الفنان والإنسان الهادئ سعد فرسو الذي رافق ألحانه العذبة مسيرة مدينة قامشلو لخمسة عقود من الزمن، جلّها لأجل المضي بالإبداع الكوردي الأصيل رفقة بفطاحلة قامشلو من شعراء وفنانين، ليمتلئ جعبته بالنادر من الفن الأصيل، متشبثاً بمدينته التي لا يعيش فنه بمنأىً عنها، كالسمكة التي لاتعيش إلا في الماء، فن سعد فرسو لا يعيش إلا في قامشلو ، ومغادرته لقامشلو بمثابة هلاك لفنّه، الذي طالما منحه العناية في محل أشبه بكوخ حكيم في غابة نائية، التي قرأناها في روايات الأطفال، يستقطب كل جمال وإبداع جزراوي كوردواري ، ليتحول محله الصغير الى ملتقى رجال الأدب والفن، ومثقفين وشخصيات إجتماعية، يمضون فيه أثمن أوقاتهم في حانة سعد فرسو، كشاهدة على مسيرة قامشلو التراثية، هذه الحانة التي لاتقل عن أي معهد موسيقي، حيث تخرّج منها العشرات من الشباب والصبايا، ومنهم عازفون ماهرون بإشراف مدرسهم (الأستاذ سعد فرسو).
سعد فرسو الذي تخرّج من دمشق 1982 على يد عازف العود حبيب، ليعود الى قامشلو لإستكمال هدفه في المضي بنشر رسالته المنشودة.
شارك في مناسبات وطنية قومية عديدة ومهرجانات، وغنى من ألحانه الكثيرون، وتم تكريمه في محافل عدّة، ليؤسس اتحاد الفنانين الكورد في سوريا سنة 2006 وله تجارب عديدة في تأسيس اتحادات فنية منذ ثلاثين عام.
يقول الفنان فرسو عن الفن في الوقت الحاضرالذي يزدحم بالمشاغل، "يكثّف المهام على عاتق الفنان كممثل لشعبه في التعبير عن رأيه لما يدور حوله، يستدعي بذل جهوده كمهمة نضالية، لكن المشكلة تكمن هنا في الوقت الذي يهدر في سبيل تأمين المعيشة، في الحياة اليومية ، فالفنان جزء من هذا الشعب ويعاني ضعف ما يعانون العامة والذي يهدر الإبداع.
أما عن تحديد وتصنيف جودة الفن الذي يتدفق به الجيل الجديد، يقول الفنان فرسو :" في الوقت الحاضر يزدحم الإنتاج، وعلينا تصنيفها حسب جودتها في خدمتها للمتلقي، فنحن أمام أخطر ما يلحق بالفن ...وهي أدلجة الموسيقا والفن، لدينا الكثيرين من الفنانين يبذلون قصارى جهودهم للنأي خارج هذا الواقع( السئ) ، وهذا الذي ينخر ويهبط بالإبداع ، فالفنان كان يعبر عن مشاعره حراً، عما يجوب بنفسه، بينما في هذه الأيام فالفن يتعرّض للإستغلال بإلهاب مشاعر المصفقين ".
ويسرد الفنان سعد تجربته بمثال عن آخر لحن له ( موسيقا تصويرية مهداة الى مأساة عفرين)، أنه معزوفة دون كلمات حرصاً على عدم إنحيازها الى أية أدلجة.
ويضيف فرسو" ليس لدينا نحن الكورد خيار سوى الجبل، وإلهامي مقتبس من الجبال"، مؤكدا على أن الفن له دور أساسي بالتفاؤل ومنح الثقة وتشجيع الأجيال في هذه المرحلة العصيبة".
وينهي الفنان فرسو كلامه بمقطع من إحدى أغانيه" لا تلوموني فإن اليوم ليس بذاك الربيع .. لكن المستقبل يخبّئ الكثير من المفاجآت للشعب الكوردي".
رفعت حاجي
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات حتى الآن