Erbil 28°C الجمعة 19 كانون الأول 23:13

دمشق وأنقرة "تخنقان" الحسكة ومليون مدني بدون ماء

دعوات لتحييد محطة علوك من الصراعات السياسية
Zagros TV

زاكروس عربية - أربيل

على إثر قطع فصائل ما يسمى "الجيش الوطني" التابع لـ "الاحتلال التركي" – وفق تعبير القانونيين- في سري كانيه/ رأس العين بكوردستان سوريا، قطع مياه محطة علوك، تصدر هاشتاغ #العطش_يخنق_الحسكة مواقع التواصل الاجتماعي في سوريا، وسط تجديد المنظمات الحقوقية والإنسانية الدعوات إلى تحييد المحطة من الصراعات السياسية من جهة، ومحاولات "الإدارة الذاتية" إيجاد بديل.

  • تضارب الأنباء

مع استمرار انقطاع المياه عن الحسكة لليوم الحادي عشر على التوالي ، نقلت وكالة الأنباء الرسمية السورية (سانا) مراسلها في المدينة أنه " بدأ التحرك باتجاه تشغيل المحطة التي تمت إعادة تزويدها بالكهرباء منذ الصباح (أمس السبت) ولكن عمليات الضخ لم تبدأ بعد"، مشيرة إلى  أن "الكهرباء وصلت إلى 9 آبار من أصل 30 بئراً في محطة علوك"، وعازت هذا التحرك إلى "الجهود الدبلوماسية السورية والدولية وحملة الضغط على النظام التركي".

فيما نقلت وكالة RT  الروسية عن مصدر في "الإدارة الذاتية" أنه تم تشغيل 25 بئراً من محطة الحمة بشمال غرب الحسكة، وأن العمل جار لإعادة المياه إلى المدينة خلال 72 ساعة. وسط جدلٍ بين السكان حول مدى صلاحية هذه المياه للاستخدام،  فيما نقلت إذاعة آرتا المحلية عن ‹الخبير في شؤون المائية أن المياه التي ستضخ من المحطة "صالحة للاستخدام المنزلي، يبقى أن يتم التأكد من صلاحيتها للشرب وهو ما سيتم معرفته يوم الاثنين (24 آب الجاري)".

وكان كريم محمود، رئيس مكتب اللجنة الدولية للصليب الأحمر في الحسكة: "بالنسبة لملايين الناس في شمال شرق سوريا، فإن عواقب القتال ونقص المياه والغذاء والأدوية ونقص الكهرباء والانكماش الاقتصادي وفقدان الوظائف وارتفاع الأسعار تشكل مصدر قلق مثل فيروس كورونا، إن لم يكن أكثر الآن"، وفق تقرير نشرته اللجنة الدولية للصليب الأحمر.

كما أشار تقرير لمنظمة سوريون من أجل الحقيقة والعدالة بعنوان  "تركيا: تكرار استخدام مياه “علوك” كسلاح خلال جائحة كوفيد 19 في سوريا"، إلى "استخدام المياه كسلاح وورقة ابتزاز ضد سكان شمال شرق سوريا"، ونوه التقرير أن القطع المتكرر للمياه يتم رغم  الاتفاقيات التي تمت بين روسيا وتركيا بشأن تشغيل المحطة.

  • حملات تضامن (وراء الأكمة ما ورائها)

اتسعت حملة التضامن مع مأساة قطع المياه عن الحسكة، وانضم إليها شخصيات من مشارب مختلفة وحملة توجهات سياسية مختلفة، كان من بينهم العديد من الفنانين السوريين الموالين للحكومة السورية، الذين عبروا عبر "تغريدات" في موقع التدوينات القصيرة "توتير" عن تعاطفهم مع المدينة.

الحملة أُطلقت عبر مواقع التواصل الاجتماعي واشترك فيها كل من الفنانة “أصالة نصري” والمطرب “ناصيف زيتون” والممثلين “سلاف فواخرجي” و”شكران مرتجى” و”ديما قندلفت” و”باسم ياخور” و”قصي خولي” والممثل اللبناني “باسم مغنية” وغيرهم.

كل هؤلاء الفنانين يعتبرون من الموالين للرئيس السوري بشار الأسد ومواقف الحكومة السورية، وحمل تضامن العديد منهم أبعاد سياسية بغطاء إنساني، وعلق الكاتب عبد العزيز سليمان مؤلف العديد من أجزاء مسلسل "باب الحارة": “لص حلب الشهير والعثماني الحقير قطع الماء عن الحسكة بفضل الثوار الكرام”، في إشارة إلى تحميل الجانب التركي ورئيسها المسؤولية عن قطع المياه، كما علق الفنان قاسم ملحو بنهفته المعتادة: “حسكة بعيون اللي عطشك”.

موقف لافت حمل اختصر الكثير من جوانب الصراع السياسي وفضح ادعاءات المتسلقين على عطش الحسكة، مساوياً بين قطع المياه وعمليات الحصار والتجويع التي تعرضت لها مدن سورية إبان "الثورة"، الموقف بدر من الممثل السوري المعارض “مكسيم خليل”  الذي "غرد" قائلاً: "لا تعنيني الأسباب ولا التوازنات ولا المعايير السياسية، ما يعنيني أن لا خلاف بينك وبين من حاصر مدناً وقطع عنها الطعام والشراب"، مضيفاً : «ما يعنيني أنك تعلم أن هذه الورقة لن تضغط إلا على من يبحثون عن لقمة عيشهم وسيبقى أسيادك يتناولون الطعام على مائدة واحدة ويتغنون بإنسانيتهم».

  • من المسؤول؟

في كل "جريمة" أو حادثة لا بد من فاعل مسؤول، وعلى رغم تعقد المشهد في كوردستان سوريا وتعدد الفاعلين في الأزمات فيها، تقاذف الموالون للحكومة السورية وروسيا من جهة والموالين للمعارضة بالإضافة إلى شخصيات من "الإدارة الذاتية"، تقاذفوا المسؤولية عن قطع المياه، كل يحاول تسجيل موقف سياسي لصالحه بإدانة الآخر . إلا أن الأوساط الكوردية المثقفة قرأت المسؤولية بعيداً عن حسابات التبعية للسياسيين.

الروائي الكوردي هيثم حسين علق أيضاً على تصدر هاشتاغ مواقع التواصل الاجتماعيّ في سوريا، وأشار في تدوينة له أن الهاشتاغ "يحمل نوعاً من التغييب للمجرم الحقيقيّ الذي يقوم بفعل التعطيش من أجل الابتزاز والإرضاخ"، مؤكداً أن "الأدقّ لو تتمّ تسمية المجرم بداية بالقول: الاحتلال التركيّ يخنق الحسكة عطشاً"، ونوه إلى أن "لا يفوتنا ونحن نلعن المحتلّين لسوريا أن نلعن النظام المجرم، من قبل ومن بعد، لأنّه أساس الكوارث التي حلّت وتحلّ بنا وببلدنا".

كذلك ذهب الكاتب محمد حبش كنو إلى أن  "الأسد يخنق الحسكة ..!!!!

هذه العبارة أجود من جملة العطش يخنق الحسكة لأن لُب المشكلة في الأسد ..!!!!

الأسد هو الذي سلم هذه المناطق لتركيا عبر تفاهمه مع قرني الشيطان تركيا وإيران برعاية الدب الروسي وكان من ضمن التفاهمات عدم تسمية الوجود التركي في سوريا بالاحتلال وهذه نقطة في غاية الأهمية ..!!!!".

  • مبادرات فردية

"كثير من الجعجعة حتى الآن تتصدر المشهد في مواقع التواصل الاجتماعي، فحري بمن يشعر بالمشكلة  أن يبحث عن حل قدر المستطاع، ولأن الحلول المستدامة تحتاج إلى مؤسسات وربما دول، ما الضير من الحلول المؤقتة وتأمين ما يخدم الناس" هكذا عبرت روان أم سارة من مدينة الحسكة لزاكروس عن ما يتصدر مواقع التواصل الاجتماعي من تعاطف.

 لتؤكد " نحن بحاجة إلى ماء ونشتريه مثل أي سلعة بأسعار متفاوتة في زمن كورونا، نحتاج أن يتحول تغيير صور البروفيلات واطلاق الحملات إلى أن تترافق مع بعض المساعدات المادية على مستوى الأفراد كل لذويه، فما هو قليل لدى المغترب يعني الكثير هنا".

مبادرة فردية  ربما هي اليتيمة إعلاناً حتى الآن، أطلق صاحب بئر ماء في قرية قريبة من الحسكة، فقد بادر أحد المزارعين ويدعى ريزان شيخكو بإعلان على موقع التواصل الاجتماعي ‹فيسبوك› فكتب:

"الاخوة واهلنا في الحسكة..

من يحتاج ماء للشرب في عندنا بيرين مي في قرية بيزارة ومولدة الكهرباء موجودة.

قرية بيزارة المسافة 15 كم عن المدينة.

أهلا وسهلا بكم".

بتاريخ 9 تشرين الأول/اكتوبر 2019، أعلن الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” بدء العمليات العسكرية التركية داخل الأراضي السوريّة، تحت اسم عملية “نبع السلام”، بمشاركة مباشرة من فصائل معارضة سوريّة مسلّحة منضوية تحت مسمّى “الجيش الوطني” التابع للحكومة السوريّة المؤقتة المنبثقة عن الائتلاف السوري المعارض، لتنتهي في  22  من الشهر ذاته ونتج عنها السيطرة على مدينتي سري كانييه/ رأس العين وكري سبي/ تل أبيض في كوردستان سوريا.

منذ ذاك التاريخ وللمرة الثامنة تقطع الفصائل تلك بأوامر من أنقرة المياه من المحطة، فيما يعتبره القانونيون انتهاكاً للقانون الدولي الإنساني الذي ينطبق على النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية، والذي تؤكد المادة (54) في البروتوكول الإضافي الأول؛ والمادة (14) في البرتوكول الإضافي الثاني على "حماية المواد التي لا غنى عنها من أجل بقاء المدنيين".

إعداد: زارا سيدا

كوردستان

التعليقات (0)

لا توجد تعليقات حتى الآن

الرد كضيف

هل ترغب في تلقي إشعارات؟
ابق على اطلاع بآخر أخبارنا وأحداثنا.