أوسع تهدف للتفاعل مع المشهد السياسي والحوكمي في المنطقة بصورة تعطي تمثيلاً أوسع سواءً للتوجهات الشعبية أو للحراك السياسي".
وأضاف الباحث فيما يخص مذكرة التفاهم هذه "فهي تأتي ضمن هذا الإطار بالإضافة لكونه حلقة مستمرة ضمن محاولات ‹مسد› الوصول للمنصات السورية المعترف بها دولياً وبالأخص هيئة التفاوض وحالياً اللجنة الدستورية، ويجمع الطرفين وفق بيانهم "تقاطعات فكرية وعملية سابقة"، كما أنهما يمثلان تياراً يُسمى ‹بالطرف الثالث› أو الحيادية تجاه الثورة والنظام في سوريا".
نوه الباحث أن "ما يميز مذكرة التفاهم بين الطرفين هو تأكيدها على الاتخاذ من القرار 2254 وبيان جنيف آلية للحل في سوريا، معتبراً مجلس سوريا الديمقراطية أحد اطراف المعارضة السورية، وعلى رغم من إن ‹حركة المجتمع الديمقراطي› كانت قد وقعت وثيقة تفاهم مع تيار الغد عام 2016 والتي انهارت لاحقاً، إلا أن المذكرة الموقعة اليوم تمثل أول توقيع يحصل بين أحد المؤسسات المنشأة من قبل حزب الاتحاد الديمقراطي PYD ومنظمة أخرى تمتلك تمثيلاً ضمن هيئة التفاوض واللجنة الدستورية".
وأشار الباحث ملا رشيد إلى أن الوثيقة "تشمل اعترافاً سياسياً بالإدارة الذاتية من قبل حزب الإرادة الشعبية، وهو أول اعترافٍ سياسي تأخذ من خارج قائمة المنظمات المتحالفة معها ضمن هياكلها السياسية في المنطقة، ويبدو من مجمل بنود المذكرة التي تساند رؤى ‹ مسد› أن حزب الإرادة الشعبية يبحث عن سند سياسي يسيطر على منطقة جغرافية واسعة من سوريا، ويمتلك اذرعاً حوكمية متكاملة".
- ورقة كوردية و"تأخر" روسي
الكثير من الأسئلة بقية مشرعة على أبوابها بعد مذكرة التفاهم هذه، سواء عن شكل العلاقة بين طرفي المذكرة وهل ستكون جسراً لـ ‹مسد› إلى هيئة التفاوض والحصول على شكل من الاعتراف الدبلوماسي به.
فيما ذهب الكاتب والباحث في الشأن الكوردي، شفان إبراهيم، في حديث مع زاركوس عربية إلى أن هذه "هي المرة الثانية التي تشعر فيها روسيا بتأخرها في إدارة الملف الكوردي في سوريا، الأولى حين اجتاح تنظيم داعش كوباني وكيف استقطبت الولايات المتحدة وحدات حماية الشعب لتكون شريكا لها على الأرض، ما حدى بروسيا إلى محاولة استجرار الورقة الكوردية عبر حزب الاتحاد الديمقراطي وفتح ممثلية للإدارة الذاتية في موسكو، لكن دون صلاحيات أو اعتراف روسي رسمي بهذه الإدارة".
مضيفاً أنه "اليوم الصورة متغيرة على الأرض مع الحوارات الكوردية الكوردية برعاية أميركية وعقد نفط بين قسد وشركة أميركية ومحاولات إيجاد إدارة مشتركة لمنطق شرق الفرات من كافة مكوناتها الاثنية والقومية، لكن المذكرة لا تتضمن اعترافاً صريحاً بالإدارة الذاتية وتبقى إشكالية ضم قسد إلى الجيش السوري ملفاً عالقاً مع شروط سابقة لقسد بهيكلية وميزانية خاصة ضمن الجيش، وأن تكون في مناطقها حصراً وهو ما رفضه النظام أصلاً".
مشدداً أنه " ثمة تسابق على الملف الكوردي، يقابله غرور كوردي واعتقاد بإنهم المركز والمحور في أي تسوية، وهم لم يتوصلوا حتى الآن إلى توافق بيني، لا يمكن لا لمسد ولا أي طرف كوردي آخر أن يتلاعب بالدول المحركة للملف السوري، فالسياقات التي تمضي بها العملية السياسية أو العسكرية الأمنية أو الاقتصادية في سوريا، خاضعة لموقفين مختلفين في النظر للحل في سوريا، ويشهد صراع على مسارات الحل السياسي".
كما تجدر الإشارة إلى "أنها المرة الثانية التي تحاول روسيا جر قسد إلى حلفها، لكن أعتقد أن الجانب الأميركي سيكون له موقف آخر ولن يقبل بفك الارتباط أو العلاقة مع قسد، ومن جانب آخر لم توضح المذكرة إذا كانت الإدارة الذاتية ستنفتح بشكل أوسع مع حليفها الجديد أو ستنضم إلى منصة موسكو وبالتالي إلى هيئة التفاوض"، وفق الكاتب ذاته.
أشار الكاتب أيضاً أن "الاتفاق جاء في توقيت متزامن مع إعلان موقف أميركي إلى جانب تركيا ضد أي هجوم على إدلب أو عموم غرب الفرات، وربما يكون هناك سياق روسي جديد ومؤقت ضد مواقف وسياقات وتحالفات إقليمية دولية، ويتم التضحية مجدداً بالورقة الكوردية، لذلك لابديل عن اتفاق الكوردي على حوار وحلول شاملة، يدفعهم للدخول ضمن منصة واحدة، وهذه الحلول يجب أن تكون كاملة" .
يذكر أن وفدا من مجلس سوريا الديمقراطي ‹مسد› يضم رئيسة الهيئة التنفيذية إلهام أحمد ونائبها حكمت الحبيب، ورئيس الاتحاد السرياني سنحريب برصوم، إضافة إلى سيهانوك ديبو عضو في ‹مسد› ، قدم إلى روسيا لتوقيع مذكرة تفاهم مع حزب الإرادة الشعبية تتعلق بالحل السياسي في سوريا.
جدير ذكره أن حزب الإرادة الشعبية كان ضمن ما عرف سابقاً بمنصة موسكو للمعارضة السورية، ومثلت لاحقاً بضغط من روسيا ورغبة دولية في توسيع أطراف المعارضة السورية ومنصاتها ضمن هيئة التفاوض السورية، إلا أن الحزب والمنصة ما يزالان يعرفان في أوساط واسعة على أنها "معارضة مقربة" من الأسد.
إعداد: زارا سيدا
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات حتى الآن