زاكروس عربية - أربيل
تحدث تحقيق صحفي نشرته جريدة "عنب بلدي" عن الصعوبات التي تواجه المتبقين من السكان الأصليين في مدينة عفرين وريفها بكوردستان سوريا، في الاحتفاظ بملكياتهم وحمياتها وسط سيل من الانتهاكات التي وثقتها المنظمات الحقوقية والقانونية السورية منها والدولية.
التقرير جاء بعنوان "استيلاء وانتفاع وإتاوات.. من يحمي حقوق الملكية في عفرين؟"، ونشر اليوم الأربعاء (22 تموز 2020)، وعرض قصصاً موثقة تتمحور حول الانتهاكات وجاء فيه أنه "تفرض الفصائل على الأهالي الكورد، ممن لم يغادروا المنطقة، دفع مبلغ عشرة آلاف ليرة سورية كضريبة شهرية على كل منزل، سواء أكان من يقطنه صاحبه أم مستأجرًا له"، وأشار التقرير نقلاً عن مصادره إلى أن "الضرائب والإتاوات شملت أيضاً الأراضي والمحاصيل الزراعية".
كما أكّد التقرير أن "الفصائل فرضت ضرائب تصل إلى آلاف الدولارات على محصول الزيتون، وأخذ مبلغ عشر ليرات سورية على كل كيلوغرام من ورق العنب يتم بيعه، فضلًا عن اعتبار المحاصيل الزراعية مباحة شرعًا في حال عدم وجود أصحابها في المنطقة"، ولفت إلى أن "الضرائب تُفرض في بعض الأحيان على الأغنياء الذين لم يغادروا المنطقة، دون توضيح أي أسباب، وأن آخرها وصل إلى فرض مبلغ 25 ألف دولار على شخصين من شيخ الحديد"، وأشارت مصادر التقرير إلى أن "أي شخص يتحدث عن أي انتهاك، أو ينتقد أيًا من هذه التصرفات على وسائل التواصل الاجتماعي، يتم استدعاؤه مباشرة من قبل قادة الفصائل للتحقيق معه، وفي حال وجوده خارج البلد أو المحافظة يتم التوجه إلى أفراد عائلته في المنطقة".
وسبق أن رصدت مواقع إعلامية كوردية استيلاء الفصائل المسيطرة في عفرين على مواسم الزيتون والسماق وأوراق العنب والكرز وغيرها من الأشجار المثمرة، إضافة إلى فرض إتاوات على معاصر الزيتون، ووثقت قطع أشجار من الغابات، وفرض إتاوة 15% على محصول ورق العنب، وعلى جميع عمليات الشحن. كما طالت عمليات الاستيلاء المحال التجارية رغم وجود بعض أصحابها، وقد تم استثمارها من قبل قادة الفصائل لمصلحتهم الشخصية، أو تأجيرها لنازحين من الغوطة الغربية بدمشق، باتوا يستثمرون نحو 60% من المحلات التجارية في مدينة عفرين.
عن الطرق التي يتم من خلالها الاستيلاء على العقارات في عفرين، أوضح “شيار” وهو أحد الشهود العيان في التقرير أن "بعض" العاملين في مجال تثبيت الملكيات العقارية بالمجالس المحلية، "يرفضون الاعتراف بالوثائق التي تم استخراجها خلال فترة سيطرة الإدارة السابقة، ويعترفون فقط بالأوراق الثبوتية الصادرة عن مؤسسات النظام السوري، دون غيرها من الوثائق "إلا بوجود صاحب العقار، وبشروط ومتطلبات تعجيزية”.
الشاهد ذاته أكد من خلال التقرير أنه علاوة على الفوضى المرتبطة بإثبات الملكيات، يضطر صاحب المنزل لدفع مبلغ قد يصل إلى 1000 دولار أميركي مقابل بقائه في منزله، وأنه يتعرض للابتزاز أو الخطف وطلب الفدية لاحقاً.
إلا أن رئيس المجلس المحلي في جنديرس، صبحي رزق، "نفى من جانبه وجود أي عمليات استيلاء على الملكيات العقارية في عفرين، أو فرض إيجارات شهرية على أصحاب المنازل والمحلات التجارية والأراضي الزراعية، طالبًا تقديم إثباتات على ذلك، ومؤكدًا استعدادهم للمساءلة" وفق الحقيق الصحفي لعنب بلدي.
كذلك أورد التحقيق حديث القاضي رياض علي، كوجهة نظر قانونية إلى الموضوع، فاعتبر أنه "لا يوجد أي أساس قانوني أو أخلاقي لإخراج العائلات السورية الموجودة في عفرين أو غيرها من المناطق التي دخلتها الفصائل المسلحة من منازلها وأراضيها".
وأشار القاضي في حديثه لعنب بلدي، إلى أن هذه التصرفات "لا يمكن اعتبارها أخطاء فردية، إذ إن عمليات الاستيلاء تتم بشكل ممنهج ومنظم، كون قادة الفصائل المسلحة المنضوية تحت مظلة “الجيش الوطني” لم يُحاسبوا العناصر الذين قاموا بالاستيلاء على المنازل، كما لم يصدر من رؤساء المجالس المحلية أي تعليمات أو أوامر لمنع تصرفات كهذه، بل على العكس هناك بعض الحالات التي اشترك فيها قادة الفصائل ورؤساء البلديات أنفسهم بذلك، عبر تحويل بعض المنازل الخاصة إلى مقار عامة، دون تقديم أي مبرر سوى أن مالكه قد تم تهجيره أو قتله أو إخفاؤه قسريًا، وعلاوة على ذلك فإن وزير الدفاع في “الحكومة المؤقتة”، وهو الرئيس الإداري الأعلى لـ ”الجيش الوطني”، لم يُحرك ساكنًا ولم يُصدر أي أمر بوجوب عدم ارتكاب مثل هذه الانتهاكات، ولم يُحاسب أيًا من مرتكبيها".
هذا وكانت منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” وثقت في تقرير لها ممارسات تضييق اقتصادي وترهيب تتبعها الفصائل العسكرية التابعة لـ “الجيش الوطني” بحق الأهالي في عفرين، تمثلت بتحكمها بمفاصل الحياة الاقتصادية من خلال سيطرتها على الحواجز مع المناطق الأخرى، والمعابر الحدودية مع تركيا، إلى جانب فرضها ضرائب وإتاوات على المنازل والأراضي والمحاصيل الزراعية والمحال التجارية، ومصادرة منازل مدنيين من الكرد بعد طردهم منها.
ونقلت المنظمة عن الأهالي اعتقادهم بأن السياسة المتبعة من قبل الفصائل هدفها دفع السكان الأصليين المتبقين إلى مغادرة المنطقة والنزوح.
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات حتى الآن