فراس طلاس لزاكروس: الفيدرالية مخرج واقعي لحالة الاستعصاء السياسي في سوريا

زاكروس عربية – أربيل

قال المعارض السوري فراس طلاس إن التقارب الكوردي – الكوردي في سوريا "ضروري بذاته"، ووجده إلى جانب الحوار بين المكونات السياسية في مناطق شرق الفرات "لمهماً لمستقبل سوريا، لأنّه سيشكل النموذج لبقية المناطق والمكونات السورية"، مشدداً على أن جميع الأطراف السورية "مقتنعة بالفيدرالية كمخرج واقعي لحالة الاستعصاء السياسي"، وذهب في رؤيته أبعد من ذلك، حيث نوّه إلى أن قسد ماضية في المشروع الأميركي في كوردستان سوريا إلى "حيث مضى الرئيس مسعود بارزاني في كوردستان العراق، لا أكثر ولا أقل".

كذلك أشار طلاس في الحوار الذي أجرته زاكروس عربية معه اليوم الأحد (12 تموز 2020) إلى وجود" خط حوار مفتوح علناً بين قوات سوريا الديمقراطية والنظام السوري"، وإلى أن "العالم لن يقبل ببقاء تنظيم قاعدي على قيد الحياة"، وشدد على "عدم وجود" قواعد لحزب الله اللبناني في سوريا، فهي "قواعد إيرانية يتواجد فيها أو يديرها لبنانيون"، وأن "المصالح العربية تتقاطع في سوريا مع المصالح الاسرائيلية في إضعاف إيران". وذهب كذلك إلى أن "إسرائيل تمتلك واحدة من مفاتيح التأثير الهامة في بقاء أو إنهاء النظام".

أما اضطراب سعر صرف الليرة السورية وجده طلاس "غير مرتبط بقانون قيصر بشكل مباشر"، وأنه "مصمم للتأثير على المدى الطويل ويستهدف حلفاء وداعمي الأسد، من شركات روسية وصينية، وإجبارهم على قطع أي علاقة مع النظام".

فيما يلي النص الكامل للحوار:

زاكروس: سبق دخول قانون قيصر حيز التنفيذ ومن ثم إعلان القائمة الأولى للمشمولين بالعقوبات، تأرجح سعر صرف الليرة السورية. إلى أي مدى يمكن يكون أثر القانون عميقاً على استقرار اقتصاد النظام وكيف سينعكس على ممولي الأسد؟

 لا أعتقد أن اضطراب سعر صرف الليرة السورية مرتبط بقانون قيصر بشكل مباشر، لأسباب متعددة، أهمها أن هذا الانحدار بدأ منذ شهر آب من عام 2019، والقانون لم يدخل حيّز التنفيذ حتى منتصف حزيران 2020، والسبب الثاني أن قانون قيصر ببنيته الدقيقة لا يستطيع ولا يريد أن يحدث أثراً اقتصادياً سريعاً ومباشراً، بل هو قانون مصمم للتأثير على المدى الطويل، واستمرار هذا التأثير لزمن أطول.

وهو أيضاً يستهدف حلفاء وداعمي الأسد، من شركات روسية وصينية، وإجبارهم على قطع أي علاقة مع النظام السوري، وهو قانون أكبر بكثير من الاقتصاد السوري الضئيل.

زاكروس: بوادر أزمات اقتصادية بدأ تظهر خارج مناطق سيطرة النظام، رغم إعلان الأميركان وعلى لسان جيمس جفري أن تلك المناطق غير مستهدفة بقانون قيصر. كيف سيبدو تأثير قانون قيصر على تلك المناطق الخارجة عن سيطرة النظام؟

 الأميركان كانوا واضحين فيما يتعلق بالمناطق الخارجة عن سيطرة النظام، وقالوا إن العقوبات لا تطال من يتعاملون معها، إلا بقدر ما يمكن أن يتسلل من أموال وبضائع ومنتجات من هذه المناطق إلى مناطق النظام.

كلنا يعرف أن هناك معابر بين مناطق النظام والمناطق الخارجة عن سيطرته، سواءً الشمال الشرقي الذي تتسرب منه شحنات النفط والحبوب بشكل رئيسي، أو الشمال الغربي الذي تتسرب منه البضائع التركية من الدجاج المذبوح وحتى الألبسة وبسكويت الأطفال، وهناك تعاون وشراكة بين بعض القوى في هذه المناطق وبين قوى مرتبطة بالنظام، والفارق أن المهربين من طرف النظام لديهم مهمات وصفات رسمية ويعملون بالتنسيق معه، بينما قد لا يكون الأمر رسمياً في الطرف الآخر.

زاكروس: لم تبدِ معظم الدول العربية أي اعتراض على القصف الإسرائيلي المتكرر لقواعد حزب الله اللبناني والقوات الإيرانية والنظام في سوريا، أين تتقاطع المصالح العربية الإسرائيلية في سوريا؟

 تتقاطع المصالح العربية مع المصالح الإسرائيلية في نقطة واحدة وهي إضعاف إيران، وعدم السماح لها بالتمدد، وللتوضيح فإن إسرائيل ومنذ سنوات لم تقم ولا مرّة بضرب قواعد للنظام السوري، وعشرات العمليات الجوية والصواريخ الموجهة التي ضربتها في الأراضي السورية كانت تستهدف الوجود الإيراني بشكل دقيق، كما أنّه لا يوجد شيء اسمه قواعد لحزب الله، فهي قواعد إيرانية يتواجد فيها أو يديرها لبنانيون.

الدول العربية لم تكتف فقط بعدم الاعتراض على هذه الضربات، بل كانت راضية عنها، وربما عبرت بالطرق السرية والقنوات الخلفية عن ذلك. ولا داعي لتكرار العبارات التراثية عن عدو العدو وصديق الصديق، فهي تلخص هذه المعادلة بشكل دقيق.

زاكروس: الرسالة الأخيرة من رئيس الوزراء الإسرائيلي للأسد كانت نصيحة أو شرطاً ملزماً إذا أراد بقاء نظامه. إلى أي مدى تمتلك إسرائيل مفاتيح إنهاء نظام الأسد؟

 ربما تمتلك إسرائيل واحداً من مفاتيح التأثير الهامة في بقاء أو انهاء النظام السوري، ولكن السؤال المهم ليس هنا، بل في امتلاك النظام السوري القدرة على تنفيذ أو عدم تنفيذ الشرط الإسرائيلي الرئيسي، فهل يملك بشار الأسد القدرة على إخراج إيران من سورية مهما كانت رغبة بذلك؟ لا اعتقد، وبالتالي فأعتقد أن رسائل اسرائيل له تدخل في خانة الشروط التعجيزية.

زاكروس: ما تزال القمم الثلاثية بين الأصدقاء الفرقاء (تركيا وروسيا وإيران) تعقد وتتخذ قرارات تؤثر على تعقيدات الوضع في سوريا، في ضوء ذلك إلى متى يمكن أن يصمد وقف إطلاق النار في إدلب، وما هو مستقبل النصرة /هيئة تحرير الشام؟

ملف النصرة ملف معلّق وليس مغلق، هو ينتظر الوقت المناسب ضمن التعقيدات الدولية والميدانية، ولكن نهايته حتمية، والعالم لن يقبل ببقاء تنظيم قاعدي على قيد الحياة، ومسيطر على بقعة جغرافية هادئة في أي مكان في العالم، فما بالك أن يكون على أبواب أوروبا.

هيئة تحرير الشام تنظيم عليه حكم دولي بالإعدام، لكن تنفيذ حكم الإعدام مرتبط باختيار الوقت المناسب، واختيار من سيقوم بالتنفيذ.

زاكروس: تسعى روسيا إلى وضع قسد تحت ضغط متزايد عبر ابتزازها بالتهديدات التركية تارة أو السماح لقوات النظام بالتقدم في مناطقها وبأشكال أخرى، مستغلة ضبابية المشروع الأميركي في المنطقة. إلى أي مدى يمتلك الروس مشروعاً في شرق الفرات وما هي ملامحه إن وجد؟

 منذ أزمة خليج الخنازير عام 1961 حصل نوع من أنواع الاتفاق الإستراتيجي بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، ولم يتم خرقه ولا مرة واحدة.

شرق الفرات يخضع لقاعدة بسيطة، وهي أن روسيا لا تمد يدها إلى منطقة يتواجد فيها الأميركان إلا بموافقتهم وبالتنسيق معهم، وإذا ما حصل ونفّذت روسيا أي واحد من تهديداتها، فهذا لن يكون مشروعاً روسياً لشرق الفرات، بل سيكون تلقفاً لما قدمه لهم الأميركان، وعندها ستكون الولايات المتحدة قد غدرت بالكورد.

ولدي تعليق صغير على عبارة وردت في السؤال وتتكرر كثيراً، وهي ضبابية المشروع الأميركي، أنا اعتقد أن المشروع الأميركي ضبابي بالنسبة لنا وليس بالنسبة لهم، فدائما يظهر الأميركان وكأنهم لا يمتلكون مشروعاً، أو أن مشروعهم ضبابي، لكن مع الوقت نكتشف في النهاية أنهم يعرفون ما يفعلون، ولكن السياسة الأميركية لا تهتم كثيراً للكلام، وتعطي تصريحات وترسل إشارات واضحة، وتكون مناقضة تماماً لما يريدون أو لما ينوون فعله.

زاكروس: القوات الأميركية وسعت قبل أيام مطاراً عسكرياً في منطقة جل أغا/ اليعربية بريف الحسكة، وأدخلت معدات عسكرية ولوجستية إلى قواعد في مناطق سيطرة قسد. إلى أين ستمضي قسد في المشروع الأميركي بالمنطقة؟

 باختصار: إلى حيث مضى بارزاني في كوردستان العراق، لا أكثر ولا أقل.

زاكروس: كيف يمكن استشفاف مستقبل العلاقة بين قسد والنظام برعاية روسيا وكيف سيبدو موقف أميركا منها؟

 العلاقة بين قسد والنظام السوري يتم إدارتها من جميع الأطراف بطريقة سياسية محترفة، هناك خط حوار مفتوح علناً، هناك تفاهم على بعض النقاط، وخلاف على نقاط أخرى، هناك اعتراف من كل طرف بحجم الطرف الآخر واقعياً، هناك تبادل اقتصادي بحدود مضبوطة، هناك تنسيق عسكري في الحالات والمناطق الضرورية، أمّا بالنسبة للمستقبل فستكون العلاقة في إطار الحل السياسي الشامل لسورية، والشكل الذي سينتهي إليه هذا الحل.

زاكروس: ما تزال القوى الكوردية السياسية في سوريا باختلاف مسمياتها تجد في الفدرالية حلاً ممكناً لإنقاذ مستقبل وحدة البلاد والتعايش بين المكونات. كيف تقرأ مستقبل شكل الدولة السورية؟

 ليست القوى الكوردية فقط من يرى ذلك، فكرة الفيدرالية صارت في أذهان جميع الأطراف كمخرج واقعي لحالة الاستعصاء السياسي التي ترافق الأزمة السورية منذ ثلاث سنوات، وستكون هي الحل الذي يحقق مصالح جميع الأطراف. أرى سوريا في المستقبل دولة فيدرالية بجيش صغير، وحكومة مركزية ضعيفة.

زاكروس: استنهض التقارب الكوردي- الكوردي مشاريع المواجهة بين المكونات إلى الشارع السياسي، كيف تقرأ مخاوف المعارضين وإلى إي مدى يغمزون من قناة تركيا في هذه المخاوف؟

 التقارب الكوردي الكوردي ضروري بحد ذاته، وحالة الحوار بين المكونات السياسية في مناطق شرق الفرات مهم ليس لمستقبل الحركة السياسية الكوردية فقط، بل لمستقبل سوريا، لأنّه سيشكل النموذج لبقية المناطق والمكونات السورية.

بالطبع كلنا نعرف أن تركيا لا يمكن أن تستسلم للمشروع الكوردي، وستحاول تعطيل أي مشاريع ومحاولات تؤدي لوجود كوردي قوي على حدوها الجنوبية، وتؤدي لتقديم نموذج مغري للكورد في جنوب شرق تركيا، والقوى الكوردية تدرك ذلك، وتعرف أن هذا هو التحدي الكبير الذي يواجهها، والذي لا يمكن مقاومته إلا بالتنسيق والحوار والتقارب، ووضع مصالح الشارع في أول أولوياتها.

أخيراً أريد أن أقول عبر قناتكم، أننا كسوريين نطمح ونحلم بسوريا ديموقراطية تعددية مدنية، نؤمن بأن أخوتنا الكورد هم أحد المكونات الرئيسية للشعب السوري، ولا نكترث لكل كلام يصدر من هنا وهناك لتخويف بقية السوريين عن النزعة الانفصالية لدى بعض القوى الكوردية، ونعرف أن أخوتنا القادمين من القومية الكوردية، هم ذاهبون معنا إلى الوطنية السورية. الوطنية السورية التي تتسع للجميع وتحترم حقوق الجميع.